التوتر العرقي بساوث كارولاينا الجنوبية يهيمن على أجواء الانتخابات التمهيدية في

تطغى عليها ذكرى مقتل مصلين سود داخل كنيسة.. وشاب ملون من طرف شرطي أبيض

أحد المحاربين القدامى في الكتيبة الثانية بولاية ساوث كارولاينا بجانب علم الكتيبة عشية مؤتمر الحزب الجمهوري في الولاية (أ.ف.ب)
أحد المحاربين القدامى في الكتيبة الثانية بولاية ساوث كارولاينا بجانب علم الكتيبة عشية مؤتمر الحزب الجمهوري في الولاية (أ.ف.ب)
TT

التوتر العرقي بساوث كارولاينا الجنوبية يهيمن على أجواء الانتخابات التمهيدية في

أحد المحاربين القدامى في الكتيبة الثانية بولاية ساوث كارولاينا بجانب علم الكتيبة عشية مؤتمر الحزب الجمهوري في الولاية (أ.ف.ب)
أحد المحاربين القدامى في الكتيبة الثانية بولاية ساوث كارولاينا بجانب علم الكتيبة عشية مؤتمر الحزب الجمهوري في الولاية (أ.ف.ب)

قبل يومين على موعد الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية كارولاينا الجنوبية، وبعد مرور ثمانية أشهر على مقتل مصلين سود داخل كنيسة في تشارلستون، لا يزال التوتر العرقي ملموسا في هذه الولاية، رغم مزاعم المرشحين بأنها تخطت المأساة بنجاح. ويفترض أن تبرز الانتخابات التمهيدية الأولى في الجنوب مدى قدرة الولاية على التحمل بعد المأساة الأخيرة، والجهود المبذولة من أجل إزالة أي رموز من شأنها زيادة الحقد العرقي، وخصوصا علم الكونفدرالية إبان الحرب الأهلية الأميركية، التي تذكر بمعاناة الملونين في أميركا. وبدلا من ذلك، يؤكد سكان من جانبي الخلاف السياسي والعرقي أن الضغوط، وسوء التفاهم والعدائية، كلها عوامل زادت مع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح للحزب الجمهوري عن الولاية.
وفي هذا الصدد يقول أنتوني سكوت، الذي قتل شقيقه والتر برصاص شرطي أبيض، أطلق النار عليه من الخلف بنورث تشارلستون خلال أبريل (نيسان) الماضي، في قضية أثارت صدمة في البلاد، وأبرزت مدى العنف لدى الشرطة، إن «قلوب الناس لم تتغير، والمرشحين الجمهوريين يتجاهلون السود إلى حد كبير، ويفضلون كسب تأييد القاعدة التقليدية في الولاية، التي تصوت لصالح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية.. لكنني لا أرى أنهم يبذلون أي جهد»، في إشارة إلى الجمهوريين.
وعقد دونالد ترامب، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، ومنافسه الأبرز تيد كروز، تجمعات انتخابية الثلاثاء، لكن عدد المشاركين السود فيها كان قليلا أو شبه منعدم. فيما عبر عدد من السكان خلال سلسلة من المقابلات أجريت في مختلف أنحاء الولاية عن قلقهم بأن الجمهوريين يسعون لكسب تأييد الناخبين البيض، بينما يتنافس المرشحان الديمقراطيان هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز بشدة على أصوات السود في الانتخابات التمهيدية لحزبهما المقررة بعد أسبوع.
وأظهرت استطلاعات الخروج من مراكز الاقتراع أن 55 في المائة من الناخبين الديمقراطيين في كارولاينا الجنوبية سنة 2008 كانوا من السود. ومع أن نسبة الملونين في الولاية تنحصر في 28 في المائة، إلا أن لديها فقط ممثلا واحدا عنهم، وهو ديمقراطي من أصل سبعة نواب في مجلس النواب، وآخر جمهوري في مجلس الشيوخ.
وفي يوليو (تموز) الماضي شكل قيام الحاكمة الجمهورية نيكي هيلي بإزالة علم الكونفدرالية من أحد المباني الحكومية، بعد أسابيع على قيام شاب أبيض بقتل تسعة مواطنين سود داخل كنيسة، لحظة فارقة للعلاقات العرقية في الولاية. إلا أن الولاية ذات التقاليد الإنجيلية الراسخة كانت بمنأى من المظاهرات العنيفة التي شهدتها مدن أميركية أخرى لأسباب عرقية.
وحول هذه النقطة بالذات تساءل السيناتور المرشح ماركو روبيو خلال تجمع انتخابي في بوفورت يوم الثلاثاء «لماذا لم يحصل الأمر هنا؟ لأن الكنيسة هي قلب هذه الولاية. ولذلك فعندما تقع مثل هذه المآسي المروعة فإن الكنيسة تكون في صلب تحرك الولاية»، مشيرا إلى أن إزالة هيلي للعلم المثيرة للجدل كانت في محلها.
وأشاد مرشحون آخرون، ومن بينهم جيب بوش، بهيلي التي أعلنت مؤخرا تأييدها لروبيو. إلا أن إزالة العلم التي أشاد بها الرئيس باراك أوباما لم تلق تأييد الجميع، إذ قال سكوت إن هذه الخطوة «زادت من الشعور بالمرارة لدى البعض». ومن ضمن هؤلاء روليس سميث، العضوة في جمعية قدامى أبناء الكونفدرالية، التي تقول إنها تحافظ على إرث الحرب الأهلية، والتي يقارب عدد أعضائها 3500 شخص في كارولاينا الجنوبية.
ومع أن سميث أكد معارضته الشديدة لإطلاق النار في الكنيسة، إلا أنه شدد على أن «التوتر العرقي موجود لأن أشخاصا يأتون من الخارج إلى الجنوب لإثارة المشاكل ويفرضونها علينا».
إلا أن القس آيزاك هولت من الكنيسة التبشيرية المعمدانية في نورث تشارلستون يخالفه الرأي بقوله «الناس في الخارج يرون كارولاينا الجنوبية كما هي، بينما نحن هنا نغض النظر عن الوضع.. والسياسة هي وراء انقسام الأميركيين لأن قلة من الأثرياء من الديمقراطيين والجمهوريين المنقطعين عن مشاغل الحياة اليومية للسود والبيض هم من يتحكمون بها».
من جهته، شدد سميث على أن أوباما وراء توتر الأجواء السياسية وليس ناشطي جمعية الإرث الكونفدرالي، وختم قائلا: «إنه يحاول استغلال المشاكل العرقية، لكن ذلك يلحق الأذى أكثر مما يصلح الأمور».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.