قالت دار الإفتاء في مصر، إن تنظيم «داعش نيجيريا» الإرهابي لجأ إلى استراتيجية جديدة وهي «الانتحاريات» عن طريق دفع النساء اللاتي فقدن أزواجهن من عناصر التنظيم أو الفتيات «المقاتلات» بين صفوف التنظيم للقيام بعمليات إرهابية انتحارية في غرب أفريقيا، مماثلة للتي يقوم بها عناصره من الرجال بدعوى «الجهاد المشروع». في حين قال مصدر مطلع بالإفتاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنظيم يستهدف الأسواق لإظهار دمويته بإسقاط أكبر عدد من القتلى والمصابين، ويدفع بالفتيات والنساء إلى (عمليات انتحارية) في تطور جديد لمُخططه الإرهابي، بعد قيامه - أي تنظيم داعش - بتجنيد الفتيات وعمل (مسح مخ) لهن، للإيمان بأفكار التنظيم المتطرفة».
وحذرت دار الإفتاء المصرية في تقرير أعده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع للدار أمس، من خطورة الأعمال الانتحارية، التي تلجأ إليها جماعات العنف والتكفير حول العالم وفي مقدمتها «داعش»، والتي توقع كثيرا من الضحايا والأبرياء بشكل عشوائي، وتقوض الأمن والاستقرار وتنشر الفزع بين المواطنين.
جاء تحذير «الإفتاء» بمصر، في أعقاب مقتل 32 شخصا على الأقل وإصابة نحو 86 آخرين في ثلاث هجمات انتحارية، نفذتها أربع انتحاريات شابات، استهدفن سوقا في قرية بودو في أقصى شمال شرقي الكاميرون. ووصفت دار الإفتاء العملية الإرهابية بأنها تعد من أسوأ الاعتداءات التي ارتكبت في هذه المنطقة، التي تهاجمها باستمرار جماعة «بوكو حرام سابقا»، «داعش نيجيريا».
من جانبه، قال المصدر المُطلع في دار الإفتاء، إن تفجيرات «داعش نيجيريا» أصبحت أكثر عنفا ودموية، بسبب التكوين الفكري المقتبس من الجماعات المتطرفة الأخرى.. وهجماتها دائما تستهدف أماكن مكتظة بالسكان مثل الأسواق، مما يتسبب في وقوع كثير من الضحايا، مشيرا إلى أن أسلوب «داعش نيجيريا» في أغلب عملياتها تميل إلى استخدام القنابل والعبوات الناسفة والأحزمة الناسفة، مما يزيد من أعداد القتلى والجرحى.
وأكد «مرصد الإفتاء»، في تقريره، أن «داعش نيجيريا» دأبت على استخدام العناصر الانتحارية في العمليات الأخيرة التي نفذتها الجماعة، والتي انتقلت بدورها إلى جماعات أخرى، غير أنها قد اشتهرت عن غيرها من تلك الجماعات بتوظيف «الانتحاريات» في تنفيذ تلك العمليات، مستغلين في ذلك ظروف بعض السيدات ممن فقدن أزواجهن، أو ممن يصدقن دعاية تلك التنظيمات وفتاواها الضالة التي تنشرها في المناطق التي تسيطر عليها.
وأعلنت جماعة «بوكو حرام» التي تعد من أكثر التنظيمات الإرهابية دموية بالعالم في مارس (آذار) الماضي بيعتها لزعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، ومنذ ذلك الحين أطلق عليها «داعش نيجيريا».
ولفت تقرير مرصد الإفتاء إلى أن «داعش نيجيريا» تعمل على استغلال ضعف المعرفة الدينية لدى كثير من سكان القرى والبلدات الأفريقية النائية لنشر مناهجها وفكرها المتطرف، فضلا عن تلقين أهل تلك البلدات المُعتقدات المُتشددة التي تحقق أهداف التنظيم الإرهابية، وتساهم في تزويد التنظيم الإرهابي بكثير من العناصر الانتحارية، وتضمن للتنظيم استمرار الحاضنة الشعبية والإمداد البشري، بدعوى أن ما يقوم به العنصر الإرهابي هو نوع من «الجهاد المشروع».
في السياق ذاته، كشف المصدر المطلع بالإفتاء عن أن تنظيم داعش يدرب الفتيات والنساء على كيفية استخدام السلاح والقيام بعمليات انتحارية، ويتم تعريفهن على أنواع الأسلحة المختلفة وكيفية استخدام كل سلاح، بالإضافة إلى فنون القتال المختلفة، لافتا إلى أن «داعش» تسعى لخلق جيل جديد من الانتحاريات الشابات يتخذن من فكر التنظيم ومنهجه الضال عقيدة ومنهجا. وتعد «الفتيات» من الأوراق الرابحة لدى التنظيم واللاتي يتم تجنيدهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك»، للانضمام إلى التنظيم، والزواج بأحد عناصره بعد الذهاب (إلى أرض الخلافة المزعومة).
ويرى مراقبون أن «داعش نيجيريا» نجحت في إقامة شبكة علاقات قوية مع التنظيمات القاعدية بشمال أفريقيا خصوصا مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب من خلال إرسال الجماعة عددا من مقاتليها، للمشاركة في القتال في شمال مالي إلى جانب التنظيم. وهذا ما ساهم في نسج شبكة علاقات بين «التنظيمات القاعدية» وشقيقتها «بوكو حرام سابقا»، ساعدت الجماعة في الحصول على التمويل الجيد والسلاح.
وكشف المراقبون عن أن تنظيم القاعدة في المغرب مد «بوكو حرام سابقا» بكميات من الأسلحة نُقلت إليه من ليبيا عبر دول الجوار خصوصا النيجر وتشاد، إضافة إلى ذلك فقد بايعت «بوكو حرام» مؤخرا تنظيم داعش، مما أدى إلى زيادة قدراتها القتالية أكثر من ذي قبل.
وفي حين دعا مرصد دار الإفتاء في تقريره إلى ضرورة تكثيف العمل الدعوي والتوعوي في الدول الأفريقية، وإيفاد العلماء إلى تلك الدول من أجل مقاومة الفكر المتطرف والمناهج المتشددة التي تزرعها الجماعات المتطرفة هناك، قال المصدر المطلع في الدار، إن منطقة غرب أفريقيا مُقبلة على مرحلة جديدة من الصراع مع التنظيمات المتطرفة، مؤكدا أن هذا الصراع قد تمتد تداعياته إلى مناطق أخرى من القارة الأفريقية، لافتا إلى أن «داعش نيجيريا» تلقت تدريبات عسكرية على يد عناصر تنظيم القاعدة في المغرب، وتنشط بقوة في مناطق الكاميرون وتشاد ونيجيريا، ونفذت خلال العام الماضي ما يقرب من 500 هجوم، مما يجعل مستقبل أفريقيا معرضا للمخاطر أكثر من قِبل «داعش» الذي يحاول القيام بعمليات مُكثفة تسقط قتلي وجرحى، لتصوير للعالم الغربي، خصوصا أنه تنظيم لا يُمكن مقاومته، وأنه الأكثر عنفا من التنظيمات الأخرى حول العالم، لزيادة «فزاعة العالم» من عناصره المُتطرفة الدموية.
«الانتحاريات».. استراتيجية جديدة لـ«داعش» في أفريقيا بدعوى «الجهاد المشروع»
مصدر بـ«الإفتاء»: التنظيم يستهدف الأسواق لإظهار دمويته
«الانتحاريات».. استراتيجية جديدة لـ«داعش» في أفريقيا بدعوى «الجهاد المشروع»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة