دافوس يودع زائريه بأنغام الموسيقى واطمئنان حول الصين

لاغارد: ما نشهده ليس تباطؤًا بل تحول.. و«البريكست» واللاجئون أبرز همومنا

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في منتدى دافوس (أ.ف.ب)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في منتدى دافوس (أ.ف.ب)
TT

دافوس يودع زائريه بأنغام الموسيقى واطمئنان حول الصين

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في منتدى دافوس (أ.ف.ب)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في منتدى دافوس (أ.ف.ب)

اختتمت أمس فعاليات المنتدى الاقتصادي السنوي في مدينة التزلج السويسرية على نغمات «التشيلو»، لتضفي جانبا من الهدوء على الحاضرين بعد أربعة أيام من المناقشات الحامية حول الأوضاع الدولية الشائكة والعصيبة بمشاركة كثير من قادة ورؤساء حكومات الدول والخبراء والمتخصصين والشخصيات البارزة في العالم.
وكانت أبرز جلسات الأمس مناقشة بشأن التوقعات الاقتصادية لعام 2016، وأهم التحديات التي تواجه العالم وخصوصا الدول المتقدمة، وتقلبات الأسعار والأسواق منذ بداية العام.
وأجمع متحدثو النقاش كرستيان لاغارد رئيس صندوق النقد الدولي، ووزير المالية البريطاني جورج أوزبورن، ورئيس البنك المركزي الياباني هاروكيو كورودا، وتيام تغيدان رئيس مؤسسة كريدي سويس، وأرون جيتلي وزير المالية الهندي، على أن هناك أسباب قليلة للشعور بالقلق بشأن النمو المتباطئ في الصين، وذلك في ردة فعلهم تجاه الاضطرابات الأخيرة، التي تعرضت لها الأسواق جراء المخاوف بشأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وقالت لاغارد: «نحن لا نشهد تباطؤا شديدا، ولكننا نشهد تحولا»، وذلك في الوقت الذي أصدر فيه صندوق النقد الدولي تقريرا خلال الأسبوع الماضي، بأنه من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الصيني إلى أقل مستوى له على مدار 25 عاما ليصل إلى 6.3 في المائة العام الحالي، بعدما سجل نموا سنويا بنسبة 6.9 في المائة العام الماضي.
ورغم أن لاغارد ترى أن «الاقتصاد العالمي في وضع أفضل من العام الماضي»، لكنها أيضا ترى في الوقت ذاته أن صندوق النقد الدولي يحمل همين كبيرين، أولهما البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، قائلة حول تلك الأزمة: «نأمل أنه بنهاية الأمر يكون هناك اتفاق بين المملكة المتحدة وأوروبا، ففي النهاية ما نصبو إليه هو مزيد من الاستقرار، ومنطقة اقتصادية أكثر تماسكا».
أما الأمر الثاني، وهو أزمة اللاجئين، فقد وصفتها لاغارد بقضية «حياة أو موت» لأوروبا، فإذا تم التعامل مع هذه المشكلة بشكل جيد فإنه يتم التعامل مع عملية الاندماج بشكل جيد، فسيكون الاتجاه الصعودي لمنطقة اليورو وتعزيز النمو خاصة في السويد وألمانيا.

