مصادر أمنية لـ {الشرق الأوسط}: قوات من أميركا وإنجلترا وروسيا وصلت إلى ليبيا

مستشار رئيس البرلمان الليبي: النواب المؤيدون لحكومة السراج أقل من النصاب الدستوري

رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر أمنية لـ {الشرق الأوسط}: قوات من أميركا وإنجلترا وروسيا وصلت إلى ليبيا

رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)

في وقت كشفت فيه مصادر أمنية ليبية عن وصول عشرات العسكريين الأميركيين والإنجليز والروس، إلى داخل البلاد، بما فيها مناطق تقع في غرب طرابلس، قال مستشار رئيس برلمان ليبيا عيسى عبد المجيد، لـ«الشرق الأوسط»، إنه توجد ضغوط دولية كبيرة لتمكين الحكومة التي اقترحتها الأمم المتحدة في حوار الصخيرات قبل شهر، برئاسة فايز السراج، لكنه أكد أن أكثر من ثلث النواب وقعوا على عريضة برفض الحكومة في حال تقدمت لنيل الثقة من البرلمان خلال الأيام المقبلة، وهو ما يعني أن «النواب المؤيدين لحكومة السراج أقل من النصاب الدستوري».
ولم يخفِ عبد المجيد ضبابية الموقف الذي تمر به بلاده في ظل هجمات من تنظيم داعش وعدم وضوح الرؤية أمام بعض القادة العسكريين في الجيش الوطني الليبي الذي يقوده الفريق أول خليفة حفتر. وقال إن الأوضاع، بشكل عام، سيئة، والضحية الشعب الليبي، مشيرا إلى أن المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان، يفضل أن يكون الحوار والتوافق ليبيا - ليبيا، وأن تواصله مع المؤتمر الوطني (البرلمان السابق) في طرابلس، ما زال مستمرا.. «نحن لا نتعامل مع السراج كرئيس حكومة، إلا بعد أن يكسب الثقة من البرلمان»، و«هذا الشرط، لن يتحقق، لعدم وجود النصاب الدستوري حتى الآن».
ووفقًا لمصادر أمنية ليبية، فقد وصلت إلى البلاد طلائع من قوات أميركية وإنجليزية وروسية، قوامها عشرات من الجنود والضباط، وهبطت القسم الأكبر منها في قاعدة جمال عبد الناصر العسكرية الواقعة إلى الجنوب من بلدة طبرق التي يعقد فيها البرلمان جلساته، فيما دخلت مجموعة أميركية صغيرة في غرب طرابلس. وبينما قال شهود عيان في القاعدة الجوية إن عدد مَن وصولوا طيلة الأسابيع الثلاثة الأخيرة، بلغ نحو 500، أوضح مسؤول عسكري ليبي طلب عدم ذكر اسمه أن عدد هؤلاء لا يتعدى بضعة عشرات، و«جاءوا في مهام استطلاعية ولتقديم استشارات للجيش الوطني»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى ظهور مجموعة أقل من عسكريين أميركيين في منطقة تقع في غرب العاصمة.
وأضاف أن قياديًا متشددًا يدعى محمد المدهوني، يدير ميليشيا من بلدة صبراتة التي يسيطر عليها المتطرفون، التقى مع عنصر من الاستخبارات الأميركية وبحث الطرفان موضوعات تتعلق بـ«ترتيبات أمنية مستقبلية» في العاصمة. وقال المصدر إن عنصر الاستخبارات الأميركي معروف لدى عدة أجهزة أمنية عربية بأنه معني بشؤون منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وكان من بين المبعوثين لمتابعة المفاوضات حول قضية سد النهضة بين كل من السودان وإثيوبيا ومصر. ورفض المصدر ذكر اسم العنصر الاستخباراتي، لكنه أضاف موضحًا أن الرجل يعمل ضمن فريق أميركي انطلاقًا من موقعين؛ الأول في منطقة بدر غرب طرابلس، والثاني في منطقة جنزور، داخل نطاق العاصمة، وأن المقابلة التي جرت بينه وبين المدهوني، كانت في منطقة عين زارة التي تهيمن عليها ميليشيات المدهوني نفسه.
وتسعى الدول الغربية وعدد من دول الجوار الليبي إلى الإسراع في تنصيب حكومة السراج التي جرى اقتراح مجلسها الرئاسي من قبل الأمم المتحدة، الشهر الماضي، وسط مصاعب كبيرة على الأرض، إذ تنتشر في البلاد التي تعمها الفوضى عشرات الميليشيات المسلحة التي تعمل كجيوش صغيرة منفصلة، وتمتلك قدرات على التمويل المالي والحشد العسكري والعمل الاستخباراتي المحلي والعابر للحدود أيضًا. وتواجه الحكومة المقترحة رفضًا من غالبية الجماعات السياسية والعسكرية في شرق البلاد وغربها.
وقال مصدر عسكري في شرق البلاد لـ«الشرق الأوسط» إن الجنود الذين وصلوا إلى قاعدة جمال عبد الناصر، قد يلتحق بهم مجموعة من الجنود الفرنسيين خلال الأيام المقبلة، وإن الهدف هو مساعدة السلطات الليبية الشرعية على مواجهة خطر «داعش» من خلال أعمال التدريب وجمع المعلومات، لكنه أوضح أن مركز قيادة الجيش الذي يقوده الفريق أول حفتر، ويتخذ من المنطقة الشرقية مركزًا لغرفة عملياته، ليست له علاقة بأي نشاط أميركي في غرب طرابلس، مشيرًا إلى أن الجيش يصنف المدهوني باعتباره من قيادات المتطرفين.
