سيدات الشرق الأوسط وآسيا يفرضن أسلوبهن على المصممين

أسبوع باريس للأزياء الراقية لربيع وصيف 2016.. تصاميم تحترم كل البيئات والثقافات

من عرض دار شانيل لأزياء الربيع والصيف (رويترز)
من عرض دار شانيل لأزياء الربيع والصيف (رويترز)
TT

سيدات الشرق الأوسط وآسيا يفرضن أسلوبهن على المصممين

من عرض دار شانيل لأزياء الربيع والصيف (رويترز)
من عرض دار شانيل لأزياء الربيع والصيف (رويترز)

لم تنغص إضرابات المراقبين الجويين في فرنسا ولا تعطيل سائقي التاكسي الغاضبين من شركة «أوبر» حركة السير، على حضور أسبوع باريس للأزياء الرفيعة، المعروف بالـ«هوت كوتير» سعادتهم وحماستهم. فالمناسبة لا تعوض، لأنها بمثابة البوصلة التي تسلط الضوء على ما سنراه في أسابيع الأزياء الجاهزة والكروز وغيرها. بمعنى آخر، الـ«هوت كوتير» كان ولا يزال بالنسبة للبعض، مختبر أفكار وحقلاً خصبًا للابتكار والحرفية التي لا يُعلى عليها، بفضل الأنامل الناعمة التي تسهر على تنفيذها، من جهة، وتباري بيوت الأزياء على طرح كل ما هو مترف ومفعم بالفخامة من جهة ثانية. فمن أهم عناصرها أن تثير الحلم وهو ما يخول للبيوت والمصممين المتخصصين فيها البقاء في الواجهة.
لا يختلف اثنان على أن المنافسة شرسة في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد أن أصبح هذا الخط، الذي لم يكن يُفترض فيه أن يحقق الأرباح بقدر ما يُلمع صورة الدار أو المصمم، يجذب شرائح واسعة من الزبونات من كل أنحاء العالم. زبونات نعرف أنهن يختلفن عن زبونات الـ«هوت كوتير» في الخمسينات والستينات، بل وحتى الثمانينات، من اللواتي كن يتعاملن معها كفنّ ويقدرنها كتحف فنية يمكن ارتداؤها في مناسبات خاصة جدًا، فالزبونات الجديدات، شابات من أسواق نامية وجديدة، همهن الأول هو التميز والحصول على قطعة فريدة لمصممهن المفضل، سواء كان جيامباتيستا فالي، جيورجيو أرماني، إيلي صعب أو من بيوت أزياء عريقة مثل «شانيل» أو «ديور» وغيرهما.
لهذا كان من البدهي أن يتحول ما كان «بريستيج» إلى عملية تجارية يستهدف منها تحقيق الأرباح، مما يفسر تسابق الكل لكسب ود هذه الشريحة بأي شكل. «ديور» مثلا تصرح منذ ثلاث سنوات بأنها شهدت ارتفاعًا في مبيعاتها من هذا الخط، كذلك «شانيل» و«اتولييه فرساتشي» و«أرماني بريفيه» التي أعلنت أن مبيعاتها ارتفعت بنسبة 30 في المائة و50 في المائة.
ورغم أن مصممين شبابًا مثل جيامباتيستا فالي يحققون الكثير من النجاح بفضل زبوناتهم الشابات، أغلبهن نجمات أو فتيات مجتمع، فإن بيوت الأزياء الكبيرة التي تتمتع بإمكانيات عالية وورشات يعمل فيها حرفيون متمرسون، تعرف أن هذا الخط، بكل ما يحققه من أرباح، هو بالفعل ماكينة ترويجية ضخمة، إن هي استعملته بذكاء وفنية، لأنه في هذه الحالة سيبيع لها منتجاتها الأخرى. بعبارة أخرى، فهي لا تعتمد عليه وحده، لأنه مهما حقق من نجاح وبريق لا يصل إلى ما تحققه العطور ومنتجات التجميل أو الإكسسوارات، وبالتالي، فإنه بالنسبة لها عبارة عن منبر تستعرض فيه قدراتها الفنية وقوة اسمها أيضا. أكبر دليل على هذا أن عروض «شانيل» لا تثير الانتباه والحديث فقط لتصاميمها، بل في أحيان كثيرة تأخذ ديكوراتها وإخراجها المسرحي نسبة لا تقل عن 90 في المائة من الاهتمام والحديث والتغطيات الإعلامية. طبعًا هذا لا يعني أن الدار لا تهتم بالأزياء، بل كل ما في الأمر أنها تعرف أن بريقه يلمع صورتها ويجعل أزياءها تبيع بسهولة أكبر. في الجهة الأخرى، هناك المصممون الصغار الذين دخلوا مجال الـ«هوت كوتير» وتألقوا فيه بفضل ربطهم علاقات خاصة وحميمة مع زبوناتهم من أسواق معينة، مثل الشرق الأوسط وروسيا وكازاخستان وباقي أسواق آسيا. من هؤلاء نذكر ستيفان رولان، «رالف أند روسو»، ألكسندر فوتييه، جوليان فورنييه وغيرهم. كل هؤلاء الكبار والصغار باتوا يعرفون جيدًا أن باريس قد تكون مركز الانطلاق، لكن النتيجة، أو ثمرة جهودهم، تكون غالبًا في مرمى زبونات الشرق الأوسط والأسواق النامية، بدليل أن الوجوه التي تحضر أسبوع «الهوت كوتير» في شهري يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) من كل عام، هن إما عربيات أو آسيويات. وبينما الزبونة العربية تنعش هذا السوق منذ الثمانينات من القرن الماضي، ولا تزال، فإن الزبونة الصينية دخلت الخط، منذ نحو خمس سنوات فقط، ومع ذلك برهن تعطشها للتميز مهما كلف الثمن أنها استثمار مهم للمصممين. يعترف كل المراقبين والمتابعين لأحوال الموضة أنها قبل ذلك لم تكن تعرف الكثير عن الـ«هوت كوتير» ولا حتى أسماء بيوت الأزياء المتخصصة في هذا المجال، لكن ما يُحسب لها أنها تتعلم بسرعة. تقول أيشي إيغي، المصممة التركية التي أطلقت خط «ديتشي كاييك» مع أختها إيشي، إن 85 في المائة من زبونات الـ«هوت كوتير» من منطقة الشرق الأوسط بينما 15 في المائة من الولايات المتحدة وأوروبا الشرقية. بدورها اعترفت دوناتيلا فرساتشي بأنها في تشكيلتها الأخيرة، لم تخاطب امرأة أوروبية أو باريسية، بل تعمدت أن تتوجه إلى امرأة عالمية من ثقافات مختلفة. صحيح أن الزبونات القديمات ما زالت لهن مكانتهن وهيبتهن، لكن زبونات الأسواق الجديدة أصبحت لهن قوة لا يمكن الاستهانة بها في تحريك سوق الأزياء الرفيعة تحديدا، ويصرفن مبالغ طائلة لا سيما أن الـ«هوت كوتير» ترادف بالنسبة لهن مناسبات الأعراس.
هؤلاء الزبونات الشابات لم يغيرن فقط خريطة الموضة الشرائية، بل أيضًا شخصيتها إلى حد ما. فهن من جيل الإنترنت، وبالتالي فإنهن يملن إلى التسوق عبر الإنترنت، رغم أن هذا مخالف كليا لفكرة الـ«هوت كوتير» وما تقوم عليه من تفصيل على المقاس، وإجراء أكثر من «بروفة» للتأكد من أن كل سنتيمتر في مكانه وكل غرزة لها مبرر. «نيت أبورتيه» مثلا وموقع «موضا أوبراندي» أصبحا يطرحان هذه التصاميم على مواقعهما بأسعار تفوق 30 ألف دولار أميركي أحيانًا، واللافت أنها تجد لها دائما مشترية، ما يؤكد تغير شخصية الموضة عموما، والـ«هوت كوتير» خصوصا. فمن كان يتصور أن تصبح بهذه الديمقراطية، وبأن تتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكاله؟ فبيوت عالمية مثل «ديور» و«شانيل» أصبحت تستضيف مدونات شابات وفتيات إنستغرام ونجمات صغيرات لكن بحساب «تويتر» أو «إنستغرام» كبير، على حسابها بهدف الوصول إلى أكبر نسبة من المتابعة فيما يمكن اعتباره عملية ترويجية مباشرة تتوجه لبنات جيلهن.
تحول الـ«هوت كوتير» إلى خط أزياء يدر الأرباح غير الكثير من المفاهيم، وأجج الرغبة في النجاح بكل الوسائل. فالغاية تبرر الوسيلة حسب رأيهم، خصوصًا أن اختراق باريس صعب، والبقاء دائما للأقوى، والأقوى هنا لم يعد يعني الفنية والابتكار والإبداع بل أيضًا القدرة على الترويج للذات وإحداث ضجة إعلامية تثير الحلم. الكثير منهم يحاولون أن يتعلموا من قدرة «شانيل» على مواكبة تطورات العصر، لكن القليل منهم لديهم إمكانياتهم الهائلة، سواء الفنية التي يدهشنا بها المخضرم كارل لاغرفيلد في كل موسم، حتى عندما يعيد ترجمة قطعة قديمة مثل التايور أو الفستان الناعم، أو الإخراجية التي أصبحت لصيقة بها. في عرضها يوم الثلاثاء الماضي، مثلا، بنت في «لوغران باليه» جناحًا وممرًا من الخشب الصديق للبيئة تحيط به نباتات خضراء وتظلله سماء زرقاء. صحيح أن الديكور ليس بالبهارات ذاتها التي استعملتها الدار سابقًا وبالتالي أقل إبهارًا، لكن فكرته معاصرة لو تتضمن قضية نبيلة، انعكست على الأزياء الفخمة من ناحية أنه يمكن توريثها لأجيال قادمة. أي أنها ليست موضة سريعة. كان واضحا أن المصمم احترم فيها إرث الدار، وعاد فيها إلى القطعة التي تروق للأمهات كما للبنات ألا وهي تايور التويد. لكن في أسبوع مخصص للأزياء الرفيعة والأسعار النارية فإن قوة هذه التشكيلة تكمن في أزياء المساء والسهرة التي توجهت إلى المرأة بلغة عالمية شملت المرأة العربية أيضًا بأكمامها الطويلة وياقاتها العالية. فالنتيجة التي تخرج بها وهي أن تغير الخريطة الشرائية أثرت على الموضة التي باتت تصاميمها تحترم كل البيئات والثقافات، ما دامت القوة الشرائية بيدها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.