الصين ليست في أزمة كبرى

وشهدت السنوات الأخيرة مستويات أعلى من النمو في الصين، فكان هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض صندوق النقد الدولي لتوقعات نموه العالمي خلال العام الحالي. ويرى وزير المالية البريطاني أوزبورن، أنه مع نمو الصين بهذا المعدل فإنها سوف تضيف اقتصادا إضافيا جديدا «بحجم ألمانيا» للاقتصاد العالمي بحلول نهاية هذا العقد.
واتفق رئيس البنك المركزي الياباني هاروكيو كورودا مع غيره من أعضاء اللجنة على أن تباطؤ الاقتصاد الصيني متوقع، بالوضع في الاعتبار التغيرات الحالية في البلاد، قائلا إن ما نلاحظه هو التحول من اقتصاد يقوده الاستثمار ومتمركز حول التصنيع، إلى اقتصاد يقوده الاستهلاك ويركز على الخدمات.
وفي سؤال وجه إلى لاغارد حول احتياج الصين إلى ضوابط رأس المال، ردت أن الصين لا تحتاج لذلك، لكن عليها إعطاء مزيد من الوضوح حول كيفية عمل آلية الصرف ومقياس صرف قيمة اليوان.
بينما يرى كورودا، أن اقتصاد الصين «لن يتعرض للتحطم، غير أن الصين تحتاج بالفعل لضوابط رأس المال»، مؤكدا أن بكين تمر بـ«معركة صعبة» وقد تحتاج للنظر في قيود جديدة لمنع هروب رؤوس الأموال، قائلا «إنها وجهة نظري الشخصية التي قد تكون غير مشتركة مع فكر السلطات الصينية، إلا أن ضوابط رأس المال يمكن أن تكون مفيدة لإدارة سعر الصرف، وكذلك السياسة النقدية المحلية بطريقة متناسقة ومناسبة».
وعلى الرغم من تقلب الأسواق كان محفظ المركزي الصيني «متفائلا» إزاء الآثار المترتبة على ذلك التقلب، ويرى أن التباطؤ التي تتعرض له الصين كنتيجة طبيعية لتغير السياسات الاقتصادية.
ويؤكد تيام تجيدان رئيس كريدي سويس «إننا لسنا على حافة أزمة مصرفية أخرى، على الرغم من الاضطرابات الأخيرة في الأسواق.. فيمكن للأنظمة الحالية التحمل».

اليابان مستعدة لبذل الجهد

وعن وضع اليابان الاقتصادي، قال رئيس المركزي الياباني إن البنك ملتزم بارتفاع التضخم، وأن التضخم في اليابان حول الصفر في المائة، ويمكن أن يتحسن إذا ما تحسنت أسعار النفط. متابعا: «وإذا لم يكن، فإننا مستعدون لبذل مزيد من المجهود.. فنحن ملتزمون التزاما كاملا بتحقيق استقرار الأسعار عند 2 في المائة»، ومضيفا أن «أدوات سياسة البنك لا حدود لها».

بريطانيا أكبر نقاط الخلاف

أما في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيرى جورج أوزبورن أن خطته الاقتصادية دفعت المملكة المتحدة لدرب آمن نسبيا، مضيفا: «لكن القرارات الكبيرة هي قرارات مشتركة، على غرار الاستفتاء الاسكتلندي على سبيل المثال.. ومع استفتاء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، فإن بريطانيا تسعى إلى اتحاد أوروبي أكثر تنافسية».
ويؤكد أوزبورن على تفاؤله بخصوص التصويت القادم، وأن الشعب البريطاني سيصوت للبقاء في الاتحاد الأوروبي، مصرا على أن أوروبا تحتاج إلى «إصلاح نفسها»، ومعبرا عن إيمانيه بحسن نية الجميع للتوصل إلى اتفاق مشترك.
ويوضح وزير المالية أن «بريطانيا لديها ثلاث أولويات من خلال إعادة التفاوض، نريد إنشاء اتحاد أوروبي أكثر قدرة على المنافسة، ونحتاج خلق مزيد من فرص العمل والنمو، إضافة إلى المخاوف بشأن زيادة أعداد اللاجئين». فمن الطبيعي أن لا تتجاهل الحكومات هذه الضغوط، بل أن تساعد على معالجة تلك المخاوف، ثالثا أننا بحاجة إلى علاقة عمل أفضل بين دول منطقة اليورو والأخرى خارج المنطقة، فحقيقة بريطانيا «لن تكون» في منطقة اليورو.
وقيل أكثر من مرة في نقاشات كهذه لمدة خمس سنوات «إننا نريد خلق مزيد من التنافسية في الاتحاد الأوروبي» فالآن نحن بحاجة للقيام بذلك، واستشهد أوزبورن بقول مأثور: «الكلام لا يطهي الأرز».