ومنذ التحقيقات التي باشرها ضباط في «إف بي آي»، عقب تفجير القنصلية الأميركية في بنغازي في سبتمبر (أيلول) 2012، اعتقلت القوات الأميركية مطلوبين اثنين على الأقل، بعمليات خاطفة عبر الإنزال الجوي في طرابلس وبنغازي. كما وجهت ضربات لمواقع «داعش» وتنظيم القاعدة في كل من درنة على البحر المتوسط وفي صحراء جنوب إجدابيا. ولم تظهر تفاصيل عن وجود لنشاط للأميركيين على الأرض في داخل ليبيا، إلا في مطلع الشهر الماضي، وبشكل محدود، وذلك من خلال عملية إنزال فاشلة لعشرين عميلاً أميركيًا جرت في مهبط طائرات في قاعدة الوطية في غرب طرابلس. واضطر هؤلاء للمغادرة من حيث أتوا بعد تدخل كتيبة أبو بكر الصديق التي يقودها العقيد العجمي العتيري، وتعمل بالتنسيق مع الجيش الوطني. وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها النقاب عن نشاط لعسكريين أميركيين في منطقة شرق البلاد وفي غرب طرابلس، إضافة إلى العسكريين الإنجليز والروس.
ومن جانبه عبَّر عبد المجيد عن استيائه من الحالة التي وصلت إليها البلاد، خصوصًا «إصرار المجتمع الدولي على فرض حكومة السراج على الليبيين». وقال: «الهدف من حكومة السراج هو رغبة المجتمع الدولي في فك الأموال الليبية المجمدة في الخارج، والاستفادة منها»، مشيرا إلى أن هذا الأموال تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
وينظر بعض الليبيين إلى الهجمات الأخيرة التي قام بها تنظيم داعش ضد المنشآت النفطية في شرق ليبيا، على أنها جزء من الضغوط التي تمارس ضد الليبيين من أجل التعجيل بتمكين حكومة السراج. كما ظهرت تفسيرات مماثلة عقب قيام المجلس البلدي في مدينة البيضاء، التي تعقد فيها جلسات الحكومة الحالية برئاسة عبد الله الثاني، بطرد الحكومة من المدينة.
وقال عبد المجيد إن ما قام به تنظيم داعش في الأيام الماضية «يأتي للضغط على الليبيين من أجل إنجاح حكومة السراج، أولا.. وثانيًا للضغط على القوات التي تحمي المنشآت النفطية». وأضاف أن «الأمر الأكيد هو الضغط على الليبيين والإيحاء لهم بأن مواجهة داعش تأتي من الدول الأجنبية، لكن الكل هنا يدرك أن دخول القوات الأجنبية سيؤدي إلى احتلال تلك القوات لحقول البترول. الشعب الليبي يعي هذه المؤامرات الغربية».
وتابع مستشار رئيس البرلمان الليبي أن «البرلمان يتعامل مع السراج كنائب فيه، وليس كرئيس للحكومة، حتى الآن. لا بد أن يأتي السراج لمجلس النواب، ويحصل على ثقة المجلس. وبعد تصويت البرلمان عليه، يقوم بتشكيل حكومته. حتى الآن هو يقوم من الخارج بعقد لقاءات وزيارات للدول ولقاء مع مسؤولين أجانب بصفته رئيس حكومة. هذا ليس من حقه».
وعن فرص حصول حكومة السراج على ثقة البرلمان قال عبد المجيد: «الآن، يوجد أكثر من 60 نائبًا وقعوا ضد هذه الحكومة، أي بعدم إعطاء الثقة لها. لكي يكسب الثقة لا بد أن يصوت له 120 نائبًا بالموافقة، على الأقل، بينما لو وقع 50 ضد الحكومة فلن تكسب الثقة»، مشيرًا إلى أن موقف رئيس البرلمان «مع الحوار، ولكنه ضد حكومة الوصاية».
وعن تفسيره لما قام به المجلس البلدي في البيضاء من طرد لحكومة الثني من المدينة، قال: «أنا مندهش من هذا الأمر، ولا أعرف كيف يحدث، لأن الثني رئيس وزراء ومنصبه أعلى من باقي المناصب المحلية. هو رئيس وزراء ومسؤول عن الحكم المحلي. ولا أعتقد أن سكان البيضاء أو أهل البيضاء لديهم عداء مع حكومة الثني». وأعرب عن اعتقاده في أن يكون ما قام به المجلس البلدي في البيضاء جزء من الضغط على الليبيين من أجل تمكين حكومة السراج وجعلها كأمر واقع.
وعما إذا كان الجيش في المنطقة الشرقية قد تأثر بالإعلان عن حكومة السراج، قال إن المنطقة الشرقية هي الأساس في ليبيا. «إذا لم تؤيد هذه المنطقة حكومة السراج فإن نجاحها سيكون مستحيلاً، لأن تاريخ ليبيا يقول إن كل تغيير سياسي يتم انطلاقًا من المنطقة الشرقية»، مشيرًا إلى أن الإطاحة بنظام القذافي تمت من المنطقة الشرقية.. «القذافي تولى السلطة في ليبيا عام 1969 انطلاقًا من المنطقة الشرقية أيضًا، عن طريق بنغازي. تأسيس ليبيا وجيش ليبيا بعد الاستقلال في بداية خمسينات القرن الماضي كان من بنغازي». وقال إن الفريق أول حفتر يصر على أن المؤسسة العسكرية لن تتدخل في السياسة. لكن حكومة السراج المقترحة «تمثل خطرًا على الجيش.. وحفتر في موقف محرج».



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.