ودعت الحياة الثقافية المصرية الروائي علاء الديب أحد كتابها المحبوبين ومن أبرز حراس ضميرها الثقافي، والذي غيبه الموت أمس عن عمر يناهز 77 عامًا، بمستشفى القوات المسلحة بضاحية المعادي، حيث كان يعالج من أزمة صحية حادة، أدخل على إثرها المستشفى منذ فترة.
وشيع لفيف من المثقفين والكتاب ومحبي الكاتب الراحل جثمانه إلى مقابر الإمام الليثي في الخليفة، بعد صلاة الجنازة عليه بمسجد السيدة عائشة جنوب القاهرة.
تقدم الجنازة الكاتب الصحافي حلمي النمنم، وزير الثقافة، والدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق والفنانان محمود حميدة وعمرو يوسف، والقاص سعيد الكفراوي، كما حضرها عدد من الشعراء والكتاب والصحافيين والإعلاميين.
عاش علاء الديب حياته في صمت، بعيدًا عن صخب الأضواء والثرثرة والتزيد، وظل حتى أيامه الأخيرة حريصًا على التواصل مع قرائه وجمهوره، من خلال نافذته الصحافية الشهيرة «عصير الكتب» بمجلة صباح الخير، والذي قدم من خلالها قراءات واعية ومحفزة لأعمال عدد من الكتاب، وقضايا النقد والثقافة بشكل عام.
ولد صاحب رواية «زهر الليمون» في حي المعادي بالقاهرة عام 1939، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة. وعلى نحو خاص ثلاثيته الروائية والتي جسد من خلالها غربة أسرة مصرية تنتمي إلى الطبقة المتوسطة؛ وفي إطار إنساني يتسم بالعمق والنفاذ، حيث تنعكس الغربة بثقلها وظلالها على المكان والنفوس والأحلام والعواطف والمشاعر الإنسانية. تتبع في الرواية الأولى «أطفال بلا دموع» سيرة الأب منير فكار، أستاذ الأدب العربي، في الجزء الأول، ثم في الجزء الثاني، رواية «قمر على المستنقع» تتبع سيرة الأم، سناء فرج، في الجزء الثالث والتي تمثله رواية «عيون البنفسج» رصد سيرة حياة الابن تامر فكار، الشاعر الذي ينتمي لجيل التسعينات.
انعكست هذه الحيوية السردية، وأصبحت ملمحا خاصًا في معظم كتابات علاء الديب الأخرى خاصة، روايتيه، «زهر الليمون»، والتي يجسد بطلها انكسار جيل الستينات من المثقفين المصريين. وامتد صراع الانكسار والنهوض إلى روايته «أيام وردية»، وأيضًا أعماله القصصية ومن أبرزها «الحصان الأجوف، والمسافر الأبدي، وصباح الجمعة».
وانعكس مزاج الكاتب الإنساني المدافع عن قيم الحرية والحق والعدل والحب، في كتابه الشهير «وقفة قبل المنحدر.. من أوراق مثقف مصري»، وهو سيرة ذاتية اختصر فيها 30 عامًا من الثورة والأحلام والحروب والهزائم.
وعرف الفقيد في أوساط المثقفين بـ«حارس الضمير الثقافي»، وكان يرفض تقنين المبدع في إطار أو معين. كما نفر من أن ينضوي إبداعه تحت مظلة المدارس الأدبية المستوردة من الغرب.
هذه الروح التي تعتد بالتحرر والاستقلالية انعكست أيضا على بعض المؤلفات الأجنبية التي قام علاء الديب بترجمتها إلى العربية، ومنها مسرحية «لعبة النهاية»، صموئيل بيكيت، و«امرأة في الثلاثين»، وهي مجموعة قصص مختارة من كتابات هنري ميلر، «عزيزي هنري كيسنجر»، بقلم الصحافية الفرنسية دانيل أونيل ع، وهو عبارة عن كتابات متنوعة عن شخصية السياسي والدبلوماسي الأميركي الشهير هنري كسينجر، كما ترجم كتاب «الطريق إلى الفضيلة»، للحكيم الصيني لا تسيو.
وشارك علاء الديب مع المخرج شادي عبد السلام في كتاب حوار فيلم «المومياء» الشهير، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2002.
رحيل الكاتب علاء الديب.. أحد حراس الضمير الثقافي في مصر
صاحب «زهر الليمون» و«أطفال بلا شوارع» وزاوية «عصير الكتب»
رحيل الكاتب علاء الديب.. أحد حراس الضمير الثقافي في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة