البنتاغون يشكك بمقتل بلمختار

بعد عام من إعلان مقتل زعيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»

مختار بلمختار زعيم «القاعدة»
مختار بلمختار زعيم «القاعدة»
TT

البنتاغون يشكك بمقتل بلمختار

مختار بلمختار زعيم «القاعدة»
مختار بلمختار زعيم «القاعدة»

بعد قرابة عام من إعلان قتله، قال مسؤولون في البنتاغون إن الجزائري مختار بلمختار، زعيم «القاعدة» في الصحراء الكبرى، ربما لم يقتل. وأمس، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» على لسانهم، دون أن تسميهم أو تسمي وظائفهم، أن المسؤولين في قيادة العمليات الخاصة المشتركة (جى إس أو سي)، التي تتكون من عسكريين واستخباراتيين، وتتعقب الإرهابيين، «كانوا متيقنين من أنهم عثروا على (الرجل الذي لا يمكن الإمساك به)»، إشارة إلى الكنية التي أطلقوها عليه بسبب طول فترة تعقبه. ويسمونه، أيضا، «الأعور»، بسبب جرح أصيب به عندما كان يقاتل في أفغانستان.
في الربيع الماضي، أعلنت قيادة العمليات المشتركة قتل بلمختار بينما كان في مزرعة بالقرب من مدينة أجدابيا في شرق ليبيا. في ذلك الوقت، قالت القيادة إنها كانت في حالة تأهب قصوى لعدة أيام وهي تتابع تحركات بلمختار. وعندما ألقت طائرة «إف 15»، كانت تحمل قنابل وزن الواحدة منها 500 رطل، قنبلة، «قضت على المزرعة، وقتلت خمسة مسلحين على الأقل».
لكن، حسب ما نشرت «واشنطن بوست» أمس، لم يعد المسؤولون متأكدين مما إذا كان بلمختار قُتل فعلا في تلك العملية. وقالت الصحيفة: «مع استعداد أوباما لإنهاء فترته الرئاسية، تزيد الشكوك حول محدودية المعلومات الاستخباراتية التي أصبحت السمة المميزة لرده على تهديدات المسلحين في الخارج»، وأضافت: «مثل هذه النتائج غير الحاسمة ربما ستصبح أكثر انتشارا إذا واصل الرئيس المقبل استراتيجية أوباما لمكافحة الإرهاب نفسها، وهي الحد من انتشار القوات الأميركية، واستبدال غارات العمليات الخاصة والضربات الجوية به».
عندما أعلن خبر قتل بلمختار، تضاربت التصريحات. قال الكولونيل إدوارد توماس، الناطق باسم الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إن طائرات أميركية ضربت موقع بلمختار في ليبيا، وإن المسؤولين «يقيمون النتائج»، ثم قال مسؤول عسكري أميركي إن بلمختار «ربما نجا» من الضربة، وإن الضربة لم تكن الأولى، ثم أكد بيان أصدرته حكومة ليبيا المعترف بها دوليا قتل بلمختار وآخرين. ثم قال ألستير باسكي، متحدث باسم البيت الأبيض، إن بلمختار «ليس جزءا من الصراع في ليبيا» بين الحكومتين المتعاركتين هناك. وأضاف: «لا تزال الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء الوجود المتزايد في ليبيا للإرهابيين، مما يهدد الليبيين أنفسهم بصورة مباشرة، ويسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى حل سياسي للصراع الدائر هناك».
حسب وكالة الصحافة الفرنسية ومصادر أخرى، اسمه الكامل هو: المختار بن محمد بلمختار، وكنيته أبو العباس، وولد في الجزائر في سنة 1972، وكانت وظيفته «أمير منطقة الصحراء» في «الجماعة الإسلامية المسلحة»، ثم في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، ثم «أمير كتيبة الملثمين» في تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، حيث أسس «كتيبة الموقعين بالدماء».
نشأ في غرداية، في الجزائر، ومع بدايات التزامه الديني، تابع أخبار «الجهاد الأفغاني» و«لم يكن له هدف سوى الهجرة والجهاد في أفغانستان». وفعلا، وصل إلى هناك سنة 1995، وهناك تدرب على كثير من العلوم العسكرية، وتعرف على كثير من القادة في «القاعدة»؛ منهم: خطاب، وأبو ثابت المصري، وأبو بنان الجزائري، وأبو معاذ الخوستي، وأبو قتادة، وأبو محمد المقدسي، وأبو طلال القاسمى.
أثناء وجوده في أفغانستان أصيب في عينه اليسرى بشظية قذيفة، لهذا، لُقب في وسائل الإعلام بـ«الأعور».
خرج بلمختار من أفغانستان أواخر التسعينات، وعاد إلى الجزائر لينضم إلى الجماعات الإسلامية هناك. وعاد إلى مسقط رأسه، وأسس «كتيبة الشهادة»، وهي الكتيبة التي امتد نشاطها إلى كل مناطق الصحراء والساحل، وهي التي قامت بعمليات عسكرية على أهداف جزائرية وأجنبية منها قتل خمسة أوروبيين يعملون مع شركة نفط أميركية. هذه هي العملية التي جعلت العسكريين والاستخباراتيين الأميركيين يتعقبونه.
وظل يواصل نشاطاته المتطرفة العنيفة؛ ومنها بيان جاء فيه: «إنّ المنطقة الصحراوية منطقة سنية وسلفية؛ عقيدة، ومنهجا، وسلوكا... إنها تعتبر الطّاغوت كافرا مرتدا. ولا بد أن تجري عليه أحكام أهل الردة. لا حوار، ولا صلح، ولا هدنة معه. القتال هو السبيل الوحيد لإقامة الخلافة الراشدة على منهج النبوة..».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.