«الصحة» العالمية تدخل 20 طنًا من الأدوية إلى تعز بعد شهور من العراقيل

الجيش والمقاومة يقطعان خط إمداد الميليشيات إلى المسراخ

يمنيون يتظاهرون في تعز في الذكرى الخامسة لثورة فبراير ضد الرئيس علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
يمنيون يتظاهرون في تعز في الذكرى الخامسة لثورة فبراير ضد الرئيس علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
TT

«الصحة» العالمية تدخل 20 طنًا من الأدوية إلى تعز بعد شهور من العراقيل

يمنيون يتظاهرون في تعز في الذكرى الخامسة لثورة فبراير ضد الرئيس علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
يمنيون يتظاهرون في تعز في الذكرى الخامسة لثورة فبراير ضد الرئيس علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)

بينما تستمر الميليشيات الانقلابية في حصارها المطبق على تعز منذ تسعة أشهر من خلال إغلاقها جميع منافذ المدينة، وتمنع دخول المواد الطبية والدوائية وأسطوانات الأكسجين وجميع المستلزمات، مما تسبب في كارثة إنسانية وصحية كبيرة، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تمكنت من إدخال مساعدة طبية للمدينة بعد شهور من العراقيل، التي تفرضها الميليشيات الانقلابية.
وقالت المنظمة بأنها «تمكنت من توصيل أكثر من عشرين طنا من الأدوية والإمدادات الطبية المنقذة للحياة إلى مدينة تعز اليمنية، بعد شهور من القيود والعراقيل المفروضة على الوصول إلى المدينة واستجابة للاحتياجات الصحية الطارئة المتزايدة».
وأضافت أن «تلك الإمدادات مهمة للغاية للوفاء بأكثر الاحتياجات إلحاحا في المدينة التي يقطن بها أكثر من مائتي ألف شخص يعيشون تحت الحصار ويفتقرون إلى المساعدة الإنسانية. وقد تم توصيل الإمدادات الصحية، التي منع دخولها على مدى ثمانية أسابيع، إلى أربع مستشفيات في تعز».
وقال الدكتور أحمد شادول، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، إن «موظفي المستشفيات في مدينة تعز بحاجة ماسة إلى الأدوية واللوازم الطبية حتى يتمكنوا من الاستمرار في تقديم الرعاية الطبية الأساسية. ويشكل تسليم منظمة الصحة العالمية هذه الإمدادات خطوة كبيرة نأمل في أن تمهد الطريق لتقديم المزيد من الدعم الطبي إلى المدينة».
كما أنه منذ أبريل (نيسان) 2015 والعنف المستمر وانعدام الأمن يحدان من وصول المساعدات إلى مدينة تعز، ولا يزال الوصول إلى أحياء المظفر والقاهرة وصلاح مستحيلا، في حين أن سكانها بحاجة ماسة إلى الغذاء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الصحية المنقذة للحياة. واضطرت مستشفيات كثيرة إلى إغلاق وحدات العناية المركزة بسبب نقص الوقود والأدوية والموظفين. ويكافح المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض الكلى والسرطان من أجل الحصول على الأدوية والخدمات الأساسية.
وذكر الدكتور شادول «لقد هبطت هذا الأسبوع في مطار صنعاء طائرة مساعدات تحتوي على 40 طنا إضافيا من الأدوية واللوازم الطبية قدّمتها منظمة الصحة العالمية. وسيتم توزيع هذه اللوازم في أنحاء البلاد على الأكثر حاجةً إليها. فمن المهم جدًا أن يسمح بوصول منظمة الصحة العالمية وشركائها إلى جميع المحتاجين من دون قيد أو شرط، لإتاحة تقديم رعاية صحية عاجلة ومنقذة للحياة».
ومن جانب آخر احتفل، أمس، أبناء محافظة تعز بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 11 فبراير، التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي يُعد، اليوم، حليفًا مهما لميليشيات الحوثي التي انقلبت على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو من سلمهم جميع المعسكرات ومخازن الأسلحة التي كانت تقع تحت سيطرة القوات الموالية له.
ورغم الحصار المطبق على أهالي المدينة تعز، فقد توافد الآلاف إلى مدينة تعز للمشاركة في الاحتفالية، الأمر الذي يؤكد إجماع أبناء المحافظة على مطلب رئيسي وهو بناء دولة مدنية وطي صفحة المخلوع علي عبد الله صالح، وطرد الميليشيات الانقلابية من المحافظات التي تخضع لسيطرتها ومن محافظة تعز.
وكرد انتقامي من الميليشيات الانقلابية قصفت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح وبشكل هستيري بمتخلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة الأحياء السكنية.
وقال بشير المصباحي، عضو مجلس شباب الثورة الشعبية السلمية في محافظة تعز، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأنه «رغم كل الظروف الصعبة التي يعاني منها المواطن في الداخل بسبب الانقلاب المسلح الذي قامت به قوات المخلوع علي صالح وميليشيات الحوثيين على الشرعية ومخرجات الحوار الوطني، ورغم الحرب والحصار الخانق الذي تفرضه قوى الثورة المضادة فقد خرج المواطنون وشباب الثورة في تعز لإيقاد الشعلة باعتبارها استحقاقًا وطنيا».
وتابع القول: إن «جميع اليمنيين اليوم بعد كل هذه التضحيات يدركون أهمية ثورة فبراير بمبادئها وأهدافها ونتائجها المتمثلة بمخرجات الحوار الوطني التي أصبحت تمثل مشروعًا وطنيًا لا يمكن تجاهله مستقبلاً لحل مشاكل اليمن والخروج بها إلى بر الأمان».
إلى ذلك، تواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبمساندة طيران التحالف التي تقودها السعودية، التقدم في جبهات القتال واستعادة مواقع جديدة جنوب مدينة تعز، وتقدموا في عدد من المواقع الهامة والاستراتيجية حول مديرية المسراخ.
وتمكنت المقاومة الشعبية والجيش الوطني من السيطرة على مواقع جديدة في مديرية المسراخ وحولها، حيث سيطروا على حصن المخعف الاستراتيجي في عزلة الأقروض جنوب المدينة، والذي يُعد خط الإمداد الرئيسي للميليشيات بين المسراخ ودمنة خدير، وذلك بعد معارك عنيفة مع الميليشيات الانقلابية، في حين لا تزال المواجهات مستمرة بالقرب من جبل الوراق وعدد من المواقع، ورافقه تشديد الحصار في المطالي والمسراخ.
وفي جبهة حيفان، جنوب المدينة، شنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية هجوما عنيفا على مواقع تمركز الميليشيات الانقلابية في حيفان والاعبوس، وكبدهم الخسائر الفادحة. وقال حسام الخرباش، صحافي من أبناء حيفان، لـ«الشرق الأوسط» إن «معارك عنيفة دارت بين الحوثيين والمقاومة، حيث تقدمت عناصر المقاومة الشعبية في الاعبوس إلى منطقة دقم الحامل، فيما الجبهات الأخرى شهدت تقدما على خطوط النار، وسط غارات شنها التحالف على جبل الهيتاري الذي يسيطر عليه الحوثيون». وأضاف: «قتل خلال المواجهات أحد عناصر المقاومة، بالإضافة إلى مقتل وإصابة العشرات من الميليشيات الذين تم نقلهم إلى منطقة خذير».
وعلى الجانب الميداني، قتل العشرات من الميليشيات الانقلابية جراء غارات التحالف على مواقع وتجمعات ومخازن أسلحة الميليشيات في موقع متفرقة في مدينة تعز وأطرافها، ما كبدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن غارات التحالف استهدفت مواقع عدة من بينها شارع الستين، شمال تعز، وجبل اومان.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.