المنتدى في أرقام

وفي ختام أعمال المنتدى، تبقى التساؤلات في الأذهان حول أسراره من حجم المشاركين والعمالة التي قامت عليه وتكاليفه وتمويله. وتناول برنامج المنتدى الذي ورد في أكثر من مائة صفحة على موقعه الإلكتروني الصراعات والتحديات العالمية الجديدة، وعلى رأسها شعاره لهذا العام «الثورة الصناعية الرابعة».
أما عن المشاركين، فقد كانوا في حدود 40 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب حضور رفيع تجاوز 2500 سياسي ورجل أعمال وعالم، ينتمون إلى أكثر من مائة دولة.
وتكلف المنتدى الاقتصادي ما يقرب من 32 مليون يورو (35 مليون دولار) بحسب المنظمين، في حين قدرت التكلفة العام الماضي بنحو 35 مليون يورو، فيما بلغ متوسط تكلفة الفرد من الحضور 12.8 ألف يورو، غير أن أغلب الضيوف يغطون تكاليف السفر والإقامة الخاصة بهم، وتم حجز غرف نحو 90 فندقا وطاولات أكبر من المطاعم في البلدة الواقعة في منطقة الألب، مما جعل الأسعار أعلى بكثير من المعتاد، ومن المفترض أن تكاليف الإجراءات الأمنية للقمة هائلة ولكن لم يتم الكشف عنها.
ويتم تمويل المنتدى السنوي من قبل أعضائه، وهم ألف من أكبر شركات العالم. وتكلفة العضوية السنوية بالمنتدى تتراوح ما بين 50 إلى 500 ألف دولار، حيث تتوقف العضوية على حجم الشركة. وتولى أمن المنتدى ما يقرب من ألف رجل شرطة وثلاثة آلاف جندي، مع وجود ألفي جندي آخرين في وضع الاستعداد، مع الاستعانة بالمقاتلات الحربية التي أغلقت المجال الجوي المحظور في دافوس، وتأمين البر بدفاعات مضادة للطائرات وحواجز بالشوارع ونقاط تفتيش أمني.
ويلي النقاشات النهارية الساخنة، أكثر من 12 حفلا كل ليلة، يحضرها أسماء كبيرة من رجال الأعمال وطبقة النبلاء ونجوم هوليوود، ومن الأسباب الرئيسية لشهرة المنتجع المؤلف الألماني توماس مان في روايته بعنوان «الجيل السحري» التي صدرت عام 1924 وتصف الرواية منتجعا صحيا كانت تقيم فيه زوجته كاتيا، ليصبح اليوم أهم حدث سنوي دولي في شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام.



بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)

يدين إيمانويل ماكرون بالكثير لفرنسوا بايرو، السياسي المخضرم البالغ من العمر 73 عاماً، الذي اختاره أخيراً وبعد تردد شغل الإعلام والمعلقين طوال الأسبوع الماضي، لتشكيل الحكومة الجديدة. فمن دون بايرو ما كان ماكرون ليصبح في عام 2017 رئيساً للجمهورية. فقط دعم بايرو المتمترس دوماً وسط الخريطة السياسية؛ أي قريباً من تموضع ماكرون صاحب نظرية تخطي الأحزاب والعمل مع اليمين واليسار في وقت واحد؛ سمح للرئيس الحالي بأن يحقق قفزة من سبع نقاط في استطلاعات الرأي، وأن يتأهل للجولة الثانية (الحاسمة) ويفوز بها بفارق كبير عن منافسته مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف.

ومنذ سبع سنوات، وقف بايرو، دوماً وبقوة، إلى جانب ماكرون في المحن. وبعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، عندما انطلقت من اليسار المتشدد المطالبة باستقالة ماكرون من رئاسة الجمهورية، وجد الأخير في شخص بايرو السد المنيع والشخصية البارزة التي ساندته ودافعت عنه. كذلك، فإن بايرو، النائب والوزير السابق والرئيس الحالي لمدينة «بو» الواقعة غرب سلسلة جبال البيرينيه، سخّر حزبه «الحركة الديمقراطية» (اختصاره «موديم» بالفرنسية)، في خدمة ماكرون، وهو أحد الأحزاب الثلاثة الداعمة للرئيس. ولحزب بايرو بـ36 نائباً في البرلمان، حيث لا أكثرية مطلقة؛ ما يفسر سقوط حكومة سابقه ميشال بارنييه الأسبوع الماضي بعد ثلاثة أشهر فقط على رئاسته للحكومة، وهي أقصر مدة في تاريخ الجمهورية الخامسة.

