في ندوة ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الجنادرية الثلاثين، كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، محور الحديث والبحث في ندوة بعنوان «الملك سلمان بن عبد العزيز.. قرارات وإنجازات»، كانت خمسة شخصيات حاضرة تتحدث عن أبرز ما عايشوه مع الملك في جوانب عدة.
بداية كان الحديث في ندوة هي الثانية بالموضوع ذاته، بإضاءة الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، عن أبرز ما عايشه مع والده الملك، تنقل الأمير سلطان للحديث عن تعامله مع والديه وذكره لهما بالقول الحسن، مستذكرا وجود أبناء الملك عبد العزيز الأشقاء من والدتهم الأميرة حصة السديري التي توصيهم دوما بالدعوة والحرص على لمّ الشمل، والعناية بحقوق الناس وعدم التعدي عليها، والسعي إلى تحقيق طلباتهم، وهي وصايا مذكورة ومنقولة من والدهم الملك عبد العزيز رجل توحيد الوطن.
وقال الأمير سلطان بن سلمان: «الملك سلمان كان في العشرين من عمره عندما ولدت في عام 1956م، مما أتاح لي أن أستفيد كابن له من هذه التجربة الثرية في بداية حياتي العملية، كما أتيج لي ولأخواني أن نعاصر الملوك المتتالين، سعود وفيصل وخالد وفهد، وكان الملك سلمان دائما قريبا منهم ومن أخوانه سلطان ونايف وعبدالرحمن وتركي وأحمد وغيرهم، وهم يُعتبرون مدارس في القيادة والحنكة والحكمة والتأني».
وقال الأمير سلطان بن سلمان، إن خادم الحرمين الشريفين أسعد لحظاته، بل يومه، حين يحقق سعادة أحد من الناس، مؤكدًا أن الملك يحمل ثراء معرفيًا تحقق من خلال معيشته في كنف والديه، وإخوانه من الملوك والأمراء، ومطالعته للكتب التي يناقش فيها كتابها ويدوّن بعض الملاحظات عليها، بل وكان يحرص على قراءة بعض العناوين الجديدة بعضها كان يصل إليه من مصر ولبنان.
وأكد الأمير سلطان أن الملك عارف بالناس وبأحوالهم حريص على عيادتهم ومتابعة شؤون من يعرف وعلى أفراد أسرته، حيث عايش الكثير من المواقف في أزمات عدة، وكان قريبا من إخوته مرافقا لهم حائزا ثقة الكبار منهم، وأشار الأمير سلطان إلى أن والده مطلع وقارئ للعلاقات الدولية، قائلا إنه «يحمل لمصر تقديرًا عاليًا ومعزة خاصة»، ويستذكر الأمير في بواكير حكم الملك قوله: «أنا لن أغير أو أنقض شيئا عمله الملك عبد الله».
وعن اهتمام الملك بالمواطنين من أبناء شعبه، قال سلطان بن سلمان، إن الملك يعتمد على منهج «جمّع تزدهر» لا فرّق تسد، ويطالب المسؤولين منذ الأمس وحتى اليوم بأن يرتقوا إلى مستوى المواطن، معتبرا أن الملك سلمان يقدم حاجة الناس ومن يطلبه ويقصده على حاجة نفسه وعائلته، مستشهدا بقصص كثيرة في حياته.
الجلسة التي ترأسها عضو مجلس الشورى، الدكتور ناصر الداود، وعرّج فيها خلال مقدمة الحديث أحد مساعدي الملك سلمان إبان عمله في إمارة الرياض، عن الالتزام العملي للملك سلمان وحرصه على الوقت والوجود مبكرا لقضاء حاجات الناس، وأنه قال له ذات مرة: «لو كنت ضامنا حضور وتواجد الموظفين الساعة السادسة صباحا، لتواجدت في ذات الوقت».
وفي حديث ثاني ضيوف الجلسة، قال عبد الرحمن السويلم، عضو مجلس الشورى، الذي قام بمسيرة عملية طويلة في العمل الخيري والإنساني، إن الملك سلمان يطوع خبراته الواسعة لرسم المسار إلى الأمام ليس للمملكة فقط بل للعالم أجمع، وإنه على مستوى العمل الخيري والاجتماعي، يعد صاحب إشراقات في شخصيته وأخلاقه حيث يملك حسا اجتماعيا خاصا، حيث يستقبل الناس ويساعد الغارمين، مستذكرا وقوفه مع الجمعيات الخيرية في الداخل والخارج، وترؤسه لأكثر من 25 جمعية و15 برنامجا إغاثيا خارج المملكة، ومنها جمعية الأطفال المعوقين التي تأسست في عام 1982 وتبناها الملك وشجع عليها ودعمها بماله ووقته، معتبرا أن الملك انطلق بالمعاقين كقضية وطنية، وتابع الملك توصياتها، ومنها فحص المعاقين وتعميم فكرة الوصول الشامل للمباني الحكومية، وكذلك فكرة إنشاء مركز للبحوث دعمه بأكثر من 10 ملايين ريال، واهتمامه كذلك برعاية الأيتام، وتحفيزه لرجال الأعمال للدعم وتقديم العون لهم. وأضاف أن الملك حريص على تقديم كل ما يهم العمل التنموي في بلدان محتاجة في العالم الإسلامي، كان آخرها إنشاءه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وفي الجانب التاريخي، قال عضو مجلس الشورى الدكتور عبد الله العسكر، إن الملك شغوف بالتاريخ وهو بصدق يوصف بـ«شيخ المؤرخين»، ولحرصه على التاريخ ومعلوماته كان يقوم بنشر ردود على بعض المقالات التي كانت ترد عبر الصحف وتخص الجوانب التاريخية، وفي خمس عشرة نقطة، جمع الدكتور العسكر أبرز النقاط والأفكار التي تحوي محاضرات وخطب الملك سلمان.
