أوباما: معتقل غوانتانامو يهدد الأمن القومي الأميركي

حث الكونغرس على تخصيص «جلسة عادلة» للاستماع لخطته بشأن إغلاق المعسكر

أسوار معسكر «دلتا» في غوانتانامو.. وفي الإطار الرئيس الأميركي باراك أوباما (أ.ف.ب)
أسوار معسكر «دلتا» في غوانتانامو.. وفي الإطار الرئيس الأميركي باراك أوباما (أ.ف.ب)
TT

أوباما: معتقل غوانتانامو يهدد الأمن القومي الأميركي

أسوار معسكر «دلتا» في غوانتانامو.. وفي الإطار الرئيس الأميركي باراك أوباما (أ.ف.ب)
أسوار معسكر «دلتا» في غوانتانامو.. وفي الإطار الرئيس الأميركي باراك أوباما (أ.ف.ب)

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما أرسل، أمس، إلى الكونغرس طلبا لإغلاق السجن العسكري في قاعدة غوانتانامو في كوبا. ستكون هذه رابع مرة يطلب فيها أوباما ذلك، بعد أن كان وعد بإغلاق السجن خلال أول حملة انتخابية رئاسية له في عام 2008.
وحث أوباما الكونغرس أمس على تخصيص «جلسة عادلة» للاستماع لخطته بشأن إغلاق معتقل غوانتانامو، وقال إنه لا يريد أن يورث الملف إلى الشخص الذي سيخلفه في البيت الأبيض.
وأكد أوباما أمس أن معتقل غوانتانامو يشوه صورة الولايات المتحدة في الخارج ويهدد أمنها القومي، في أثناء عرضه خطة لإغلاقه. وقال أوباما في كلمة ألقاها في البيت الأبيض: «من الواضح منذ سنوات أن مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو لا يعزز أمننا القومي بل يهدده»، مؤكدا أن إغلاقه يرمي إلى «طي صفحة» من تاريخ الولايات المتحدة.
أمس، قال تلفزيون «سي إن إن» إن أوباما، إذا رفض الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري طلبه هذه المرة، سيصدر أمرًا تنفيذيًا بإغلاق السجن. وسيهدد أوباما باللجوء إلى المحاكم بحجة أن رئيس الجمهورية يجب أن يملك «حرية إصدار قرارات عسكرية يراها ضرورية لأمن الوطن». هذه المرة، استعان أوباما بالجنرالات العسكريين، وذلك لإقناع الكونغرس بان إغلاق السجن في القاعدة العسكرية في غوانتانامو «موضوع عسكري»، وأول من أمس، أرسل الجنرال ويليام مايفيل، مدير مكتب القيادة العسكرية المشتركة، خطابا إلى قادة الكونغرس لتعديل قانون منع إغلاق السجن.
فيما نقلت وكالة رويترز مقتطفات من الخطاب، وجاء فيها: «في الوقت الحاضر، يمنع القانون توفير أي ميزانية لنقل، أو إطلاق سراح، أو مساعدة في نقل المعتقلين في سجن غوانتانامو إلى الولايات المتحدة»، وأضاف: «لن تتخذ القيادة العسكرية المشتركة أي خطوة تعارض هذا القانون»، لكن الخطاب طلب «إعادة النظر» في القانون «بهدف خدمة وضع اعتبارات لخطط عسكرية طويلة المدى». من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيز: «تعتزم الإدارة الأميركية الوفاء بمهلة غايتها (أمس)، وترسل إلى الكونغرس اقتراحًا لإغلاق السجن». وأكد المتحدث انه لا يزال هناك 91 سجينا في غوانتانامو.
ونقلت وكالة رويترز، أمس، عن مسؤول أميركي قوله إن الخطة تدعو إلى إرسال المعتقلين الذين تمت الموافقة على نقلهم إلى دولهم، أو دول أخرى. ثم نقل بقية المعتقلين إلى سجون أميركية فيها حراسة مشددة. وإن هناك خيارات أخرى، منها إمكانية إرسال معتقلين إلى دولهم لمقاضاتهم ومحاكمتهم هناك.
لم يحدد البنتاغون أسماء سجون محددة، لكن أخبارًا نُقلت بأن عسكريين زاروا سجونا من بينها السجن الاتحادي في كولورادو سبرنغ (ولاية كولورادو)، والسجن العسكري في فورت ليفينورث (ولاية كانساس) وسجن البحرية الأميركية في ديلاجون (ولاية نورث كارولينا).
