الرئيس الإيراني ينتقد الفساد الواسع في المؤسسات الإيرانية

وجه تهمة للحرس الثوري بالعبث في البنوك والمحاكم والبلديات

الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء تقديمه المسودة الاولى لميزانية البلد للبرلمان الشهر الماضي (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء تقديمه المسودة الاولى لميزانية البلد للبرلمان الشهر الماضي (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني ينتقد الفساد الواسع في المؤسسات الإيرانية

الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء تقديمه المسودة الاولى لميزانية البلد للبرلمان الشهر الماضي (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء تقديمه المسودة الاولى لميزانية البلد للبرلمان الشهر الماضي (رويترز)

وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني انتقادات لاذعة إلى جهة متنفذة، من دون أن يذكر اسمها، بسبب تورطها الواسع في الفساد والتهريب في إيران.
وبحسب روحاني فإن «جهازا فاسدا» في إيران يقف وراء تهريب السلع، ويمنع الإنتاج وتطوير البلد، حيث قال «يجب علينا التصدي لهذا الفساد». وانتقد روحاني أجهزة تشرف على الفساد لكنها لا تقوم إلا بتوجيه النقد، حسب تعبيره، في إشارة ضمنية إلى السلطة القضائية. وقال إن «الأجهزة الرقابية مطلوبة، لكن شرط العمل وفق القانون وعدم إعاقة تطور البلد». وأعرب روحاني عن نوايا حكومته محاربة الفساد والرشى وخروج الاقتصاد من الانحصار، والتنافس، في إشارة إلى تخصيص القطاعات الحكومية.
وجاءت تصريحات روحاني على هامش افتتاح 138 مشروعا عمرانيا بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين من انتصار الثورة الإيرانية. ويأتي كلام روحاني بعد أيام من حديث وزير العدل الإيراني، مصطفي بور محمدي، الذي دعا إلى تأسيس منظمة «مكافحة الفساد» في إيران من خلال دمج عدد من المنظمات الحكومية التي تعمل على مكافحة الفساد.
وفي هذا السياق، قال بور محمدي إن منظمة «مكافحة الفساد» ستساعد وزارة العدل والسلطة القضائية على مكافحة الفساد والتصدي له، مؤكدا أهمية المنظمة نظرا لملفات الفساد الكثيرة ونطاقها الواسع في المؤسسات الحكومية والمالية الإيرانية. وطالب بور محمدي بتشديد الرقابة على المجموعات التابعة لوزارة الاقتصاد مثل الخزانة العامة ومنظمات الضرائب والجمارك وشركات التأمين والبنوك والمنظمات المالية التابعة للمؤسسات غير الحكومية.
وفي أثناء ذلك، لفت بور محمدي إلى مساعي حكومة روحاني من أجل تأسيس منظمة حكومية «قوية» قادرة على مكافحة الفساد في إيران، لكنه لمح إلى أن تأسيس المنظمة قد يواجه معارضة في البرلمان الإيراني.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها حسن روحاني جهات متنفذة بسبب نشاطها الاقتصادي. وكان روحاني قد هاجم الحرس الثوري ضمنيا دوره في الاقتصاد الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2014، قائلا إن جمع «المعلومة والأسلحة ورأس المال والمواقع الإخبارية والصحف ووكالات الأنباء في مكان واحد» سبب في الفساد. بدوره، كشف رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، أحمد توكلي، الجمعة الماضية على هامش «المؤتمر الوطني للشفافية»، أن الفساد ألحق ضرار قدره 34 مليار دولار بالاقتصاد الإيراني. وقال توكلي إن الفساد أصبح مستشريا في المؤسسات الحكومية الإيرانية، مضيفا أن المؤسسات الحكومية التي تعمل على مكافحة الفساد أصبحت تعاني نفسها من الفساد الواسع.
إلا أن توكلي، في إشارة ضمنية إلى السلطة القضائية والشرطة، اعتبر الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية بسبب فساد مسؤولين في تلك المؤسسات، لافتا إلى أن البرلمان الإيراني بصدد سن قوانين من أجل التصدي للفساد في المؤسسات الحكومية. ولم يشر توكلي في تصريحاته المتعددة حول الفساد المشتري في إيران إلى المؤسسات الحكومية التي تعاني من الفساد وطبيعة وحجم الفساد في تلك المؤسسات. وفي إشارة إلى قرب انطلاق الحملات الانتخابية وتمويلها في إيران في منتصف فبراير (شباط)، قال إن مظاهر الفساد تزداد عبر «العصابات والتواطؤ والحماية الاقتصادية الخاصة والمصالح الأسرية». يشار إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي كان قد انتقد في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 تطرق وسائل الإعلام الإيرانية إلى قضايا الفساد الاقتصادي والاختلاسات الواسعة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. وعدّ خامنئي التطرق لتلك القضايا محاولة للنيل من المسؤولين الإيرانيين.
وأظهرت نتائج استطلاع رأي بين الإيرانيين قامت به مؤسسة «آي بز» مؤخرا حول الفساد بين المؤسسات الحكومية في إيران، أن البنوك بنسبة 77 في المائة والبلديات والمحاكم بنسبة 63 في المائة والشرطة بنسبة 55 في المائة بين المؤسسات الحكومية الأكثر فسادا في إيران. كما أن نتائج الاستطلاع أظهرت أن أكثر من 71 في المائة من الإيرانيين يعتقدون أن الفساد مستشر في المؤسسات الحكومية، بينما 96 في المائة من بينهم يوافقون على أن «العقاب الجيد» الوسيلة الأمثل لردع الفساد في إيران.
وقالت المؤسسة إنها استطلعت آراء كثيرين في اتصالات أجرتها معهم للوقوف على آراء الإيرانيين حول الفساد وسبل مكافحته، وكذلك تقييم المؤسسات المتأثرة بالفساد في إيران. ووفق الاستطلاع، يعتبر الحرس الثوري وشرطة المرور والجامعات ومجلس البلديات والقرى والمراكز الطبية ومنظمة سجل الأحوال المدنية ومنظمة التعليم والتربية من بين المنظمات الأكثر فسادا في إيران. وأظهر الاستطلاع أن 63 في المائة من الإيرانيين يعتقدون أن الفساد كثر أو زاد في السنوات الخمس الأخيرة، مقابل 17 في المائة فقط يعتقدون أن نسبة الفساد تراجعت في تلك السنوات، بينما قال 7 في المائة إن الفساد حافظ على نسبه.
وتوقع أكثر من 54 في المائة من الإيرانيين أنه بعد الاتفاق النووي ستكون مكافحة الفساد ضمن اهتمام المسؤولين الإيرانيين، بينما اعتقد 26 في المائة خلاف ذلك، وفضل 20 في المائة عدم المشاركة في هذا الجزء.
وكان تقرير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد في تقرير عام 2015 وضع إيران في المرتبة 130 بين الدول الأكثر فسادا في العالم، ويتناول تقرير منظمة الشفافية الدولية وضع الفساد في المؤسسات الحكومية والجهاز القضائي والأحزاب السياسية في 168 دولة. وتحسنت رتبة إيران مقارنة بعام 2014 بعد صعودها ست رتب، إلا أنها لم تتفوق على جيرانها ما عدا العراق وأفغانستان.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.