حملت ندوة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز التي شهدتها «الجنادرية 30» من خلال شقها الثقافي، «شهادات» من كان قريبًا منه، وعمل معه، فجاءت الكلمات والشهادات مؤثرة حول شخصية الملك عبد الله، وتقاسم المشاركون في الندوة، الرؤية السياسية له والبعد الثقافي والحضاري في تناوله للحوار بين الأديان والحوار الحضاري، والبعد الإنساني والاجتماعي والاقتصادي داخل وخارج المملكة.
الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، جاءت كلمته شاعرية مؤثرة، تفاعل معها الحضور، وقال: «إنه عمي.. وإنه عبد اللّه بن عبد العزيز الملك الصالح المصلِح.. يقول ويفعل، ويبني فيحكم البنيان.. شجاع القرار، حكيم الاقتدار، غيور على دينه، أسد في عرينه. إذا انتفض أخاف، وإذا أعطى أضاف. كلماته قليلة، وأفعاله جليلة، له عروبة أبية، وروح إسلامية غنية، وفي عفويته جاذبية».
وأضاف الفيصل: «سعى واحتسب، ولمّ شمل المسلمين والعرب، وأعطى وما طلب، أسس لحوار أتباع الأديان، بإيمان وكافح الإرهاب، بكل الأسباب، واجه مؤامرات الصغار بمواقف الكبار، ودرأ الخطر عن البحرين فهزم أعداء البلدين، وكشف خدعة العصر، فأنقذ بالحكمة مصر، أما في الداخل فحدث ولا حرج.. طوّر التعليم، لبناء مستقبل كريم، وضاعف الجامعات، وابتعث البعثات، وأسس (موهبة) للموهوبين، وشجع الإبداع للطامحين، وبنى للرياضة ملاعب وساحات، وأعان الأندية الأدبية بمساعدات، ومكن المرأة في الشورى، وفتح لها أبواب العمل مشكورا، ثم جعلها تَنتَخب وتُنتَخب، في مجالس البلديات مع النخب، وزار المناطق، وتفقد المرافق، وعدل بين الأطراف والعواصم، فسقى الجفاف ووازن القواسم، أنشأ المدن الاقتصادية، ومدينة الملك عبد اللّه للطاقة الذرية والمتجددة، وجامعته العالمية للعلوم والتقنية، ومركزه للدراسات والأبحاث البترولية، وطور نظام القضاء، وأنشأ مركزًا للحوار الوطني، وآخر للحوار العالمي، وأنشأ وزارةً للإسكان، وهيئةً لمكافحة الفساد، ومن أهم إنجازاته في نظري - أنه من بعد عمر بن الخطاب رفع عن البيعة النقاب، فكان أول من وضع نظامًا للبيعة، جعل لأسلوب الرأي في الاختيار هيبة، إن حفظناها وطورناها أسسنا للمسلمين بناها، ومنحناهم قطف جناها».
واستطرد: «إنه عمّي، ما قدمت له طلبًا للتنمية إلا أجابه، ولا مشروعًا مدروسًا إلا أجازه، يستعجل الإنجاز وينشد الإبداع والإعجاز، وسع الحرم، وأقر مشروع إعمار مكة، ودراسة تطوير المشاعر المقدسة، والنقل العام في كل من مكة وجدة.. وفي جدة مطار، وللحرمين قطار، وللعشوائيات مشروع إنساني، فيه تصحيح أوضاع المقيم البرماوي».
وقال: «إنه عمّي، استخلصني فأخلصت له، وائتمنني فحفظت الأمانة، قال لي: أنا اخترتك، قلت: فديتك، خدمتك، وصدقتك. قال: أوصيك بمكة الإنسان والمكان، وضيوف الرحمن، قلت: لك ولهم ما بقيت في هذا الزمان».
واختتم: «جزاه اللّه عني خير الجزاء، وأسكنه جنان الخلد مع الأبرار والخلصاء، ترك في كل واحةٍ نخلة، وفي كل حديقةٍ زهرة، وفي كل قلبٍ نبضة، أحب الناس فأحبوه، وصدقهم فصدقوه، وفارقهم فبكوه، إنه عمّي، إنه عبد اللّه بن عبد العزيز».
فيما أوضح الأمير فيصل بن عبد الله، بأن صفات الراحل كانت «الصدق والأمانة والطيبة والبساطة، صفات تجسدها حركاته وسكناته وصوره».
وبين أن الملك عبد الله، كان يحب ويرتاح في «روضة خريم» - على بعد 100 كلم شرق العاصمة الرياض - لما لها من تاريخ في ماضي حياته مع والده المؤسس، حيث كان يتجول بالسيارة بينما هو يلتقط الصور التي ليقرأ تعابيره وانعكاساتها.
