زيارة لوزان السويسرية المطلة على بحيرة ليمان، لها مدلول آخر جميل، فهي تعني المتعة الروحية والاسترخاء ومصالحة النفس مع الطبيعة الصافية، والقادم إليها من جنيف يعش تجربة أخرى مع جمال الطبيعة.
ولوزان مدينة وادعة هادئة يعشقها الزائر قبل أن تطأها أقدامه فهي من الأفق القريب لوحة حالمة رومانسية لا نهايات لجمالها، تلك المدينة التي تستقبل السياح بترحاب حار، تمتاز بمساحاتها الخضراء وطبيعتها الساحرة حيث موقع المدينة مطلا على بحيرة ليمان الهادئة ذات الأجواء الرومانسية الحالمة وهي أكبر بحيرة في أوروبا الغربية.
لوزان تتكون من 3 طوابق، وفي كل طابق من هذه الطوابق الجبلية، التي نحتها الإنسان لتكون منبسطات، توجد كل مستلزمات المدينة العصرية النموذجية.
الشيء الغريب في مدينة لوزان، التي هي عبارة عن 3 مدن في مدينة واحدة، إن الانتقال من الطابق الأسفل إلى الطابق الثاني أو الثالث بالنسبة للمارة الذين يستعملون أقدامهم، لا يتطلب سوى دقائق قليلة، ففي كل شارع رئيسي تقريبا يوجد مصعد كهربائي واسع يستخدم لغرض الصعود أو النزول من وإلى هذه الطوابق.
وبالإمكان أيضا أن تلقي بنظرك من الطابق الثاني أو الثالث على الطابق الأرضي، وهكذا، فالمساحات بين هذه الطوابق ليست مغلقة، وإنما هي مساحات مفتوحة وطبيعية، وتربطها طرق جبلية مخصصة لسير السيارات والعربات، وكذلك لسير الناس أيضا، لكن مشاق الصعود بالنسبة للكثيرين من هؤلاء الناس تجعلهم يختصرون الجهد والمسافة باستخدام المصاعد الكهربائية الموزعة في مركز المدينة.
فمن سواحلها يستطيع الزائر أن يرى تلك الجبال التي تفصل سويسرا عن فرنسا، وهي ربما لا تبلغ مسافة الوصول إليها عبر البحيرة إلا بضعة كيلومترات فقط، الجبال ما زالت تكتسي بطبقة من الثلج الأبيض، وإذا ما وقع عليها ضوء الشمس، فإنها تبعث بألوان جميلة مختلطة ببياض الثلج.
تجري في لوزان 4 أنهار، هي: فلون، ولوف، وفوشير، وريوليت، وهذه الأنهار لها سحر ربما لا يوجد مثيل له في أوروبا، وفضلا عن كونها تخترق أجمل الأماكن الجبلية، وتصطف على جنباتها الغابات وأشجار الفواكه المختلفة فإنها أيضا موضع للنزهة والرياضة المائية والصيد.
أما مرافق المدينة الأثرية والسياحية فهي كثيرة، وجلها بني في القرون الوسطى، فمثلا كاتدرائية سانت ميد التي تعتبر تحفة تاريخية من التحف الفريدة في أوروبا قد بنيت عام 1405، وكذلك الحال بالنسبة إلى كنيسة القديس لورانس وقصر رومين الذي يدهش حتى أهل المدينة فكيف الحال بالنسبة للزوار الأجانب.
وفي ميدان المدينة «سان فرنسوا» وكذلك في الساحات والشوارع الأخرى تنتشر المطاعم والمحلات التجارية والأسواق المختلفة، فعلى مقربة من جامعة لوزان تتوزع شوارع قديمة وضيقة وهي جذابة للغاية وفيها أسواق شعبية ممتعة، أما ساحة الجامعة الكبيرة، فتتحول في كل يوم سبت إلى أسواق في الهواء الطلق.
* المزارع الأسطورة
* أثناء الرحلة إلى لوزان يمكنك زيارة حقول كروم العِنب في «لافو» التي زرَعها الإنسان منذ العصور الوُسطى على ضِفاف بحيرة ليمان، وقد جُعلت على شكْل مُدرّجات لتُقاوِم شدّة انحِدار الأرض في ذلك المكان، فجاءت آية من آيات الجمال ومشهدا رائعا، توسّطت فيه البُحيرة بين المدرّجات على ضفّة، وجبال الألب على الضفّة المقابلة، مما أعطى المدرّجات طابَعها الفريد وزادها فِتنة إلى فِتنتها، وجعلها تُدرج بجدارة في عام 2007 ضِمن قائمة منظمة اليونيسكو للتُّراث الإنساني العالمي.
تُعتبر مدرّجات الكروم في لافو إحدى أجمل مناظر الطبيعة التي صنعها الإنسان في أوروبا، وجد فيها الكثير من الفنّانين ضالَّتهم وكانت بالنِّسبة لهم مصدر إلهامٍ واستجمام.
فمن ويليام تيرنر وأوسكار كوكوشكا إلى فردينان هودلر وشارلي شابلن، وهي اليوم أسطورة بدأتها الطبيعة منذ ملايين السِّنين واستلم زِمامها كَوكبة من أصحاب الذَّوق الرفيع في العصور الوسطى، ثم انتقلَت إلى أجيال حافظت على أصالَتها وأحاطتها بالرِّعاية والاهتمام.