الجامعة ودول عربية تدين تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني وتصفها بـ«الاستفزازية»

وزير الإعلام الأردني لـ {الشرق الأوسط} : ندعو طهران إلى الكف عن التدخلات * الموقف من إيران على أجندة لقاء الرئيسين المصري والصيني

جانب من اجتماع وزراء الخارجية العرب السابق في القاهرة لبحث تداعيات اعتداء إيران على السفارة السعودية في طهران (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع وزراء الخارجية العرب السابق في القاهرة لبحث تداعيات اعتداء إيران على السفارة السعودية في طهران (أ.ف.ب)
TT

الجامعة ودول عربية تدين تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني وتصفها بـ«الاستفزازية»

جانب من اجتماع وزراء الخارجية العرب السابق في القاهرة لبحث تداعيات اعتداء إيران على السفارة السعودية في طهران (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع وزراء الخارجية العرب السابق في القاهرة لبحث تداعيات اعتداء إيران على السفارة السعودية في طهران (أ.ف.ب)

توالت الإدانات العربية لتصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، التي تحدثت عن تدريب طهران لنحو مائتي ألف مقاتل في خمس دول بينها سوريا والعراق واليمن، وعدت هذا الأمر يستوجب ردا دوليا.
وعبر مصدر مسؤول في الجامعة العربية، أمس، عن قلق الدول العربية من تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن مثل هذه «العدائيات والتصريحات الاستفزازية» ترصدها اللجنة الوزارية الثلاثية المعنية بمتابعة الأزمة مع إيران، فيما أكد دبلوماسي مصري أن التجاوزات الإيرانية ستكون على أجندة المباحثات التي سيجريها الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته للقاهرة الأسبوع الجاري.
وكانت الجامعة العربية قد قررت تشكيل لجنة ثلاثية لرصد كل ما يصدر عن طهران بشأن احترام سيادة الدول العربية خلال الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عقد في القاهرة الأسبوع الماضي، بطلب سعودي للرد على الاعتداء السافر على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد. وقال المصدر إن تلك التصريحات الاستفزازية دليل جديد وواضح على تورط إيران في إثارة الفتن بالمنطقة وتدخلها السافر في شؤون الدول العربية بما يمس سيادتها وأمنها القومي.
وأمهل وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم بالقاهرة قبل نحو أسبوع، طهران شهرين للتوقف عن التصريحات الاستفزازية والكف عن التدخل في شؤون الدول العربية، وإثارة العنف ودعم الإرهاب، مؤكدين التضامن الكامل مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية، ودعم جهود المملكة في مكافحة الإرهاب ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة. وقال المصدر الدبلوماسي المسؤول إن «الاجتماع الوزاري لمنظمة المؤتمر الإسلامي المقرر عقده في تركيا سوف يصدر قرارات الإنذار الأخير لطهران وبعد ذلك لا تلوم إلا نفسها بسبب هذا التصعيد غير المبرر. وأضاف المصدر إلى أن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى بعثت برسائل تطمين تؤكد أن الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة 5+1 لا يعني ضوءا أخضر لإيران، لافتا إلى أن الإدارة الأميركية أكدت أنها «وضعت النقاط على الحروف، فيما يتعلق بموقفها الرافض للعدوان الإيراني الدائم على دول الإقليم».
يأتي هذا في وقت قالت فيه مصادر دبلوماسية مصرية في القاهرة بأن التجاوزات الإيرانية وتدخلها السافر في شؤون الدول العربية ستكون على أجندة المباحثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته لمصر والسعودية وإيران المقرر لها 20 يناير (كانون الثاني) الحالي. وقالت المصادر الدبلوماسية إن استمرار إيران في التصعيد وإطلاق تصريحات غير مسؤولة سيواجه بموقف عربي صلب، لافتة إلى أن الرئيس الصيني سيتسلم خلال زيارته للقاهرة نسخة من قرارات الاجتماع الوزاري العربي.
