علماء روس وأميركيون يفتحون نافذة جديدة على الكون وأسراره

إثبات صحة نظرية موجات الجاذبية بعد قرن من إعلان آينشتاين

علماء روس وأميركيون يفتحون نافذة جديدة على الكون وأسراره
TT

علماء روس وأميركيون يفتحون نافذة جديدة على الكون وأسراره

علماء روس وأميركيون يفتحون نافذة جديدة على الكون وأسراره

أكد علماء في مؤسسة العلوم الوطنية في واشنطن وجامعة موسكو اكتشاف موجات الجاذبية التي تحدث عنها العالم ألبرت آينشتاين، وهو الاختراق الأكبر في الفيزياء خلال قرن من الزمان. ويمكن أن يكون هذا الاكتشاف مفتاحا لفهم جديد للكون. وكانت شائعات قد أثيرت مؤخرا حول نجاح العلماء في اكتشاف موجات الجاذبية، إلا أنها تأكدت رسميا أمس.
وكانت فرضية العالم الكبير آينشتاين قد أشارت قبل نحو مائة عام إلى وجود موجات جاذبية في الكون، تنقل الطاقة، وتوصل العلماء مؤخرا إلى اكتشافات جديدة تدعم صحة هذه النظرية. وتعد موجات الجاذبية أحد أكبر الألغاز التي تواجه العلم، ولم يستطع العلماء الوصول إلى جواب وتحليل وافٍ لها، فعلى سبيل المثال، يختلف التفسير العلمي المبني على نظرية نيوتن للجاذبية عن تفسير نظرية آينشتاين، فنيوتن يعتقد أن الجاذبية موجودة ومن صنع المادة، وأن قوة تجاذب أي جسمين في الكون تتناسب طرديًا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيًا مع مربع المسافة بين مركزيهما، كما ينص قانون الجذب العام لنيوتن. أما آينشتاين، فيعتقد من جانبه بأن الجاذبية موجات وتموجات تنقل الطاقة من خلال الكون، وأعلن عن ذلك لأول مرة عام 1916، أي قبل مائة عام، وشكلت جزءًا مهمًا من نظريته النسبية الشهيرة التي تشرح الزمان والمكان معًا وتشرح الجاذبية والأبعاد الأربعة بطريقة رياضية، وعلى الرغم من وجود أدلة كثيرة تدعم نظرية آينشتاين، فإن العلم الحديث لم يثبتها، وذلك بسبب حجم الموجات الدقيق الذي يبلغ أقل بمليون مرة من حجم الذرة.
وقال ديفيد ريتز، المدير التنفيذي لمرصد الموجات التداخلية والليزر والجاذبية بالمؤتمر الذي عقد بواشنطن «لقد اكتشفنا موجات الجاذبية.. لقد فعلناها».
ويأتي ذلك الاكتشاف بوصفه تتويجا لقرن من التوقعات، ونتاج خمسين عامًا من المحاولة والخطأ، وبعد 25 عامًا في محاولة تحسين دقة الآلات المستخدمة للكشف عن التشوش في الزمكان في جزء من الألف من قطر نواة ذرة، عبر شعاع ليزر بمساحة 4 كيلومترات ومرآة.
واكتشف العلماء أخيرا بعد أشهر من البحث والدراسة صحة هذه النظرية باستخدام مرصد موجات الجاذبية، الذي يعتمد على اثنين من أجهزة الاستشعار المخصصة للكشف عن أي اهتزازات ضئيلة قد تنتج عن مرور موجات الجاذبية، وكانت الموجات التي تم اكتشافها مؤخرا ناتجة عن ثقبين أسودين ذابا بعضهما في بعض. وهذا الاكتشاف تم من قبل مجموعة كبيرة من الباحثين الدوليين في مجال الفيزياء من المؤسسة الوطنية الأميركية للعلوم في واشنطن، وتمكنوا من الوصول إلى هذه النتائج والتقاط الموجات الجاذبية عن طريق جهازين لمسبار «ليغو»، الذي يبلغ طول كل منهما أربعة كيلومترات، وهذه الموجات كانت بين اثنين من الثقوب السوداء قبل أن تندمج في انفجار هائل، وهي العملية التي تولد موجات الجاذبية الهائلة، وبعد ذلك تتلاشى في طريقها إلى الأرض. ويعد هذه الاكتشاف مهمًا للغاية، وسيكون له كثير من الفوائد خلال السنوات المقبلة، وقال العلماء إنهم سيكشفون عن تفاصيل هذا الأمر خلال الأسابيع المقبلة. والاكتشاف الجديد يعد تقدما هائلا في علوم الفيزياء، ومن شأنه أن يفتح نافذة جديدة على الكون وأسراره، وبإحراز هذا التقدم يشهد العالم ميلاد مجال جديد في علوم الفلك شبيه باللحظة التي وجه فيها غاليليو منظاره لأول مرة نحو السماء في القرن السابع عشر. وكان آينشتاين توقع وجود موجات الجاذبية في عام 1916.
ووفقا لنظرية آينشتاين، فإن موجات الجاذبية تتحرك بسرعة الضوء في الفراغ والفضاء المنحني. لذا، فإن كل جسم متسارع يقوم بإرسال موجات الجاذبية. وجاء في البيان الصحافي أنه تمت الاستعانة بمرصد قياس تداخل موجات الجاذبية بواسطة الليزر (ليغو) في الجهود التي تم بذلها للكشف عن الموجات.
وتنجم موجات الجاذبية، وهي موجات عرضية في الأصل، عن تسارع الأجسام الفيزيائية، وانتقالها في الزمان والمكان. وكان عالم الفيزياء، لورانس كروس، قد أعلن عن قرب نجاح العلم في رصد الموجات الجاذبة، وفق موقع «غيزمودو».
وتأكد الاكتشاف في مرصد أمواج الجاذبية بالولايات المتحدة، بعدما بعث الباحث في الفيزياء النظرية بجامعة ماك ماستر في هاملتون بكندا، برسالة إلى مسؤوليه يخبرهم فيها أن طاقم المعهد الأميركي رصد إشارة تدل بقوة على وجود ثقبين أسودين كبيرين في الفضاء.
وموجات الجاذبية هي مجموعة من الموجات فيما يسمى النسيج الزمكاني الذي يعد أكثر صلابة من الحديد الصلب بمليارات المرات. وهذا يعني أن خلق موجات جاذبية يحتاج قوة هائلة أكبر لا يمكن أن تنتج إلا من ظواهر فيزيائية خاصة، مثل ولادة ثقب أسود أو اندماج ثقوب سوداء، أحدها في الآخر، أو اصطدام بين نجوم هائلة الكثافة
وكان آينشتاين في نظريته عن النسبية، توقع وجود الثقوب السوداء، وحددت خواص الضوء وتصرفاته، وغيّرت مفاهيم الفيزياء الأساسية المتعلقة بالكتلة والطاقة والمكان والزمان، وساهمت في تفسير كثير من الظواهر الكونية والفضائية، مثل الثقوب السوداء وموجات الجاذبية.
ووفقا لنظرية النسبية العامة، فإنه يمكن للأجسام على أساس التغيير في شكل «الزمكان» أن تحدث اهتزازات يطلق عليها اسم «أمواج ثقالية» أو أمواج جاذبية.
وأمواج الجاذبية تتسم بأنها أمواج ضعيفة جدا، الأمر الذي يجعل من الصعوبة جدا قياسها.
جدير بالذكر أن مارك زوكربيرغ، المؤسس والمدير التنفيذي لموقع «فيسبوك»، علق على هذا الاكتشاف الحديث، وقال إنه يعد واحدًا من أهم الإنجازات العلمية التي حدثت مؤخرًا، وقال إن العالم في حاجة إلى البحث عن الموجات التي تبدأ مع الأحداث الضخمة مثل الانفجار الكبير، وانهيار النجوم وتصادم الثقوب السوداء.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.