بينما تنتظر قبائل ليبية محسوبة على النظام السابق خروج سيف الإسلام، نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، من السجن، يزداد الحديث عن مستقبله في دولة تعمها الفوضى، والاقتتال، ومحاولات الصلح. وقبل عدة أشهر حكمت محكمة في طرابلس بالإعدام على الشاب البالغ من العمر 43 عامًا، والذي كان يعتقد أنه سيخلف والده في حكم دولة نفطية قليلة السكان، لكن محكمة في منطقة الزنتان التي يوجد فيها محبسه تنتظر هذه الأيام وصول قرار من البرلمان الليبي بالعفو العام عن السجناء السياسيين، من بينهم سيف، تمهيدًا للإفراج عنه، وفقًا لإفادة من مصدر قضائي تحدث للشقيقة «المجلة» من طرابلس.
على غير العادة أصبح من السهل أن تلاحظ وجود صور لسيف الإسلام على سيارات ليبيين لاجئين في مصر وتونس، لكن محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية، يقول إن هذا أصبح في الإمكان أن تلاحظه أيضًا في شوارع عدد من المدن الليبية، بما فيها طرابلس وبنغازي. ويجري تداول موعد الإفراج عن سيف بلا مواربة، في أروقة منتديات ليبية يشارك في بعضها نواب ومسؤولون سابقون.
وتنتظر قبائل محسوبة على النظام السابق خروجه من السجن، لكي تبدأ، من خلاله، عملية سياسية يجري الكشف عنها هنا للمرة الأولى، وتحمل عنوان «الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا» بحسب الزبيدي. بيد أن مصادر أمنية تراقب الوضع في ليبيا أفادت، في تعليق وفقا لـ«المجلة»، بأن «الجبهة الشعبية» المقترحة يوجد حولها زخم بالفعل بين قيادات قبلية مقربة من عائلة سيف، «إلا أن هذا الزخم حتى الآن يعود، في الأساس، إلى مبادرة من إحدى الدول لتقديم دعم مالي كبير لهذا التحرك مستقبلاً».
وأيًا ما كان الأمر، فإن هذه التطورات تأتي في وقت أعلنت فيه ميليشيات مصراتة، الخصم اللدود لقبيلة القذاذفة وحلفائها، اعتزامها إطلاق سراح ألف و500 سجين من أبناء القبائل المتهمة برفض «ثورة 17 فبراير (شباط)» التي أسقطت حكم القذافي، وأدت إلى مقتله في مدينة سرت، أواخر عام 2011. جرى وقتها نقل جثمان الرجل الذي حكم ليبيا لمدة 42 عامًا، بطريقة مهينة، إلى مخزن لتبريد الخضار في مدينة مصراتة الواقعة على بعد نحو مائتي كيلومتر إلى الشرق من العاصمة.
ويقول مصدر عسكري قبلي إن القرار المصراتي الأخير بالإفراج عن المساجين لم ينفذ بعد، وإن كان مجرد التلويح به يعبر عن حسن نيات، وعن خوف من انتقام القبائل مستقبلا.. «مصراتة تخشى من قادم الأيام».
وزادت تحالفات مصراتة هشاشة بسبب التنافس المثير للقلق بين أكبر قوتين كانت تعتمد عليهما المدينة التجارية الواقعة على البحر المتوسط، أي بين ميليشيات جماعة الإخوان وميليشيات الجماعة الليبية المقاتلة، التابعة لتنظيم القاعدة.
توجد الغالبية العظمى من قيادات الصف الأول في النظام السابق في سجن الهضبة في طرابلس، ويشرف عليه زعيم متشدد من الجماعة الليبية المقاتلة، يدعى خالد الشريف، ولا يخضع للسلطة الشرعية في البلاد. بينما يقبع آلاف السجناء الآخرون من أبناء القبائل المتهمين بالوقوف ضد ثورة فبراير، منذ أكثر من أربعة أعوام، في سجون مصراتة خارج سيطرة السلطة الشرعية أيضًا. وتحدث الزبيدي عن ممارسات وحشية ارتكبت بحق الموقوفين، بمن فيهم من نساء وأطفال.
ومنذ القبض عليه عقب مقتل والده بنحو شهر، ظل سيف الإسلام محتجزًا في سجن بمدينة الزنتان. وهذه المدينة دخلت في عام 2014 في حرب مع ميليشيات مصراتة حول مطار العاصمة، إلى أن اختفت طائراته ومبانيه لأيام وراء السحب السوداء لدخان الحرائق. ويعتقد أن سيف الإسلام قدم استشارات إلى قوات الزنتان، من داخل محبسه، أدت في نهاية المطاف إلى امتصاص هجمات مصراتة وأنصارها (الإخوان والمقاتلة).
وقتها فشلت مصراتة في اقتحام الزنتان، لكن كثيرًا من أبناء القبائل عانوا الأمرين من حروب المسلحين الذين يرفعون شعار «فبراير». ويقول المصدر القضائي: معاملة سيف ظلت طيبة بين يدي الزنتان. كان يأكل ما يحب، ويسهر كأنه في البيت.
ولم يشغل سيف أي منصب رسمي أو حزبي في الدولة. لكن جرى اتهامه باستغلال النفوذ، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وهو مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية. ويعتقد أن شقيقه، هانيبال، المحتجز منذ نحو شهر لدى السلطات اللبنانية، جرى إقناعه بالسفر من مقر إقامته في دمشق، لزيارة المكتب الإقليمي لـ«الجنائية الدولية» في بيروت «تحت زعم المساعدة في حل مشكلة سيف».
ثم اتضح فيما بعد، وفقا لمصادر ليبية، أن خصوم القذافي سربوا مزاعم لـ«حركة أمل» الشيعية في لبنان عن أن هانيبال، المولود عام 1975، لديه معلومات عن مصير مؤسسها الإمام موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا عام 1978. وقالت المصادر إن أطرافا من عائلة القذافي أجرت اتصالات مع دمشق وطهران وحزب الله، وأطراف لبنانية للحفاظ على سلامة هانيبال.. «الذي لا يعلم شيئا عن القضية، بطبيعة الحال، لأسباب كثيرة، من بينها أن عمره كان ثلاث سنوات حين اختفى الصدر».
اضغط بالأسفل على الرابط وشاهد التفاصيل في موقع مجلة (المجلة):