في واحد من الكرفانات المنتشرة في بلدة بيت حانون، شمال قطاع غزة، تحاول «أم محمد الزعانين» (43 عاما) جاهدةً، منع دخول مياه الأمطار الكثيفة إليه، حيث تعيش وزوجها وأبناؤها الستة، منذ ما يزيد على عام ونصف العام من انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، ما جعل حياتهم مأساوية في الشتاء، وتواجه مشكلات أخرى، من نوع آخر، خلال فصل الصيف.
الزعانين، واحدة من بين آلاف المشردين الذين لا يزالون يعيشون في الكرفانات التي تبرعت بها الكثير من الدول لإيوائهم، في أعقاب حرب صيف عام 2014 الإسرائيلية على غزة. عاشت الزعانين، منذ ذلك الوقت، في أوضاع حياتية صعبة ومأساوية لعدم قدرة المنازل الجاهزة هذه، على تحمل حرارة الصيف، ولا توفير أجواء دافئة لهم في الشتاء، ناهيك بما تسببه للأطفال من أمراض جلدية وغيرها.
تقول الحاجة أم محمد لـ«الشرق الأوسط»، لم نعد نحتمل الحياة هنا. منذ ساعات طويلة وأنا أحاول منع تسرب المياه إلى داخل الكرفان، مستخدمة «القشّاطة» (مسّاحة). وقد طلبت من ابنها الأكبر البالغ من العمر 19 عاما، الخروج وسط الجو القارس، لجمع بعض الأخشاب لتوقد النار، أملا في قليل من الدفء حيث لا توفر لديهم أي من وسائل التدفئة، بينما يتواصل انقطاع التيار الكهربائي بفعل المنخفض الجوي.
وحال أم محمد، هو حال غالبية سكان الكرفانات، الذين يعيشون الظروف نفسها.
تتساءل الزعانين قائلة: «إلى متى سنبقى هنا؟ متى سنعود إلى منازلنا التي دمرت؟ متى سيعاد إعمارها؟» مشيرةً إلى أن الحياة التي تعيشها كما الآلاف من المشردين، لم تعد تطاق، في ظل عدم التزام الجهات المانحة بوعودها بالعمل على إعمار القطاع وتحسين الحياة المعيشية للسكان.
وبينما تعيش أم محمد في كرفانات، تبقى مئات العائلات في قطاع غزة، تتمنى لو حصلت على منزل جاهز به كل العيوب والسلبيات والمخاطر التي تحدثت عنها الزعانين.
في مواجهة ذلك، أطلق نشطاء حملة مساعدات كبيرة للعائلات الفقيرة التي تعيش في الخيام، وفي بيوت لا تصلح للحياة. ودشنوا هاشتاغ «شتاء قاتم» من أجل إظهار معاناة العائلات التي تعيش ظروفا حياتية صعبة، في ظل موجة الصقيع الحالية، وتردي ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية أصلا، مع استمرار الحصار.
يقول الناشط كامل الهيقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من هذه الحملة، هو البحث عن متبرعين لإنقاذ تلك العائلات، وتوفير منازل لهم بالإيجار، لإيوائهم وحمايتهم من العاصفة الجوية التي تشهدها البلاد، مشيرًا إلى أن مئات العائلات، باتت لا تملك سوى بعض الخيام، أو منازل من الصفيح والبلاستيك والقماش البالي، الذي لا يحمي ولا يستر.
ويشير الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة رائد الدهشان، إلى أن الجهات المسؤولة، لم تزل تسيطر على الأوضاع مع بداية المنخفض الجوي، وأن طواقم الجهاز، تبذل جهدا كبيرا للتعامل مع حالات الطوارئ، على الرغم من ضعف الإمكانيات، ومنع الاحتلال إدخال معدات منذ سنوات.
وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه تم التعامل مع 3 حرائق، نشبت إحداها في مخبز وسط مدينة غزة، وتم إجلاء 3 عمال أصيبوا بالاختناق. كما أنه تم إخلاء 13 مواطنا من منازلهم في مخيمات المنطقة الوسطى، بعد أن تطايرت أسقف الصفيح التي تغطي منازلهم.
وتوقع أن يشهد القطاع أحداثا أخرى في الساعات المقبلة، مع تعمق المنخفض الجوي، مشيرا إلى أنه يتم التنسيق باستمرار مع الجهات المختصة للتعامل مع حالات الطوارئ، وخصوصا وزارة التربية والتعليم لتعطيل المدارس.
وعادةً ما ترافق أجواء العواصف الجوية التي تضرب الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، خاصة أزمات عدة، منها انقطاع الكهرباء لساعات طويلة تصل إلى أكثر من 16 ساعة متتالية، بالإضافة إلى نقص الوقود والغاز. وتشير شركة الكهرباء في قطاع غزة، إلى أن عجز الكهرباء وصل منذ ساعات الصباح، إلى أكثر من 65 في المائة، مع تعطل عدد من خطوط الكهرباء القادمة من إسرائيل، وأن الأزمة قد تتضاعف في الساعات المقبلة مع تعمق المنخفض الجوي.
المنخفض الجوي ضاعف مأساة مشردي الحرب الإسرائيلية الأخيرة
غزة تعيش تحت رحمته وما يولده من أزمات متلاحقة
المنخفض الجوي ضاعف مأساة مشردي الحرب الإسرائيلية الأخيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة