مخاوف حول جاذبية هونغ كونغ الاستثمارية بفعل «سطوة» بكين

يتمتع الإقليم بحكم ذاتي لكن هناك تزايدًا في الاحتجاج فيه ضد ازدياد التدخل الصيني

مخاوف حول جاذبية هونغ كونغ الاستثمارية بفعل «سطوة» بكين
TT

مخاوف حول جاذبية هونغ كونغ الاستثمارية بفعل «سطوة» بكين

مخاوف حول جاذبية هونغ كونغ الاستثمارية بفعل «سطوة» بكين

في خضم الخلاف الدائر بين السلطة المركزية الصينية في بكين وجزيرة هونغ كونغ على ملفات اقتصادية واستثمارية بالغة الأهمية، أعلن بنك «إتش إس بي سي»، أحد أكبر المصارف العالمية، الذي كان مقر انطلاقه في هونغ كونغ، الإبقاء على مقره الرئيسي في العاصمة البريطانية لندن، لينهي بذلك 10 أشهر من المداولات حول نقل المقر.
ويمثل قرار البنك بالبقاء في لندن، وما يجري تداوله حول المخاوف من سطوة حكومة بكين على الاقتصاد في هونغ كونغ، ضربة قوية للاقتصاد الصيني الذي يشهد صراعا داخليا بين بكين وهونغ كونغ، الذي ربما يفتح الباب واسعا أمام احتمالين يهددان ثاني أكبر اقتصاد في العالم في حال عدم التوصل إلى حلول مرضية، وهما إما أن تضع هونغ كونغ العاصمة بكين أمام سياسة الأمر الواقع بإعلان استقلاليتها وتخارجها اقتصاديا - ولو من حيث القوانين واللوائح - حفاظا على استثماراتها، أو أن تتجه السلطة المحلية والمستثمرون في هونغ كونغ إلى «معاقبة» بكين للتوجه الجماعي إلى إنشاء مقرات رئيسية خارج الصين، ما يعفيها من القوانين المحلية.
ورغم ترجيح بعض المحللين أن تحرك بنك «إتش إس بي سي» إلى هونغ كونغ قد يوفر ما يقرب من 14 مليار دولار، يرى آخرون أن وجود البنك في لندن يدعم البنك باحترام دولي خاصة مع الأطر التنظيمية والنظام القانوني وخبرة التعامل مع الشؤون الدولية المعقدة.
ويرى لوكي كريستيان، الخبير المصرفي ببنك ستاندرد تشارتر، أن قرار البنك «سياسي»، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن القرار استغرق كثيرا من الوقت للبت فيه (منذ نهاية العام الماضي)، ما يعكس حالة التوافق بين الحكومة وإدارة البنك، والهبوط الموازي لجاذبية الاستثمار في هونغ كونغ، خاصة مع مؤسسة بحجم إتش إس بي سي. مرجحا أن يرحل كل من دوغلاس فلينت رئيس مجموعة إتش إس بي سي، ورئيسها التنفيذي ستيوارت جاليفر، خاصة بعد استقرار مجلس الإدارة على ذلك القرار.
وتتمتع هونغ كونغ بدرجة عالية من الحكم الذاتي بعيدًا عن الصين في ظل «دولة واحدة ونظامين» ولكن مواطنيها الذين يقدر عددهم بنحو 7 ملايين شخص، يحتجون منذ فترة طويلة ضد ارتفاع التدخل الصيني، وبلغت ذروتها في استمرار المظاهرات في الشوارع على مدى ثلاثة أشهر تقريبا في عام 2014، عُرفت باسم «ثورة المظلات»، التي جاءت للمطالبة بمزيد من الإصلاحات الديمقراطية وإجراء انتخابات نزيهة لرئاسة الإقليم.
وترتفع حركة المظاهرات حاليًا، للاحتجاج على سياسة الحكومة المتبنية للمشاريع الكبرى التي تعتبر مكلفة بشكل مفرط، خصوصا على مشروع شق طريق سريع يربط هونغ كونغ ببقية الصين والذي تصل تكلفته المقدرة حاليا بنحو 11 مليار دولار. كذلك يُريد المواطنون رواتب تقاعد للجميع. ولا تزال المشاعر السلبية كبيرة لدى سكان هونغ كونغ بعد المظاهرات الكثيفة المنادية بالديمقراطية في 2014 التي لم تؤد إلى أي تنازل من جانب الحكومة.
وتمر هونغ كونغ بفترة سياسية تعتبر الأكثر اضطرابا منذ أن أعاد البريطانيون المنطقة إلى الصين في عام 1997، وفشل المشرعون في مايو (أيار) الماضي في إقناع الصين بالسماح بانتخابات ديمقراطية بشكل كامل لاختيار الرئيس القادم للسلطة التنفيذية في هونغ كونغ في 2017.
وتعتبر هونغ كونغ، إحدى المنطقتين الإداريتين التابعتين لجمهورية الصين الشعبية، واحدة من أهم المراكز الاقتصادية الرائدة في العالم، وتعد عملة المدينة - دولار هونغ كونغ - العملة الثامنة الأكثر تداولا على مستوى العالم. وتعتبر واحدة من دول النمور الآسيوية الأربعة - تايوان وسنغافورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية - التي تحولت إلى دول متقدمة بمجيء القرن الحادي والعشرين لتحقيقها معدلات عالية من النمو الاقتصادي والتصنيع السريع. ويعتمد اقتصاد هونغ كونغ على الموارد الصناعية مثل صناعة الألمونيوم والبلاستيك، والإلكترونيات والكهربائيات، والملابس والنسيج، إضافة إلى خدمات السياحة والترفية والصيرفة والنقل البحري، إذ تشتهر بموانئها العميقة.
وانطلاقًا من دور هونغ كونغ الحاسم في ربط الصين مع بقية العالم، تُحاول الحكومة المركزية في الصين جعل هونغ كونغ منطقة متكاملة تماما في «حزام واحد، شارع واحد» لتمكين الصين من توسيع نفوذها، في المقام الأول في من خلال التنمية الاقتصادية في المناطق الواقعة على طول طريق الحرير القديم.
فهونغ كونغ «منسق سوبر» لكونها مركزًا للعبور، ومنطقة تجارية خاصة في ربط الصين مع العالم. ومع صعود طوكيو وسنغافورة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، لم تعد هونغ كونغ وحدها مركزا تجاريا وميناءً للشحن في آسيا، ولكن ظلت ميناءً أساسيا في المنطقة. وتمثل الشركات المتعلقة بحقوق الملكية نحو خمس الناتج الاقتصادي في المدينة، وتمثل عنصرا رئيسيا من عناصر الثروة الفردية، وفقا لوكالة فيتش.
ورغم ارتفاع الصراع السياسي والسخط المدني، تحتل هونغ كونغ المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 22 على التوالي، ويتكون من عدد من الأركان الرئيسية - سيادة القانون والحكومة والكفاءة التنظيمية والأسواق المفتوحة وحرية ممارسة أنشطة الأعمال وحرية التعبير وقوانين العمالة. وتتميز هونغ كونغ كذلك بمراتب دولية متقدمة في مجالات كثيرة أخرى، مثل جودة الحياة ومكافحة الفساد والتنمية البشرية وغيرها.
كذلك رغم تراجع الصفقات العقارية 12 في المائة في هونغ كونغ العام الماضي، مما يؤكد المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي في المركز المالي الأهم لآسيا، لا تزال أسعار العقارات في هونغ كونغ من بين أعلى المعدلات في العالم، رغم أنها قد تراجعت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويتوقع المحللون المزيد من التراجع هذا العام.
وبحسب المسح الذي أجرته مؤسسة «ديموجرافيا» الموجودة في أميركا فإن سعر الشقة العادية في هونغ كونغ عادل 19 ضعف إجمالي الأجر السنوي للشخص العادي في المدينة خلال العام الماضي مقابل 17 ضعفًا في 2014، وتوقع بنك الاستثمار UBS في وقت سابق من الشهر الماضي أن أسعار المساكن في هونغ كونغ ستنخفض بمقدار الربع بحلول نهاية عام 2017.
وتُظهر سوق العقارات في هونغ كونغ علامات ضعف وسط إمدادات ارتفاع أسعار المنازل، وارتفاع أسعار الفائدة على المدى القصير وتباطؤ النمو في الصين. وانخفضت أسعار المنازل بنسبة 10 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وتراجعت المبيعات الشهرية في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى أدنى مستوى له منذ عام 1991 على الأقل، وفقا لوكالة Centaline، وسط تصاعد في معدلات الرهن العقاري والطلب الضعيف للعقارات الجديدة خلال هذا الشهر.
وبعدما اعتمد نمو اقتصاد هونغ كونغ على السياح الوافدين من الصين على مدى السنوات العشر الماضية، بدأ الإقليم في الاعتماد على شركات «البر الرئيسي» للنمو في المستقبل. وقال أندرو مور، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس في مجموعة «Pamfleet» في هونغ كونغ، إن الأثر الإيجابي من وصول السياح الصينيين إلى هونغ كونغ قد تراجع بسبب ارتفاع الصراعات بين سكان هونغ كونغ والمسافرين.
ومع ذلك، لا يزال مور متفائلا بشأن مستقبل هونغ كونغ، ولكن في هذه المرة سيقود النمو شركات «البر الرئيسي»، وهو مصطلح يشمل المناطق التي تديرها جمهورية الصين الشعبية، والتي تقوم بإعداد مكاتب في هونغ كونغ. وستركز شركات البر الرئيسي في البداية على منطقة الأعمال المركزية.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ليل الجمعة - السبت، إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات في غضون ساعات.

