قديروف: شبكة استخبارات معقدة من المقاتلين الشيشان داخل «داعش»

قال إنهم اخترقوا معسكرات تدريب لـ«الناتو»

الرئيس الشيشاني رمضان قديروف
الرئيس الشيشاني رمضان قديروف
TT

قديروف: شبكة استخبارات معقدة من المقاتلين الشيشان داخل «داعش»

الرئيس الشيشاني رمضان قديروف
الرئيس الشيشاني رمضان قديروف

أكد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف أنه تمكن من زرع شبكة استخبارات معقدة داخل صفوف «داعش»، وذلك حين أرسل خيرة المقاتلين في الشيشان إلى معسكرات تدريب خاصة يقوم فيها ضباط من الـ«ناتو» - حسب قوله - بتدريب مجموعات من المتطرفين ويرسلونهم بعد ذلك إلى سوريا. وجاءت تصريحات قديروف بهذا الصدد ضمن مقاطع من تقرير موسع، خلال نشرة الأخبار على قناة «روسيا - 1» الحكومية الروسية، حول التجربة الشيشانية في التصدي للتطرف والإرهاب.
ويستهل ديمتري كيسيلوف، مدير وكالة «روسيا سيغودنيا»، المقرب من الكرملين، ومقدم النشرة الأسبوعية على «روسيا - 1»، عرض المقاطع، مشيرًا إلى أن «هناك منطقة في الاتحاد الروسي لديها تجربتها التي مكنتها بسرعة فائقة من التصدي للإرهاب»، معربًا عن اعتقاده بأن «هذه الخبرة الفريدة التي تتوفر لدى جمهورية الشيشان في هذا المجال مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى»، وأن «رئيس الشيشان رمضان قديروف شخصيًا يشرف على الجهود في هذا المجال».
وقبل أن يتحدث قديروف، يطل الصحافي الذي أعد التقرير وفي خلفيته معسكر تجري فيه تدريبات لقوات خاصة ويبدأ تقريره قائلاً: «تحديدًا في هذا المعسكر الذي تجري فيه القوات الخاصة الشيشانية تدريباتها جرى إعداد المقاتلين الذين يعملون حاليًا في الخطوط الخلفية لـ(داعش) في سوريا. لا، لم تسيئوا السمع، وقد آن الأوان كي نحدثكم عن أولئك الذين يضمنون نجاح القوات الجوية الروسية ويدفعون حياتهم ثمنًا مقابل ذلك. لا توجد أي أسماء، كل شيء محاط بسرية عالية». بعد هذه المقدمات المثيرة يأتي دور قديروف فيقول: «لقد تكبدنا بكل أسف بعض الخسائر، لكن هذه الخسائر تذهب لضمان الهدوء (الأمن) مستقبلا في جمهورية الشيشان وفي روسيا بشكل عام». ويؤكد رمضان قديروف إنه وحتى قبل ظهور «داعش»، منذ بداية الحرب في سوريا، حصل على معلومات حول إنشاء معسكرات خاصة في الشرق الأوسط، يشرف عليها خبراء من الـ«ناتو»، لتدريب أتباع الفكر «التطرفي».
ويوضح الرئيس الشيشاني أنه قام بإرسال خيرة المقاتلين إلى هناك لمعرفة مدى حقيقة ما يجري ودقة المعلومات التي حصل عليها عن معسكرات لـ«ناتو» يجري فيها تدريب المتطرفين وإرسالهم إلى سوريا. ويقول بهذا الصدد: «أرسلت (جماعتنا) لنعرف مدى حقيقة الأمر، وقد اجتاز (رجالنا) مرحلة التجمع في قواعد الـ(ناتو) ومن ثم تم إرسالهم إلى الأراضي السورية». بعد هذه العبارات يعود المذيع ويأخذ على عاتقه توضيح كلام قديروف فيقول: «حسب قول قديروف بهذا الشكل تم زرع شبكة استخباراتية معقدة داخل «داعش» من مقاتلي القوات الخاصة - وتم إرسال خيرة مقاتلي الجمهورية (الشيشانية) إلى هناك، يقومون بجمع المعلومات حول بنية المجموعات الإرهابية وأعدادهم، يحددون قائمة الأهداف للقصف ومن ثم يوثقون نتائج القصف». ولم يفته التأكيد على أن «النصر في سوريا جاء بما في بذلك بفضل هذا المركز»، أي حيث جرى إعداد من تم زرعهم في «داعش»، ويؤكد الصحافي أن «99 في المائة من المعلومات عن العملية السورية يبقى قيد الكتمان ومحاطة بالسرية».
وكان من الطبيعي أن تستدعي تصريحات كهذه موجهة اهتمامات واسعة بما في ذلك في الوسط الإعلامي، مما دفع الصحافيين إلى توجيه سؤال حول ما قاله قديروف لديمتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس بوتين، الذي لم يتمكن بدوره من تقديم إجابة واضحة تمامًا، واكتفى بالقول إن «وزارة الدفاع الروسية قد قدمت أكثر من مرة عرضًا وافيًا لبنية وحدات القوات الروسية التي تشارك في عملية التصدي للإرهاب في سوريا، وأي قوات توجد هناك، ومنذ متى هي هناك، والمهام التي تقوم بتنفيذها». وطلب بيسكوف من الصحافيين بصيغة «أقترح عليكم» أن يعتمدوا بالدرجة الأولى على التصريحات ذات الصلة الصادرة عن وزارة الدفاع الروسية»، دون أن ينفي أو يؤكد بوضوح صحة ما كشف عنه قديروف.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها قديروف عن أهمية مشاركة القوات الخاصة الشيشانية التي يهتم شخصيًا بسير تدريباتها والعمليات التي تنفذها، حيث كان الرئيس الشيشاني قد اقترح في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2015 إرسال قوات برية أيضًا إلى سوريا للتصدي للإرهابيين إلى جانب القوات الجوية، وقال إن القوات الخاصة الشيشانية تستعد لهذه اللحظة منذ عام ونيف، وأنها على أهبة الجاهزية القتالية للمشاركة في العمليات، مؤكدًا وجود عشرات آلاف المتطوعين في الشيشان الراغبين في قتال «داعش».
خبير في الشؤون العسكرية من موسكو، تحفظ على ذكر اسمه، لم يستبعد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» واقعية وجود عناصر ضمن صفوف «داعش» يعملون لصالح روسيا، لافتًا إلى أن هذا ليس بالأمر الجديد في الحروب، لا سيما كهذه وأن الدول تزرع دوما عملاء لها في صفوف العدو. كما نوه الخبير الروسي إلى أن «الرئيس قديروف ربما قرر الاستفادة من عنصر هام، ألا وهو وجود أعداد من المواطنين الشيشانيين ومن القوقاز بشكل عام في صفوف المجموعات المتطرفة منذ ظهورها، بما في ذلك ضمن «داعش»، مما يجعل من انضمام أي شيشاني، أوقوقازي بشكل عام، إلى هذه الجماعة الإرهابية أمرًا أكثر سهولة، وشدد الخبير الروسي في الشؤون العسكرية في ختام حديثه، على أن هذا كله لا يعني بالضرورة أن من يعملون لصالح القوات الروسية في الخطوط الخلفية للمجموعات الإرهابية كلهم من أبناء القوقاز حصرًا، «إذ يوجد في (داعش) مقاتلون من مختلف الدول والقوميات»، حسب قوله.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.