تتجلى أولها في فكرة التوحيد، ببعديها الديني والسياسي، وتعزز فكرته الثانية وجود وأهمية الأماكن المقدسة، بإشارته إلى أن شعائر الإسلام تمثل كيان الدولة والمعاصرة، وأن تشريف البلاد بها، يضع على السعودية واجبات لخدمة الإسلام والمسلمين في كل العالم، ومن النقاط البارزة ربطه المستمر مكونات الدولة السعودية في فلسفة الحكم الرشيد.
ويضيف العسكر أن من بين الأفكار وأبرزها أيضًا ذكره وتفصيله لفكرة البيعة التي تعد عقدا سياسيا بين الحاكم والمحكوم، التي يراها الملك نهجا بين الحاكم والمحكوم في البلاد بين حقوق وواجبات بين الطرفين، حيث تمثل فكرة البيعة الركن المتين ورأس الشرعية في حكم البلاد، وأن الدولة السعودية امتدادها للدولة الإسلامية الراشدة، كذلك حديث الملك المتضمن النظام الأساسي للحكم، حاويا الشريعة الإسلامية، وأن مصطلح «الوهابية» ليس مذهبا جديدا، ودائما ما يؤكد الملك على أن الأهم هو «محتوى الكتاب لا عنوانه» في إشارة إلى هذا المصطلح.
وفي الجانب الإعلامي، قال سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» إن خادم الحرمين الشريفين ومنذ تسلمه إمارة الرياض، وعلى مدى أكثر من 60 عاما من عمله في بناء الدولة السعودية، مزج بين اشتغاله بالحياة السياسية والإدارية، واهتمامه المتواصل بالثقافة والتاريخ والتراث ورعايته للفكر، وصلته المباشرة برجال الصحافة والإعلام.
وأبان الدوسري أن الملك سلمان وضع بصمة واضحة في المشهد الثقافي السعودي والعربي، ليس من خلال بنائه واحتضانه للصروح الثقافية والأدبية والتاريخية الكبرى، ولكن أيضًا باحتضانه تطلعات مواطنيه واستيعاب همومهم وفتح الباب للتحاور معهم، وأنها «سمة مميِّزة لاستراتيجيته الإعلامية، التي تقوم على الشفافية والانفتاح والتواصل مع حفظ القاعدة التي تتكئ عليها البلاد وتشكل هويتها».
وأشار رئيس تحرير «الشرق الأوسط» إلى تحول إعلامي كبير شهدته المملكة منتصف الثمانينات، حين كان العالم يجهل حقيقة السعودية، إلا أن انطلاقة «معرض المملكة بين الأمس واليوم»، الذي أشرف عليه شخصيا الملك سلمان، مكّن هذه المعارض من تغيير الانطباع عن صورة السعودي البدوي والجمل وبئر البترول إلى السعودي طالب العلم والمعرفة ورائد الفضاء، حيث أسهمت تلك المعارض، التي تنقلت بين المدن والعواصم الأوروبية ووصلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، في تغيير الصورة الذهنية والنمطية التي تكونت لدى الشارع الغربي.
وتطرق الدوسري خلال حديثه إلى أن الملك سلمان وصف نفسه ذات مرة بأنه «رئيس تحرير ما بعد النشر»، وأن الملك سلمان لم يكن يمارس دور «الرقيب»، حيث لا يتدخل لمنع أو حجب أو الحجر على الرأي المخالف، لكن أي معلومة تمس تاريخ المملكة، أو تتناول الرياض التي بناها وعرف تفاصيلها، لن تفوته، كما أن أي كاتب يجد أنه يستثير نعرات أو يحرض على العصبية سيجد أمامه ناقدا بصيرا هو سلمان بن عبد العزيز، وأشار إلى أنه، وخلال مرافقته لسلمان بن عبد العزيز ملكا ووليا للعهد، شهد تأكيده المستمر على وسائل الإعلام بعدم إعجابه بالمديح بل تشجيعه لهذه الوسائل على النقد الموضوعي.
8:17 دقيقة
سلطان بن سلمان: خادم الحرمين يحفّز المسؤولين على الارتقاء إلى مستوى المواطن
https://aawsat.com/home/article/561271/%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%86-%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D9%81%D9%91%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86
سلطان بن سلمان: خادم الحرمين يحفّز المسؤولين على الارتقاء إلى مستوى المواطن
مسؤولون ومفكرون واقتصاديون يرصدون مواقف حياتية وخيرية وثقافية وإعلامية للملك سلمان
- الرياض: عبد الله آل هيضة
- الرياض: عبد الله آل هيضة
سلطان بن سلمان: خادم الحرمين يحفّز المسؤولين على الارتقاء إلى مستوى المواطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة