الانتخابات الرئاسية في أوغندا تنطلق على وقع التذمر والاحتجاجات

الاستطلاعات ترجح فوز الرئيس موسيفيني.. وواشنطن تبدي قلقها من أجواء الاقتراع

الانتخابات الرئاسية في أوغندا تنطلق على وقع التذمر والاحتجاجات
TT

الانتخابات الرئاسية في أوغندا تنطلق على وقع التذمر والاحتجاجات

الانتخابات الرئاسية في أوغندا تنطلق على وقع التذمر والاحتجاجات

توجه مواطنو أوغندا أمس إلى مراكز الاقتراع لاختيار نوابهم ورئيسهم، فيما يعتبر يووري موسيفيني المنتهية ولايته الأوفر حظا في مواجهة معارضة منقسمة على نفسها، لكن العملية الانتخابية تعثرت في كمبالا بسبب تأخر كبير حمل عددا من الناخبين على التعبير عن نفاد صبرهم بالاحتجاجات.
وفتحت مكاتب الاقتراع، البالغ عددها 28 ألفا في كل أنحاء البلاد، في الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي. لكن بعضها في العاصمة لم يفتح أبوابه إلا بعد خمس ساعات على الموعد المحدد لأن المعدات الانتخابية لم تكن قد وصلت بعد، حسبما ذكر مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية. وعمد الناخبون الذين ثارت ثائرتهم إلى تحطيم الطاولات ورميها على رجال الشرطة، التي استدعت تعزيزات مسلحة وعناصر من فرقة مكافحة الشغب، حسبما قال المصدر نفسه. كما كان دخول شبكة الإنترنت صعبا على غير العادة في كمبالا، حيث أعرب عدد كبير من الأشخاص عن تذمرهم من صعوبة دخول شبكات التواصل الاجتماعي، مثل «الفيسبوك» و«الواتساب»، لكن المواطنين التفوا على هذه المشكلة بفضل برامج أخرى.
وقال الناخب ماريوس نكاتا معبرا عن تذمره من الأجواء التي سادت الانتخابات: «إننا لا نصوت.. لقد جاء الناس إلى هنا منذ الصباح الباكر ولم يحصل شيء. نعرف أن ما يحصل إنما هو عن سابق تصور وتصميم. فلا أحد يؤيد موسيفيني، وهو يعرف ذلك».
وإزاء هذا الوضع اعتذرت اللجنة الانتخابية عن التأخير على شبكة «تويتر»، إذ قال المتحدث باسمها جوثام تاريموا: «لقد بدأ التصويت في كل أنحاء البلاد كما يتبين من التقارير التي تصلنا، لكن حصل بعض التأخر في بعض مراكز الاقتراع بسبب مشكلات لوجيستية تمت معالجتها».
وسيختار الناخبون في أوغندا 290 نائبا، ويقررون في هذه الانتخابات ما إذا كانوا سيجددون أم لا للرئيس موسيفيني (71 عاما) الذي يتولى الحكم منذ 30 عاما، والذي يسعى إلى ولاية خامسة من خمس سنوات، في مواجهة المرشحين السبعة الآخرين. ومن المقرر أن تصدر نتائج الانتخابات في غضون 48 ساعة.
وتتوقع استطلاعات الرأي من الدورة الأولى وبـ51 في المائة من الأصوات، فوز رئيس الدولة الذي ما زال يتمتع بشعبية كبيرة في الأرياف، ويستفيد من القدرات المالية والخبرة الانتخابية لحزبه «حركة المقاومة الوطنية». لكن المعارضة التي لم تتفق على مرشح موحد، إلا أنها تأمل في أن تدفع به إلى دورة ثانية غير مسبوقة في هذا البلد المحصور في شرق أفريقيا، والذي لم يشهد أي انتقال سياسي سلمي منذ استقلاله في 1962.
ويعتبر كيزا بيسيغي المعارض التاريخي، وأبرز منافسي موسيفيني، قادرا على الفوز بالانتخابات، حتى لو أنه في خسر في الدورة الأولى في آخر ثلاثة انتخابات (2001 و2006 و2011). وقد قال يوم الثلاثاء، إن «هذه الانتخابات لا يمكن أن تكون حرة ونزيهة، لكن هذا لا يعني أننا لا يمكن أن نفوز بها».
وكان بيسيغي رئيس «منتدى التغيير الديمقراطي»، وطبيب موسيفيني الخاص أيام المقاومة، والذي كان أيضًا وزيرا مرات عدة، أكد أنه لن يترشح بعد الآن، معتبرا أنه من المتعذر إجراء انتخابات نزيهة، لكنه ما لبث أن غير رأيه، وهو يتمتع بشعبية حقيقية، خاصة في المدن ولدى الشبان ضحايا البطالة الكثيفة. لكن لا تتوافر لديه موارد «حركة المقاومة الوطنية» التي يتهمها كثيرون بالمحاباة.
أما المرشح أماما مبابازي، الذي كان رئيسا للوزراء بين 2011 و2014 قبل أن يخسر ثقة الرئيس ويعزل، فيشكل هو الآخر التهديد الثاني لموسيفيني. لكن قربه سابقا من السلطة يشكل عائقا أمامه، حسب مراقبين.
وسبقت الانتخابات عمليات اعتقال مؤقتة لمرشحي المعارضة الرئيسيين، بالإضافة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد وسائل الإعلام.
وفي هذا السياق، أعرب المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر عن «قلق واشنطن العميق» من أن مثل هذه القيود المفروضة على تجمع المواطنين تصعد من حدة التوترات في جو الانتخابات المتوتر بالفعل.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.