ماكرون يوفّي ديناً قديماً لبايرو

ثمة قناعة جامعة وعابرة للأحزاب قوامها أن ماكرون أخطأ مرتين: الأولى، عندما حل البرلمان لأسباب لم يفهمها أحد حتى اليوم. والمرة الثانية عندما كلف بارنييه، القادم من مفوضية الاتحاد الأوروبي، بتشكيل الحكومة المستقيلة يمينية الهوى، في حين أن تحالف اليسار والخُضر حلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية؛ لذا اتُّهم ماكرون بـ«احتقار الديمقراطية»؛ لأنه لا يحترم نتائج الانتخابات، ولأنه يفضل التعامل مع اليمين التقليدي (حزب اليمين الجمهورية، وسابقاً الجمهوريون)، واليمين المتطرف (حزب التجمع الوطني بزعامة لوبن)، على الانفتاح على اليسار، لا بل إنه وضع حكومة بارنييه تحت رحمة لوبن التي ضمّت أصواتها إلى أصوات اليسار والخُضر لإسقاطه.

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

وفهم ماكرون الدرس؛ لذا سعى إلى العثور على شخصية قادرة على اجتذاب الحزب الاشتراكي ونوابه، وربما الخُضر، وحتى الشيوعيين. وطيلة سبعة أيام، تواصلت مسرحية البحث عن «العصفور» النادر. طُرحت أسماء كثيرة قبل أن يقع الخيار على بايرو؛ منها برنار كازنوف آخر رئيس حكومة في العهد الاشتراكي، وسيباستيان لو كورنو وزير الدفاع، والوزير السابق جان إيف لودريان الذي اعتذر بسبب السن (73 عاماً)، ورولان ليسكور، وحتى احتمال المجيء بحكومة من التكنوقراط. وللوصول إلى نتيجة، أكثر ماكرون من المشاورات الفردية والجماعية.

والمسرحية المتأرجحة بين الهزلية والدرامية، كانت زيارته الخميس إلى بولندا وعودته سريعاً إلى باريس للوفاء بوعد إعلان اسم رئيس الحكومة العتيدة مساء الخميس. لكن الإعلان لم يأتِ، وظل المرشحون يتقلبون على نار القلق، حتى أعلن القصر الرئاسي أن الاسم سيصدر صباح الجمعة. ومنذ الصباح الباكر، تجمهرت وسائل الإعلام قبالة قصر الإليزيه، وامتدت الساعات ولم يخرج الدخان الأبيض إلا بعد ثلاث ساعات من خروج بايرو من الإليزيه عقب اجتماع مع ماكرون قارب الساعتين.

وذهبت وسائل إعلامية، ومنها صحيفة «لو موند» الرصينة، إلى إعلان أن ماكرون «لن يسمي بايرو». كذلك فعلت القناة الإخبارية «إل سي إي»؛ والسبب في ذلك معارضة رئيس الجمهورية اليميني الأسبق نيكولا ساركوزي هذه التسمية. ولهذه المعارضة قصة طويلة لا مجال لعرضها اليوم. واختصارها أن ساركوزي وبعض اليمين «حاقد» على بايرو الذي «خان» ساركوزي؛ لأنه دعا للتصويت لمنافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند في عام 2012. وهذا يبين أن الحقد السياسي لا يُمحى بسهولة. ومن الروايات التي سارت في الساعات الأخيرة، أن ماكرون اتصل ببايرو لإخباره بأنه لن يسميه لتشكيل الحكومة، لكنه عدل عن ذلك لاحقاً، مخافة إغضابه والتوقف عن دعمه.