من جهته قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني بأن الأردن يدعو إيران إلى احترام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. وأضاف الوزير المومني لـ«الشرق الأوسط» أن «أي دولة بغض النظر عن اسمها لا تحترم هذا المبدأ فإن الأردن ينظر بقلق إلى سلوكها لأن هذا من شأنه أن يؤثر على الأمن والاستقرار في الإقليم». وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد قال في مقابلة مع محطة «سي إن إن» خلال زيارته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بأن الأردن ينظر بعدم الارتياح إلى التدخلات الإيرانية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وأفغانستان. وأضاف في رده على سؤال حول قيام الولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين برفع العقوبات عن إيران في مقبل الأيام، وتسلمها قريبًا جدًا 100 مليار دولار، هو مصدر قلق الكثير منا في المنطقة وخارجها مشيرا إلى أنه لا بد من الربط بين الاتفاقية النووية وأداء إيران فيما يتعلق بالملفات الأخرى، معربا عن اعتقاده أنه سيكون هناك تقييم لأداء إيران، وعلينا أن نرى كيف سيتم ذلك.
وتشهد العلاقات الأردنية الإيرانية فتورا منذ عودة العلاقات الدبلوماسية التي شهدت قطيعة استمرت قرابة عقدين من الزمان، بعد دعم الأردن للعراق في حربه ضد إيران في ثمانينات القرن الماضي. وظلت على مدار السنوات الماضية تتصف بالصبغة الرسمية البحتة، لا تبرح مرحلة التمثيل الدبلوماسي المتبادل، إلى مستوى العلاقات القائمة على المصالح الثنائية المشتركة. وفي مطلع شهر مارس (آذار) الماضي، قام وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بزيارة مفاجئة إلى العاصمة الإيرانية طهران، في أول زيارة رسمية لمسؤول أردني رفيع منذ سنوات حيث اعتبرها بعض المراقبين: «خطوة أردنية هامة في ظل التحولات الدولية» التي من أبرزها الاتفاق النووي بين إيران مع الغرب. وكان الأردن قد أعلن في وقت سابق انضمامه للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن.
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، عين الأردن وزير الإعلام الأسبق عبد الله أبو رمان سفيرا له في طهران، بعد أن وصل السفير الإيراني مجتبى فردوسي بور إلى الأردن، في الثاني من أغسطس (آب) الماضي، للعمل سفيرا لبلاده في عمان، خلفا للسفير السابق، مصطفى زاده لينهي الجانبان بذلك القطيعة الدبلوماسية التي بدأت عام 2004 بعد تحذيرات للعاهل الأردني خلال حديثه مع إحدى الصحف الأميركية من خطر تشكل «الهلال الشيعي». ووجه نواب أردنيون انتقادات حادة لإيران وسياستها في المنطقة، على خلفية تصريحات نسبت لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، قال فيها إن إيران أضافت الأردن لقائمة الدول التي تتحكم فيها، وإن الأردن تتوفر فيه إمكانية اندلاع ثورة إسلامية تستطيع إيران أن تتحكم فيها.
وطلب عدد من النواب من وزارة الخارجية الأردنية تعقب تلك التصريحات والوقوف عليها، مطالبين إيران بتقديم اعتذار للأردن في حال ثبتت صحتها. بدوره رد وزير الخارجية الأردني على مداخلات النواب بالقول إن حكومته تتابع ما نسب لسليماني، معتبرا أن زيارته إلى طهران «تأتي في سياق إدامة قنوات التواصل مع الجميع». وكان السفير الإيراني في عمان قد أعلن أن بلاده على استعداد لتقديم النفط والطاقة للأردن مجانا لمدة 30 عاما مقابل تبادل للبضائع وفتح المجال أمام السياحة الإيرانية في الأردن. واعتبر محللون سياسيون واقتصاديون أن العرض الإيراني مجرد مناورة سياسية لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، وأن الأردن لا يمكنه قبول العرض الإيراني لما سيترتب عليه من تنازلات وتحولات سياسية لن تصب في صالح الأمن الوطني للأردن.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.