تهديد إيراني بإلغاء صفقة تبادل السجناء كان وراء إرجاء العقوبات الجديدة الشهر الماضي

رغم نفي واشنطن.. مكالمة من ظريف لكيري تؤكد الصلة الوثيقة للصفقة بتنفيذ «النووي»

عائلات وأصدقاء الأميركيين الخمسة المفرج عنهم من قبل طهران يستقبلونهم في مركز هاوستون في تكساس أمس (رويترز)
عائلات وأصدقاء الأميركيين الخمسة المفرج عنهم من قبل طهران يستقبلونهم في مركز هاوستون في تكساس أمس (رويترز)
TT

تهديد إيراني بإلغاء صفقة تبادل السجناء كان وراء إرجاء العقوبات الجديدة الشهر الماضي

عائلات وأصدقاء الأميركيين الخمسة المفرج عنهم من قبل طهران يستقبلونهم في مركز هاوستون في تكساس أمس (رويترز)
عائلات وأصدقاء الأميركيين الخمسة المفرج عنهم من قبل طهران يستقبلونهم في مركز هاوستون في تكساس أمس (رويترز)

قبل يوم واحد من الموعد الذي كان مقررا أن تفرض فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عقوبات جديدة على إيران أواخر الشهر الماضي حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نظيره الأميركي جون كيري من أن هذه الخطوة قد تعرقل اتفاق تبادل السجناء الذي تفاوض عليه الجانبان سرا منذ أشهر.
وعقد كيري وعدد من كبار مساعدي الرئيس أوباما الذي كان يقضي عطلة في هاواي سلسلة من المؤتمرات الهاتفية وتوصلوا إلى أنه ليس بوسعهم المجازفة بضياع فرصة تحرير الأميركيين الذين تحتجزهم إيران. وفي اللحظة الأخيرة قرر المسؤولون في الإدارة الأميركية إرجاء تطبيق مجموعة من العقوبات المحدودة ومحددة الأهداف كان الغرض منها معاقبة إيران على حوادث إطلاق الصواريخ الأخيرة القادرة على حمل رأس نووية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن اثنين من المطلعين على سير الأحداث تفاصيل هذه المداولات الداخلية التي لم يسبق نشر شيء عنها.
وفرضت الولايات المتحدة منفردة من جانب واحد هذه العقوبات أمس بعد أن أفرجت إيران عن الأميركيين الخمسة المحتجزين لديها ومنهم صحافي «واشنطن بوست» جيسون رضائيان. وجرى أول من أمس إسقاط الاتهامات عن ثمانية إيرانيين متهمين بمخالفة العقوبات الأميركية في الولايات المتحدة أو تخفيف الأحكام الصادرة عليهم، وذلك بمقتضى الصفقة المعقدة وفقا لما قالته مصادر مطلعة على المسألة.
ويكشف قرار كيري في ما يتعلق بالعقوبات الإضافية التي كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) كيف تشابكت المفاوضات السرية للإفراج عن رضائيان والأميركيين الآخرين مع المسعى النهائي لتنفيذ الاتفاق النووي رغم إصرار الموقف الرسمي الأميركي أن تلك العقوبات منفصلة عن الاتفاق. وقال مسؤول أميركي يوم أول من أمس إنه لا صلة بين الاتفاق النووي وإطلاق سراح الأميركيين.
كانت تفاصيل المحادثات الخاصة بالسجناء سرا يحرص الكل على إخفائها ولذلك لم يدرك حتى داخل الإدارة الأميركية سوى عدد قليل من المسؤولين مدى اقتراب محادثات تبادل السجناء من الانهيار. وقال مسؤول أميركي ومصادر في الكونغرس إن كيري أبلغ ظريف في 29 ديسمبر أن الولايات المتحدة تنوي فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب إطلاق الصواريخ الذي اعتبر انتهاكا لحظر تفرضه الأمم المتحدة.
وأضافت المصادر أن ظريف رد قائلا إنه إذا قررت واشنطن المضي قدما في هذا الأمر فإن تبادل السجناء سيلغى.
وتحدث كيري هاتفيا تلك الليلة مع وزير الخزانة جاك ليو ومسؤول في البيت الأبيض واتخذ القرار بإرجاء الإعلان عن أي عقوبات.
وربما أتاحت قدرة ظريف على درء العقوبات الأميركية الجديدة ولو بصفة مؤقتة له فسحة للتعامل مع المتشددين الإيرانيين المعارضين لشروط الاتفاق النووي والذين كانوا قد أصروا على أن أي عقوبات جديدة ستبين سوء النية لدى واشنطن.
لكن خطأ بيروقراطيا كاد يهدم ما فعله قرار كيري ووزير الخزانة لو. فلم يبلغ أحد المسؤولين الأدنى درجة في وزارة الخارجية خلال فترة العطلات بما حدث من تدخل في اللحظات الأخيرة لتأجيل فرض العقوبات.
ولعدم معرفتهم بتغير الخطة نفذ مسؤولو وزارة الخارجية المطلوب منهم وأبلغوا مكاتب رئيسية في الكونغرس سرا في صباح اليوم التالي بالعقوبات الجديدة على إيران والتي تستهدف نحو 12 شركة وفردا. وأدرج المسؤولون فيما أرسلوه من معلومات بيانا صحافيا كانت وزارة الخزانة تنوي إصداره. ثم تراجع المسؤولون فجأة وأبلغوا العاملين في الكونغرس بأن الإعلان «تأجل بضع ساعات». وفي اليوم التالي أرسلت وزارة الخارجية رسالة بالبريد الإلكتروني تفيد تأجيل تنفيذ العقوبات بسبب «أعمال دبلوماسية تتفق مع مصالح أمننا القومي».
وقال مصدر في الكونغرس إن مسؤولي الإدارة أبلغوا بعض العاملين في الكونغرس سرا أنه يجري الإعداد لحدث رئيسي إيران طرف فيه، وذلك فيما يبدو للحد من أي انتقادات من جانب الكونغرس.
ووجه أعضاء بارزون في الكونغرس، بعضهم من الديمقراطيين، توبيخا للبيت الأبيض على تأجيل العقوبات، وأشاروا إلى أن ذلك قد يشجع إيران على مزيد من التهديد لجيرانها وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
حظي الاتفاق النووي الموقع في 14 يوليو (تموز) بين إيران والقوى العالمية بإشادة واسعة باعتباره دفعة قوية لما سيذكره التاريخ من إنجازات للرئيس أوباما. لكن الرئيس واجه أيضا انتقادات لرفضه ربط الاتفاق بالإفراج عن الأميركيين المحتجزين في إيران المتهمين بالتجسس واتهامات أخرى ومنهم رضائيان وعدد آخر من الأميركيين من أصل إيراني. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده البيت الأبيض بعد توقيع الاتفاق النووي ذهل أوباما عندما قال أحد الصحافيين إنه يحتفي بإنجازاته في السياسة الخارجية ويتجاهل محنة الأميركيين المحتجزين في إيران. ورد أوباما قائلا إن الدبلوماسيين الأميركيين يبذلون جهودا لتحقيق الإفراج عنهم لكنه أصر أن ربط مصير الأميركيين مباشرة بالمفاوضات النووية سيشجع الإيرانيين على طلب تنازلات إضافية.
وقال مسؤول أميركي إن كيري طلب من العاملين معه مضاعفة الجهود لتحرير الأميركيين عقب توقيع الاتفاق. وأضاف أن بريت مكجيرك المسؤول بوزارة الخارجية كان يجري في ذلك الوقت مفاوضات سرية منذ أشهر مع مندوب لإيران لم يذكر اسمه.
وفي مؤشر على أن إيران تتطلع للتحرك للأمام بدأ مسؤولون في قسم رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن لقاءات في أغسطس (آب) مع عدد من الإيرانيين الاثني عشر المحتجزين في الولايات المتحدة لمخالفة العقوبات. وكان الهدف من هذه اللقاءات معرفة ما إذا كانوا سيرغبون في العودة لإيران إذا تم ترتيب تبادل للسجناء حسبما قال أحد المطلعين على هذه الحالات.
وفي الشهور الأخيرة طرح مسؤولون إيرانيون كبار مرارا فكرة تبادل السجناء رغم معارضة فيما يبدو من المتشددين الإيرانيين. وقال مصدر في الكونغرس إن كيري لم يخطر سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من كبار أعضاء الكونغرس، وعلى أساس الاحتفاظ بسرية الموضوع مساء الخميس الماضي بأن تبادل السجناء وشيك.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».