في حين سيسعى الجمهوريون إلى استخدام القانون لمنع أي خطوة أحادية الجانب من قبل البيت الأبيض، يقوم من خلالها بنقل السجناء إلى الأراضي الأميركية مستخدمًا سلطته التنفيذية. وقالت الحكومة الأميركية إنها أرسلت 50 سجينًا إلى بلادهم الأصلية، ووزعت 94 سجينا آخر على 26 دولة أخرى، اثنان منهم سيحاكمون في إيطاليا.
يذكر أن أكثر الدول التي استقبلت هؤلاء السجناء حتى اللحظة، هي سلطنة عمان، إذ استقبلت 20 سجينًا ممنوعين من الدخول إلى بلادهم الأصلية، كما أعيد أربعة سجناء سعوديين إلى بلادهم. ويذكر أيضًا، أن أكثر من نصف السجناء الذين لا يزالوا محتجزين هم يمنيو الجنسية، ولكن الحكومة الأميركية ممنوعة من إرجاعهم إلى بلادهم بسبب الحرب الأهلية المندلعة في البلاد، ووجود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هناك، الذي انضم إليه ثلاثة من السجناء المفرج عنهم من غوانتانامو.
وفي الشهر الماضي، أكد البنتاغون إعلان حكومة غانا إنها قبلت اثنين من اليمنيين الذين كانوا معتقلين في غوانتانامو.
ودون إعلان تفاصيل، قال بيان البنتاغون: «اتفقنا (مع حكومة غانا) على ضمانات أمنية (حتى لا يعود الرجلان إلى العمل الإرهابي)». وقال البيان إن الرجلين هما: محمد عمر محمد بن عاطف، وخالد محمد صالح الدهوبي. وأضاف البيان أن الولايات المتحدة «ممتنة لحكومة غانا على مبادرتها الإنسانية، وعلى رغبتها في دعم الإجراءات الأميركية نحو إغلاق سجن غوانتانامو».
في ذلك الوقت، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الدهوبي عاش طوال حياته في السعودية، لكنه يحمل الجنسية اليمنية. ويعتقد أنه كان عضوا في تنظيم القاعدة، وتدرب في معسكر للجهاديين في أفغانستان. ويعتقد، أيضا، أنه شارك في عمليات عسكرية ضد قوات التحالف في أفغانستان.
وكان محمد عاطف، وهو يمني أيضًا، مقاتلا في حركة طالبان، وقاتل في كتيبة كانت تابعة لأسامة بن لادن، مؤسس وزعيم القاعدة. وشارك، أيضًا، في عمليات عسكرية ضد قوات التحالف في أفغانستان.
في العام الماضي، أطلق البنتاغون سراح خمسة من معتقلي غوانتانامو، وكلهم مواطنون يمنيون. وقال البنتاغون، في ذلك الوقت، إنهم سيرحلون إلى الإمارات العربية المتحدة «بعدما تأكد أنهم لا يمثلون أي خطر»، وهم: علي أحمد محمد الرازحي، خالد عبد الجبار محمد عثمان القداسي، عادل سعيد الحاج عبيد البسيس، سليمان عوض بن عقيل النهدي، فهمي سالم سعيد العساني.
كان كل واحد من المعتقلين الخمسة قضى ثلاثة عشر عاما في السجن، دون أي تهمة لأي واحد منهم، غير التهمة العامة كانت أنهم «معتقلون أعداء». ووسط انقسام داخل الولايات المتحدة حول الموضوع، ظل أوباما يتعرض إلى نقد عالمي واسع بسبب غوانتانامو. وكانت الأمم المتحدة أدانت الاعتقالات هناك. وفي العام الماضي، طلبت منظمة الأمن والتعاون الأوروبية من الحكومة الأميركية إغلاق السجن. وقالت، في بيان شديد اللهجة، إنه يجب «إطلاق المعتقلين، أو محاكمتهم»، وأشار البيان إلى أقوال قانونية باسم كثير من المعتقلين عن تعرضهم للتعذيب، وعن «معاملات وحشية، وغير إنسانية، ومهينة».
ويكرر البنتاغون أن بعض المعتقلين «لا يمكن الإفراج عنهم لأنهم خطرون للغاية»، لكن صار واضحًا أن البنتاغون لا يملك أدلة يمكن استخدامها في المحاكم المدنية أو العسكرية. في الوقت نفسه، تستمر إجراءات محاكمة متهمي هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 أمام محكمة عسكرية.
في عام 2002، تأسس سجن غوانتانامو في عهد الرئيس السابق جورج بوش الأب لحجز المعتقلين في الحرب في أفغانستان، ثم في حروب أخرى ضد الإرهاب. وكان العدد الأعلى للمعتقلين هو 684 معتقلا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.