فؤاد الممتن حاول حماية ولده فـ«استشهدا» معاً

نجل «الشهيد» البدر لـ {الشرق الأوسط} : الحوادث الإرهابية لن تنجح في شق الصف

الممتن يمين الصورة ووالده يسارا وكلاهما «استشهد» في الهجوم الإرهابي على مسجد بالأحساء أمس («الشرق الأوسط»)
الممتن يمين الصورة ووالده يسارا وكلاهما «استشهد» في الهجوم الإرهابي على مسجد بالأحساء أمس («الشرق الأوسط»)
TT

فؤاد الممتن حاول حماية ولده فـ«استشهدا» معاً

الممتن يمين الصورة ووالده يسارا وكلاهما «استشهد» في الهجوم الإرهابي على مسجد بالأحساء أمس («الشرق الأوسط»)
الممتن يمين الصورة ووالده يسارا وكلاهما «استشهد» في الهجوم الإرهابي على مسجد بالأحساء أمس («الشرق الأوسط»)

للتو فرغ فؤاد الممتن من الاحتفال بولده محمد، كان يوزع الصور لابنه وهو يرتدي مشلحًا يزهو به كعريس، لكن يد الغدر سارعت أمس لقطف زهرة الشباب، وأخذت معها والده أيضًا.
فقد «استشهد» في تفجير مسجد الإمام الرضا في حي المحاسن بالمبرز في الأحساء، فؤاد الممتن، وولده الشاب الصغير محمد، الذي لم يبلغ الحلم بعد، (نحو 10 سنوات)، حيث كان الطفل قريبا من والده الذي حاول إنقاذه لكنه لقي نفس المصير وكانا بالقرب من باب المسجد الذي استهدفه التفجير الانتحاري.
وبين أحد شهود العيان لـ«الشرق الأوسط» أن الأب المتوفى، وهو في الثلاثينات من عمره ويعمل في مستشفى الحرس الوطني بالأحساء، استشهد مع ولده الطالب في المرحلة الابتدائية.
في حين قال شاهد آخر إن الممتن وولده سقطا برصاص المهاجم الذي تمكن من دخول المسجد، وكان فؤاد الممتن حاول إنقاذ ولده متحاشيا أن تصل إليه رصاصات الغدر الإرهابي، لكن الرصاص أودى بالوالد والطفل في لحظات متقاربة.
وقال أحد الشهود: «كان المشهد رهيبًا، حيث أخذ الرصاص يعربد في بيت الله والناس تهتف بالتكبير والتهليل بصوت مرتفع، وشاهدنا الأربعيني حسين عايش البدر مضرجًا بدمائه، بعدها لفظ الشاب فؤاد الممتن أنفاسه إلى جوار ولده محمد، لقد كان منظرًا مفجعًا للغاية، والوالد وولده يتعانقان لحظة الوداع». وأضاف: كان هناك بعض المصابين، لكن لم يكن صعبًا التعرف على «الشهداء» الذين سقطوا داخل المسجد، وبعضهم كانت شفاههم ما زالت نابضة بالتسبيح والتكبير.
من جهة أخرى، أوضح علي حسين البدر، نجل الشهيد حسين، عن حزنه وصدمته الشديدة من الحادثة الإرهابية التي حصلت يوم أمس في حي محاسن الأول بالمبرز، وقال: «والدي يعمل في إحدى الشركات الخاصة في الدمام ومع ذلك يحرص على الوجود يوميا في المنزل حيث يقطع يوميا أكثر من 200 كلم ذهابا وإيابا، وكان يعتزم الحصول على إذن بالتقاعد من أجل التفرغ للعيش والاستقرار الكامل بجانبنا ولكن القدر كان أسرع، والحمد لله على قضائه وقدره».
وأشار إلى أن والده «الشهيد» عاش يتيما منذ صغر سنه «حيث توفي جدنا ووالدنا صغير وتربى على حب الخير ولم يفارق المسجد يوما وكان يحثنا دائما على الالتزام بالتعاليم الدينية والحرص على الصلاة».
وأكد أن الحوادث الإرهابية لن تنجح في شق الصف وأن الإرهاب والمحرضين إلى زوال ومن إفلاس فكرهم التوجه لاستهداف بيوت الله.
أما المصاب محمد البوعويس الذي غادر المستشفى بعد أن تلقى العلاج إثر إصابته بشظايا رصاص في الجانب الأيسر من جسده، فأكد أن الحادث الإرهابي الذي حصل في مسجد الإمام الرضا في حي محاسن بمدينة المبرز بمحافظة الأحساء لن يكون له أي أثر على التعايش الموجود بين جميع الطوائف في المملكة، وخصوصا في الحي الذي يسكن فيه حيث يتجاور الجميع دون أدنى تفرقة بينهم ويتعاونون جميعا في إنجاح المناسبات الدينية وفي مقدمتها صلاة الجمعة، وستبقى الأخوة موجودة بل وستتعزز وسينحدر الإرهاب والمحرضون إلى أسفل سالفين.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».