وقدّم ترمب، في رسالة نُشرت على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» وعلى منصة «إكس»، هذه العملة الرقمية الجديدة بوصفها «عملة ميم»، وهي عملة مشفرة ترتكز على الحماس الشعبي حول شخصية، أو على حركة أو ظاهرة تلقى رواجاً على الإنترنت.

وليس لـ«عملة ميم» فائدة اقتصادية أو معاملاتية، وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أن هذه العملة «تحتفي بزعيم لا يتراجع أبداً، مهما كانت الظروف، في إشارة إلى محاولة اغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية في يوليو (تموز) التي أفضت إلى انتخابه رئيساً».

وسرعان ما ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية، ليبلغ إجمالي القيمة الرأسمالية للوحدات المتداولة نحو 6 مليارات دولار.

ويشير الموقع الرسمي للمشروع إلى أنه تم طرح 200 مليون رمز (وحدة) من هذه العملة في السوق، في حين تخطط شركة «فايت فايت فايت» لإضافة 800 مليون غيرها في غضون 3 سنوات.

ويسيطر منشئو هذا الأصل الرقمي الجديد، وبينهم دونالد ترمب، على كل الوحدات التي لم يتم تسويقها بعد، وتبلغ قيمتها نظرياً نحو 24 مليار دولار، بحسب السعر الحالي.