واستعرض الأمير فيصل عددًا من الصور التي تجسّد بعض ما اتسم بها الملك عبد الله من صفات جميلة، وقال: «قرر الملك في عام 2006، تحقيق حلم راوده لأكثر من 30 عامًا لبناء حصن للمعرفة، وذلك عندما أوقف معاينًا الأرض التي أوقف أرضها وبحرها لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، والتي افتتحها في أقل من ألف يوم».
وأوضح أن الملك عبد الله يستمتع بالسير في الصحراء مع رفاقه، ويمارس بعض أنواع الرياضة، مشيرًا إلى أنه كان دائم التأمل والإعجاب والحب للصحراء وأسرارها، كما كان محبًا للعراقة والأصالة والتراث، وجعل احتفالية «العرضة السعودية»، مقرونة بمهرجان الجنادرية.
وأوضح أن الملك عبد الله كان مشجع الفروسية الأول، وصيّادًا ماهرًا يحب القنص، وراميًا مميزًا لا يخطئ الهدف، كما أنه أحب رياضة «البول»، لما فيها من روح منافسة وتسلية وتساوٍ في الحظ لدى الجميع. فيما استعرض الوزير محمد بن عيسى وزير الخارجية والتعاون المغربي الأسبق سابقًا، الأمين العام لمؤسسة منتدى «أصيلة بالمغرب»، بعض مناقب وشمائل الملك عبد الله، مبينًا أنه أطلق مبادرات سياسية وتنموية جريئة نالت الثناء والإشادة في حينها، مبينا أنه أنجز أعمالاً جليلة وإصلاحات كبرى.
وأكد العيسى أن الملك عبد الله، قائد مقدام لبلده ولشعبه، وزعيم عربي وإسلامي لا يشقّ له غبار، مبينًا أنه ظلّ محترمًا ومسموعًا راجح الرأي في المحافل الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن أهم ما اتصفت به شخصيته، نزوعه الإنساني، بدءًا من فعل الخير والدعوة إليه إلى الإسهام والانخراط الفاعل في مساعدة الإنسانية.
بينما رصد الدكتور عبد الله الربيعة المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الكثير من المواقف الإنسانية للملك عبد الله، مشيرًا إلى أنه كان رجل المرحلة، حيث كانت فترة قيادته في خدمة دينه ووطنه وأمته، مؤكدًا أن محبته للإنسانية هي أهم صفاته ومناقبه، منوهًا بأنه كسب من خلالها محبة شعوب العالم واحترامهم.
وأوضح الربيعة أن أفكار الملك عبد الله، أسهمت في تحقيق التوازن على جميع المستويات، مبينًا أنه جدد نهضة بلاده، وحقق لها الأمن والاستقرار، وفوت الفرصة على المتربصين بها الدوائر، مشيرًا إلى أنه أول من أطلق فكرة الحوار الوطني، ومنها تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
وأوضح أن الشغل الشاغل للملك عبد الله، كان سرعة إنجاز المشاريع الصحية لخدمة المواطن، وأن «المشروع الوطني للمدن الطبية»، أحد أهم إنجازاته، مشيرًا إلى أن رسالته الإنسانية تجاوزت كل الحواجز الجغرافية والدينية، بشكل يجمع بين القوة والتواضع والرحمة والفراسة.
ونوه الربيعة إلى أن الراحل تتجلى عاطفته مع ظاهرة التوائم السيامية، حيث رعى برنامجًا وطنيًا مهمًا، سطر من خلاله على خريطة العالم رسالة إنسانية عظيمة، مشيرًا إلى أن البرنامج احتضن 92 توأمًا سياميًا ينتمون إلى 19 دولة وثلاث قارات ليصبح أكبر برنامج طبي من نوعه في العالم.
وفي موقف من مواقف الملك عبد الله، ذكر الربيعة أنه كان هناك توأم كاميروني ينحدر من أسرة فقيرة وترعاها جمعية تبشيرية مسيحية، حيث وجه بإجراء عملية عاجلة لهما وعندما نجحت زارهما في المستشفى، وداعبهما، فما كان من والديهما إلا أن اعتنقا الإسلام فور العملية، وبسببهما أسلمت كل القرية التي كانا يقطنانها.
خالد الفيصل متذكرًا الملك عبد الله: إنه عمي شجاع القرار وحكيم الاقتدار.. أوصاني بمكة الإنسان والمكان
«شهادات» الجنادرية تبدأ بشاعرية مؤثرة عن سادس ملوك السعودية
خالد الفيصل متذكرًا الملك عبد الله: إنه عمي شجاع القرار وحكيم الاقتدار.. أوصاني بمكة الإنسان والمكان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة