مايكل بيتيو نجار وجندي سابق من جنود البحرية الأميركية، وأيضًا جد وقائد لفرقة موسيقية بكنيسة أرثوذكسية روسية، يحب أن يتباهى بما تصنعه يداه في البيت من العجائن الملفوفة بالمكسرات. لكنه إلى جانب كل ذلك مرشح لرئاسة الولايات المتحدة. فبيتيو البالغ من العمر 66 عامًا، والذي يعيش في ولاية إنديانا لا يملك ممولين كبار لحملته الانتخابية، كما أن خبراته السياسية محدودة لا تتجاوز محاولتين فاشلتين للفوز بعضوية الكونغرس الأميركي، والأهم من ذلك كله فإن فرصه في الفوز في انتخابات الرئاسة تعد معدومة. لكن رغم كل هذه النقاط السلبية فإن هذا لم يمنعه من التفكير في أنه الشخص المناسب لخلافة الرئيس باراك أوباما في هذا المنصب. لكنه ليس وحده في هذه الحملة التي اشتعلت بقوة مطلع هذا الأسبوع.
فبيتيو ليس سوى نموذج مصغر لمئات الأميركيين الذين يطمحون لشغل مقعد الرئاسة، بسبب ما يصفه خبراء علم النفس بأنه نرجسية متزايدة وارتياب في القيادات، وكذلك بفضل ودور قوة وسائل التواصل الاجتماعي في تيسير الوصول إلى الجماهير. ويسلم بيتيو بأنه لا يملك فرصة له في النجاح، لكنه يعتقد أنه لا يحتاج سوى لبعض الاهتمام، ويقول بهذا الخصوص متسائلاً «كيف يدركون أنني لست الشخص التالي الذي قد يقع عليه الدور؟».
وتقول اللجنة الاتحادية للانتخابات، إن أكثر من 1500 مرشح تقدموا لخوض انتخابات الرئاسة. وقد زاد عدد هؤلاء المرشحين الساعين للرئاسة إلى أكثر من ثلاثة أمثاله، حيث بلغ 417 مرشحًا في انتخابات عام 2012، رغم أن بعض المتقدمين رشحوا أنفسهم بأسماء قد تكون مستعارة، مثل ديسكو دادي ودارث فيدر. ومن بين المرشحين هذا العام سوزان يونغ، وهي مدرسة للدراسات الاجتماعية في كاليفورنيا، تهدف إلى إعطاء طلبتها درسًا عمليًا في أصول الديمقراطية، وكذلك تيري جونز، القس المعروف في ولاية فلوريدا بعدائه للإسلام والمسلمين، إلى جانب رائد برامج مكافحة فيروسات الكومبيوتر جون ماكافي. ومنهم أيضًا إيدي بوكوايج، التي نشرت على موقعها على الإنترنت وصفة لأكلة تطهوها جدتها بالفلفل الحار، ووعدت الناخبين بأن العامين الأخيرين من فترة رئاستها سيتسمان بالملل، لأنها ستكون قد أصلحت وقتها كل ما لحق بالبلاد من ضرر. لكنها أخطأت في كتابة كلمة ضرر، وهو ما جلب عليها العشرات من التعليقات الساخرة.
وهؤلاء المغامرون، الذين يدفعهم الطموح لقيادة أميركا، ليسوا عنصرا في استطلاعات الرأي التي توضح أن دونالد ترامب والسيناتور تيد كروز من ولاية تكساس يتصدران السباق على الفوز بترشيح الجمهوريين لانتخابات الرئاسة، بينما يتسابق السيناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت، ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، وذلك قبل المؤتمرات الانتخابية في ولاية إيوا، والانتخابات التمهيدية في نيوهامبشاير الشهر المقبل.
لكن رغم غياب الاهتمام من قبل وسائل الإعلام، فإن ذلك لم يقلل من حماسة بيتيو، الذي استوفى الشروط الدستورية للترشح لمنصب الرئيس، ذلك أن عمره لا يقل عن 35 عامًا، كما أنه مواطن أميركي يحمل الجنسية لأنه ولد في الولايات المتحدة، ولذلك ظل بيتيو، الذي يملك شركة للبناء ويوزع بطاقات بياناته الشخصية، يردد في كل المناسبات السياسية في منطقة الغرب الأوسط «لا أدري كيف يمكن لشخص أن يمثل الناس دون أن يكون واحدا منهم».
وككثير من الأميركيين المشككين في قرارات الحكومة، يتبنى بيتيو نظريات المؤامرة، حيث يزعم أن مقر إدارة الإيرادات الداخلية (الضرائب) الأميركية يوجد في بويرتو ريكو، وأن أعضاء تنظيم القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 تلقوا مساعدة من داخل الحكومة الأميركية، وأن الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ تقيم معسكرات اعتقال في مختلف أنحاء البلاد. وبهذا الخصوص يقول بارت روسي، خبير علم النفس السياسي، إن «المهم بالنسبة لأمثال بيتيو إيجاد مواطنين أميركيين مستعدين للإنصات لما يقولونه.. فهم يريدون نشر آرائهم وأفكارهم.. ويريدون أن يكونوا في الساحة حتى إذا لم يكن الفوز بالسباق من نصيبهم». ومن جهته، يقول المحلل النفسي وخبير القيادة مايكل ماكوبي حول هذه الظاهرة الجديدة: «إن العالم يمر بتغيرات عميقة، وأعداد المرتابين في القيادات الحالية تتزايد.. ولذلك فمن المفهوم أن يكون هناك كثير من الناس الذين يعتقدون أن لديهم الإجابة عن التساؤلات».
ورغم أن بيتيو جمهوري التوجه، فإنه يرفض التصنيفات الحزبية لأنه يؤيد الاتحادات العمالية، وهو الموقف المعتاد للديمقراطيين، وفي الوقت نفسه يؤمن بأن الشركات الأميركية يجب أن تدفع ضرائب قليلة، أو لا تدفع ضرائب على الإطلاق.
وقد ضمن بيتيو صوتًا واحدًا على الأقل، حيث قال صديقه القديم ونصيره جيم رايت، وهو مهندس متقاعد يتولى توزيع منشورات لصالح بيتيو، إنه سيصوت لصالح صديقه، رغم أنه يعلم أن فرصه في النجاح «أشبه بفرصة بقاء كرة ثلج في الجحيم».
الفوز بلقب رئيس أميركا.. حلبة تنافس مشروعة لكل الأميركيين
أكثر من 1500 مرشح يتسابقون للظفر بالمنصب
الفوز بلقب رئيس أميركا.. حلبة تنافس مشروعة لكل الأميركيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة