المعمرون الأميركيون يزدادون عددا ويتجاوزون 100 عام

السر يكمن في المواظبة على أداء التمارين الرياضية

التمارين الرياضية تطيل العمر
التمارين الرياضية تطيل العمر
TT

المعمرون الأميركيون يزدادون عددا ويتجاوزون 100 عام

التمارين الرياضية تطيل العمر
التمارين الرياضية تطيل العمر

ارتفع عدد المعمرين الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 100 عام فأكثر – وهم أولئك المولودون في عهد إدارة وودرو ويلسون وقبلها – بواقع 44 في المائة منذ عام 2000، بحسب ما أفاد به مسؤولو الصحة الفيدراليون يوم الخميس الماضي.
في عام 2014، بلغ عدد المنتمين لهذه الشرائح العمرية 72.197، بزيادة بلغت 50.281 مقارنة بعام 2000، وهذا بحسب التقرير الذي نشرته المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها. وفي عام 1980 كان عدد هؤلاء 15 ألفا.
ويبدو هذا الرقم مبهرا، حتى لباحثي الديموغرافيا. وقال ويليام إتش فراي، كبير الديموغرافيين في مؤسسة بروكينغز: «لدينا شيء مبهر هنا، وهو أن لدينا هذا العدد الكبير من الناس في الولايات المتحدة ممن تزيد أعمارهم على المائة عام». وأضاف: «منذ فترة ليست بالبعيدة في مجتمعنا، كان هذا شيئًا نادرًا نوعًا ما».
الأمر لا يتوقف على الزيادة في عدد المعمرين الذين تجاوز أعمارهم المائة عام، فهم يعيشون سنوات أطول. وقد انخفضت معدلات الوفيات لكل المجموعات الديموغرافية للمعمرين – البيض والسود والهسبانيين (الذين يتحدرون من أصول أميركية لاتينية) والنساء والرجال – خلال السنوات الست التي انتهت عام 2014، بحسب التقرير.
وكانت السيدات اللاتي يعشن أطول من الرجال في المعتاد، يمثلن الغالبية العظمى من المعمرين في 2014، حيث بلغت نسبتهم أكثر من 80 في المائة.
ويعد المعمرون جماعة نخبة، فمعظم الأشخاص المولودين في 1900 لم تجاوز أعمارهم الخمسين عاما. لكن فرص بقاء هذه الجماعة صاحبة الأعمار الكبيرة قد تحسنت مع ظهور اللقاحات والمضادات الحيوية والتحسينات التي طرأت على مجال العادات الصحية، والعلاجات الطبية والتكنولوجيا. غير أن هناك بعض الاستثناءات، حيث قضت الزيادة الكبيرة في أعداد الوفيات المرتبطة بالجرعات الزائدة من المواد الأفيونية على التقدم بالنسبة لبعض المجموعات، وبخاصة الشباب أو متوسطي الأعمار من البيض.
بلغت مالفينا هانت، وهي من سكان وسط نيويورك، عامها المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وقالت إن السر يكمن في المواظبة على أداء التمارين الرياضية. وهي تقوم كل صباح بتمرين رفع الساق ورفع الذراع بسرعة لتجعل الدم يتدفق.
وقالت: «إذا بدت أي من العضلات ضعيفة، فإنني أعمل على إعطائها بعض التحسن». كما تمارس مالفينا رياضة البولينغ. وتقول: «يمنحني هذا تمرينًا جيدًا». الآن، وقد حل الشتاء، لا تغامر مالفينا بالخروج كثيرًا، في ما عدا الذهاب لتفقد صندوق البريد. أما في الصيف فهي تقضي كثيرًا من الوقت في الخارج، وتقوم بأعمال البستنة وقص العشب.
ما زالت مالفينا تعمل كذلك – فهي موظفة استقبال في مصنع للخمور. كما تساعد في عمل صناديق الورق المقوى المستخدمة في شحن الخمور.
قالت: «كان شعاري دائما هو، إذا استطعت القيام بهذا اليوم، ففي الغد سأكون قادرة على القيام به». وأضافت أنها تعرف سيدتين من المعمرات، إحداهما صديقة من مرحلة الدراسة الثانوية، والأخرى صديقة من فترة الجامعة.
يتقدم البيض الفئات العمرية في أميركا، ففي آخر إحصاء سكاني كامل في 2010، كان متوسط عمر البيض 42 عامًا، وهو أعلى بكثير من الهسبانيين، الذين بلغ متوسط أعمارهم 27 عامًا.
أما المنتمون لفترة طفرة المواليد (الجيل المولود خلال العقدين الذين أعقبا الحرب العالمية الثانية)، والذين يشكلون شريحة سكانية كبرى، فقد بدأوا في دخول مرحلة التقاعد، وقريبا سيرفعون أعداد المسنين إلى مستويات قياسية. ويحذر الخبراء من الولايات المتحدة غير مستعدة للتعامل مع مثل تلك الأعداد الكبيرة من أصحاب الأعمار المتقدمة، خاصة مع استمرار ارتفاع مأمول العمر (متوسط البقاء على قيد الحياة) للأشخاص ذوي الأعمار المتقدمة.
قال السيد فراي: «إننا نتحرك باتجاه بلد مختلف أيما اختلاف في هذا القرن». وأضاف: «هذه مجرد نقطة في البحر».
وحتى بالنسبة إلى المعمرين، فإن دورة الحياة تزداد طولا. وقد انخفضت معدلات الوفيات للسيدات المعمرات اللائي تجاوزت أعمارهن المائة سنة، بواقع 14 في المائة خلال السنوات الست المنتهية بعام 2014، لتبلغ 36.5 لكل مائة سيدة، وبواقع 20 في المائة للرجال المعمرين، فوصلت إلى 33.2 لكل مائة رجل. وكان الهسبانيون أصحاب أقل معدل للوفاة بين الجماعات العرقية والإثنية، بلغ 22.3 لكل مائة شخص، مقارنة بـ39.3 لكل مائة شخص من البيض، 28.6 لكل مائة من السود.
وبلغت معدلات الوفاة بفعل الإصابة بمرض ألزهايمر أعلى مستوياتها على مدار الفترة التي يغطيها التقرير، حيث بلغت 119 في المائة من 2000 إلى 2014.
أما معدلات الوفاة بسبب ارتفاع ضغط الدم فقفزت 88 في المائة خلال نفس الفترة، فيما تراجعت معدلات الوفاة جراء الإصابة بالإنفلونزا والالتهاب الرئوي بواقع 48 في المائة. كما انخفضت معدلات الوفاة بفعل السكتة الدماغية بنسبة 31 في المائة، وبفعل أمراض القلب بنسبة 24 في المائة. ومع هذا، فقد ظلت أمراض القلب السبب الأساسي للوفيات في صفوف المعمرين خلال عام 2014.
* خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».