مقتل 5 أشخاص في اشتباكات داخل مخيم للمدنيين في جنوب السودان

بعثة الأمم المتحدة: الاعتداء على المخيم قد يرتقي إلى جريمة حرب

مقتل 5 أشخاص في اشتباكات داخل مخيم للمدنيين في جنوب السودان
TT

مقتل 5 أشخاص في اشتباكات داخل مخيم للمدنيين في جنوب السودان

مقتل 5 أشخاص في اشتباكات داخل مخيم للمدنيين في جنوب السودان

قتل سبعة أشخاص وأصيب 30 آخرون، خلال مواجهات قبلية داخل مخيم تابع لبعثة الأمم المتحدة في مدينة ملكال، عاصمة ولاية شرق النيل، فيما أدانت البعثة الدولية الأحداث الدامية التي شهدها مقرها لحماية المدنيين ليلة أمس بين شباب قبائل متناحرة.
وقال شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن أفرادا من القوات الحكومية دخلوا المخيم التابع لبعثة الأمم المتحدة في مدينة ملكال، إثر وقوع مواجهات بين المواطنين المقيمين داخل مقر البعثة، مؤكدين أن شجارا وقع بين مجموعة من المقيمين داخل المخيم المخصص لحماية المدنيين منذ اندلاع الحرب، التي استمرت قرابة العامين على خلفية إغلاق الجيش الحكومي الطريق الرابط بين منطقة «واو شلك»، غرب المدينة، ومقر بعثة الأمم المتحدة. وأوضح الشهود أن إغلاق الطريق أدى إلى ارتفاع أسعار السلع وتذمر المواطنين في المخيم، وأن أفرادا تابعين للجيش الشعبي (القوات الحكومية) تسللوا إلى المعسكر، وأطلقوا النار بصورة عشوائية على المواطنين منذ ليلة أول من أمس، واستمروا في إطلاق النار حتى صبيحة أمس.
وذكر شاهد عيان من مقر البعثة الدولية أن مجموعة تابعة إلى القوات الحكومية تسللت إلى المخيم وقامت بإطلاق النار، مما أدى إلى مقتل سبعة مواطنين وجرح 38 آخرين، وإحراق جزء من المباني السكنية التابعة للمخيم بعد فرار المواطنين منها بسبب إطلاق النار، مضيفا أن حالة بعض المصابين خطرة، وأن المخيم «ما زال يشهد توترا أمنيا بعد فشل القوات التابعة لبعثة الأمم المتحدة في السيطرة على الأوضاع بسبب عمليات إطلاق النار العشوائي».
من جهتها، أدانت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أحداث العنف التي شهدها مقر الحماية التابع لها في مدينة ملكال بين شباب تابعين لقبيلة الدينكا، كبرى قبائل البلاد، وقبيلة الشلك. وناشدت في بيان جميع الأطراف المتنازعة ضبط النفس والتزام الهدوء. وقالت في بيانها إنها تريد أن تنبه جميع الأطراف، بما فيها القوات الأمنية، إلى أن المساس بالمواطنين داخل المخيم الخاص بالبعثة وممتلكاتها قد يرتقي إلى جريمة حرب.
وكانت البعثة الدولية قد وفرت الحماية لأكثر من 48 ألفا من المدنيين، الذين لجأوا إليها بعد اندلاع المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، بزعامة رياك مشار في أواخر سنة 2013، وتم توقيع اتفاق سلام بين طرفي الحرب في أغسطس (آب) 2015. وقد تمت مؤخرا إعادة مشار إلى منصبه كنائب أول لرئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.