لم يتضح بعد ما سيكون مصير أكثر من 400 شخص في بلدة مضايا الواقعة في ريف دمشق والمحاصرة من قبل قوات النظام السوري وعناصر حزب الله، الذين قالت الأمم المتحدة إنهم يواجهون خطر الموت، بسبب سوء التغذية وتعقيدات طبية أخرى، وطالبت بإجلائهم بشكل فوري. فلا منظمة «الصليب الأحمر» الدولية تمتلك أي أجوبة عن موعد وآلية إجلائهم، ولا المرصد السوري لحقوق الإنسان أو غيره من الجهات المعنية، فيما يُنتظر أن يدخل في الساعات القليلة المقبلة مزيد من المساعدات إلى البلدة، خصوصا من الوقود والطحين.
في هذا الوقت، تنكب لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة على جمع أدلة على استخدام النظام السوري سلاح التجويع بحربه على مضايا، وهو ما لمح إليه باولو بنهيرو، رئيس اللجنة، لافتا إلى أن سكان البلدة السورية المحاصرة أبلغوا محققين تابعين للمنظمة الدولية، بأن «الضعفاء بالبلدة المحرومين من الغذاء والدواء، في انتهاك للقانون الدولي، يكابدون الجوع ويواجهون الموت».
وندد دبلوماسيون غربيون باستخدام الغذاء بوصفه سلاحًا في الحرب، واتهمت سامانتا باور، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، حكومة الرئيس السوري بشار الأسد باللجوء إلى «التكتيكات المثيرة للاشمئزاز التي يستخدمها النظام السوري الآن ضد شعبه التي تخير السكان بين التجويع أو الاستسلام». وقال ماثيو ريكروفت، مندوب بريطانيا بالأمم المتحدة، إن «تعمّد عرقلة إمدادات الإغاثة ووصولها يرقى إلى كونه انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي».
وقال خبراء قانونيون إن تلك يمكن تفسيرها على أنها إما جريمة حرب، وإما جريمة في حق الإنسانية أو كليهما. لكن ثمة احتمالات ضئيلة في أن تعرض القضية عما قريب على محكمة دولية خاصة بجرائم الحرب في لاهاي، لأن سوريا ليست عضوا في المحكمة، كما أن قيام مجلس الأمن الدولي بإحالة هذه القضية إلى المحكمة يتعين عليه أن يتغلب على اعتراض روسيا.
من جهته، شدّد طارق شندب، الخبير بالقانون الدولي، على أن ما يقترفه النظام السوري وحزب الله في مضايا وغيرها من البلدات السورية المحاصرة «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في آن، وذلك بموجب النظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية»، لافتا إلى أنها «جرائم لا تسقط مع مرور الزمن ويُحاسب عليها كل من اشترك فيها فكان مسؤولا عن إعطاء الأوامر أو نفذ أو سهّل التنفيذ، حتى إن كان نظاما مثل النظام السوري أو ميليشيا مثل حزب الله».
وقال شندب لـ«الشرق الأوسط»: «الأهم أن تنكب لجنة التحقيق حاليا على جمع الأدلة وتوثيق الجرائم، لأن المحكمة الجنائية قد تحيل القضية في مرحلة من المراحل إلى مجلس الأمن، أو قد يتم إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في سوريا»، داعيا القضاء اللبناني إلى «محاكمة حزب الله فورا على الجرائم التي يرتكبها في سوريا».
أما بنهيرو الذي يوثق جرائم الحرب في سوريا فقال إن فريقه لا يزال «يشعر بقلق بالغ» بشأن الوضع الإنساني في مضايا. وأضاف لـ«رويترز»: «في إطار تحقيقاتنا تجري اللجنة اتصالات مباشرة مع السكان الذين يعيشون في مضايا حاليا، وهم قدموا معلومات تفصيلية عن نقص الغذاء والمياه والأطباء الأكفاء والأدوية»، لافتا إلى أن ذلك «أدى إلى حالات من سوء التغذية الحاد والوفيات بين الجماعات الضعيفة في البلدة».
وشدّد المحقق الدولي على أن «أساليب الحصار تستهدف بطبيعتها السكان المدنيين من خلال تعريضهم للتجويع وحرمانهم من الخدمات الأساسية والأدوية»، معتبرا أن «مثل هذه الأساليب يحرمها القانون الإنساني الدولي في زمن الحرب، وتمثل انتهاكا لالتزامات الحقوق الأساسية للإنسان فيما يتعلق بحقه في الطعام والصحة الملائمين، وحقه في الحياة، ناهيك بالواجب الخاص بالرعاية الواجبة للأطفال».
لجنة أممية تحقق في استخدام النظام السوري «التجويع» في حربه على مضايا
خبير قانوني: قد يتم إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في سوريا
لجنة أممية تحقق في استخدام النظام السوري «التجويع» في حربه على مضايا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة