ملك المغرب يطلق برنامجي تنمية منطقتين في الصحراء

يهدفان إلى ضمان اندماج نهائي لهما في الوطن الموحد

ملك المغرب يطلق برنامجي تنمية منطقتين في الصحراء
TT

ملك المغرب يطلق برنامجي تنمية منطقتين في الصحراء

ملك المغرب يطلق برنامجي تنمية منطقتين في الصحراء

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس بمدينة الداخلة، ثاني كبرى مدن الصحراء المغربية، مراسم إطلاق برنامجي تنمية جهتي الداخلة - وادي الذهب وكلميم - واد نون، والتوقيع على عقدي البرنامج المتعلقين بهما.
ويندرج هذان البرنامجان التنمويان في إطار تفعيل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الصحراوية، الذي أطلقه العاهل المغربي بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، والرامي إلى ضمان اندماج نهائي لهذه الأقاليم في الوطن الموحد، وتعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي وهمزة وصل بين المغرب وعمقه الأفريقي.
ويتمحور هذا النموذج التنموي الجديد للصحراء حول أربعة محاور رئيسية، تتمثل في إحداث دينامية جديدة للتنمية والتشغيل تقوم على أقطاب جهوية تنافسية، وتحقيق تنمية شاملة وتثمين البعد الثقافي، وتكريس حكامة مسؤولة، وتأمين تنمية مستدامة، وتحسين الربط الوطني والدولي للأقاليم الجنوبية.
ويضع النموذج التنموي الجديد للصحراء، الذي رصد له موازنة قدرها 77 مليار درهم (7.7 مليار دولار)، المواطن في صلب الأولويات، ويقتضي تفعيله إبرام عقود برامج بين الدولة والجهات، تحدد التزامات كل طرف على حدة.
وألقى رئيس جهة الداخلة - وادي الذهب، ينجا خطاط، كلمة بين يدي الملك، أكد من خلالها أن هذه الجهة ستستفيد في إطار هذا النموذج التنموي الجديد من استثمارات بقيمة 17.75 مليار درهم (1.7 مليار دولار)، منها 6. 6 مليار درهم (600 مليون دولار) ممنوحة من طرف الدولة.
وأضاف خطاط أن هذا النموذج يروم تمويل إنجاز سبعة برامج مهيكلة، تتعلق بتثمين منتوجات الصيد البحري بقيمة 1.2 مليار درهم (120 مليون دولار)، وتطوير تربية الأحياء المائية (2.8 مليار درهم-280 مليون دولار)، وبناء محطة لتحلية مياه البحر لأغراض فلاحية بقدرة 100 ألف متر مكعب- في اليوم (1.3 مليار درهم-130 مليون دولار)، وإحداث قطب إيكو - سياحي (581 مليون درهم-58 مليون دولار)، وحماية المنظومات الإيكولوجية (116 مليون درهم- 11 مليون دولار)، وذلك من خلال إنعاش الغطاء الغابوي المحلي، ومحاربة التصحر، وإحداث أحزمة خضراء والحفاظ على التنوع البيولوجي.
وتابع خطاط موضحا أن هذه البرامج المهيكلة تهم أيضا إنجاز ميناء «الداخلة الأطلسي» (6 مليارات درهم- 600 مليون درهم)، وربط مدينة الداخلة بالشبكة الوطنية للكهرباء (1.7 مليار درهم-170 مليون دولار)، فضلا عن إحداث متحف مخصص لتثمين موروث الصحراء (100 مليون درهم- 10 مليون دولار).
كما يروم النموذج التنموي الجديد لجهة الداخلة - وادي الذهب، إنجاز برامج أفقية للقرب تقوم على أربعة محاور رئيسية، هي تعزيز البنيات التحتية (الكهرباء، الماء الصالح للشرب، التطهير)، وإنعاش الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتأهيل العنصر البشري، والارتقاء بالثقافة.
من جهته، قال رئيس جهة كلميم - واد نون السيد عبد الرحيم بن بوعيدة، إن النموذج التنموي الجديد لجهة كلميم - واد نون سيتطلب استثمارات بقيمة 11.93 مليار درهم (1.1 مليار دولار)، منها 5.5 مليارا (550 مليون دولار) ممنوحة من طرف الدولة، مضيفا أن هذا النموذج التنموي الجهوي يتمحور حول ثمانية أهداف رئيسة تتلخص في النهوض بالفلاحة التضامنية (810 ملايين درهم-8.1 مليون دولار)، وتنمية السياحة الإيكولوجية من خلال تثمين الرصيد الطبيعي والثقافي والإيكولوجي للجهة (971 مليون درهم-9.7 مليون دولار)، وإحداث مناصب الشغل ودعم المبادرة الخاصة (161 مليون درهم-1.6 مليون دولار).
ويتعلق الأمر أيضا حسب بن بوعيدة، بتنمية قطاعات التربية (412 مليون درهم-4.1 مليون دولار)، والصحة (531 مليون درهم -5.3 مليون دولار)، وتعزيز البنيات التحتية الطرقية (3.9 مليار درهم-390 مليون دولار)، والتزويد بماء الشرب والتطهير (1.178 مليار درهم)، وإحداث بنيات هيدروليكية باستثمارات قيمتها 1.017 مليار درهم، منها 800 مليون درهم مخصصة لإنشاء سد على وادي نون بقرية فاسك. كما يشمل النموذج تطوير قطاعي الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني (71 مليون درهم)، وتثمين الرأسمال اللامادي للجهة (132 مليون درهم)، وحماية المنظومات الإيكولوجية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.