بايرو ترشح ثلاث مرات للرئاسة

بتكليفه تشكيل الحكومة، يكون بايرو قد حقق نصف حلمه الكبير، وهو أن يصبح يوماً رئيساً للجمهورية. فهذا السياسي الذي ولج الحياة السياسية في ثمانينات القرن الماضي، وكان نائباً في البرلمانين الفرنسي والأوروبي، ورئيساً لمدينة متوسطة (بو) ولمنطقتها، ووزيراً في عدة حكومات... ترشح للرئاسة ثلاث مرات وكاد يتأهل مرتين للجولة النهائية في عامي 2007 و2012، حيث حصل على أكثر من 18 في المائة من الأصوات، وانسحب في ترشحه الرابع. وتسلم، في أولى حكومات ماكرون في عام 2017، وزارة العدل. بيد أنه اضطر للاستقالة منها بعد أشهر قليلة بعد أن انطلقت فضيحة استخدام نواب حزبه في البرلمان الأوروبي الأموال الأوروبية لأغراض محض حزبية؛ ما حرمه من أي منصب حقيقي في السنوات السبع الماضية، إلا أن قضاء الدرجة الأولى سحب الدعوى لعدم توفر الأدلة. لكن المسألة نُقلت إلى محكمة الاستئناف. واللافت أن الاتهامات نفسها وُجّهت لمارين لوبن ولحزبها. وإذا تمت إدانتها، فإنها ستُحرم من الترشح لأي منصب انتخابي، ومن رئاسة الجمهورية تحديداً لمدة خمس سنوات.

مهمة مستحيلة؟

بارنييه وزوجته إيزابيل بعد عملية التسلم والتسليم في ماتينيون مساء الجمعة (إ.ب.أ)

وبعيداً عن الجوانب الشخصية، تعود تسمية بايرو لقدرته، على الأرجح، على التعامل مع اليمين واليسار معاً. ومهمته الأولى أن ينجح في تشكيل حكومة لا تسقط خلال أشهر قليلة، وأن تبقى على الأقل حتى الصيف القادم، وربما حتى نهاية ولاية ماكرون في عام 2027. وقالت رئيسة البرلمان يائيل براون ـ بيفيه، إن بايرو هو «رجل المرحلة السياسية التي نعيشها، ونحن بحاجة إلى رصّ الصفوف السياسية حول مشروع موحد».

من جانبه، ربط اليمين التقليدي مشاركته في الحكومة بطبيعة «المشروع» الذي يحمله بايرو، والمهم بالنسبة إليه «خريطة الطريق». بالمقابل، فإن حزب «معاً من أجل الجمهورية» (حزب ماكرون) أعرب عن تأييده لبايرو ووقوفه إلى جانبه، في حين قال بوريس بوالو، رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكيين: «لن ندخل الحكومة، وسنبقى في المعارضة». بيد أن الاشتراكيين تعهّدوا بعدم التصويت على سقوط الحكومة إذا امتنعت عن اللجوء إلى تمرير مشاريع قوانين، وعلى رأسها موازنة عام 2025، من غير تصويت. أما الخُضر، فربطوا سحب الثقة بتجاهل بايرو لمخاوفهم بشأن الضرائب والمعاشات، وهو ما عبّر عنه رئيس «التجمع الوطني» جوردان بارديلا الذي وعد بأنه «لن يحصل حجب ثقة مبدئياً»، لكن الظروف يمكن أن تتغير.

يبقى أن الرفض المطلق جاء من حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد الذي يقوده جان لوك ميلونشون، والذي أعلن كبار مسؤوليه أنهم سيسعون إلى إقالة بايرو في البرلمان، في أقرب فرصة.

وفي تصريح صحافي له، قال بايرو إن «هناك طريقاً يجب أن نجده يوحّد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية». إنه طموح كبير بمواجهة تحديات أكبر، والأصعب أن ينجح في دفع أحزاب ذات توجهات ومطالب متناقضة إلى العمل معاً. صحيح أن العجائب غير موجودة في السياسة، ولكن من يدري؟!