«النزاهة البرلمانية» تفجر قنبلة في وجه العبادي.. والقضاء يدفع عن نفسه تهمة التقاعس

بعد يومين من انتقاد مرجعية النجف سجل السلطة القضائية العراقية في مكافحة الفساد

«النزاهة البرلمانية» تفجر قنبلة في وجه العبادي.. والقضاء يدفع عن نفسه تهمة التقاعس
TT

«النزاهة البرلمانية» تفجر قنبلة في وجه العبادي.. والقضاء يدفع عن نفسه تهمة التقاعس

«النزاهة البرلمانية» تفجر قنبلة في وجه العبادي.. والقضاء يدفع عن نفسه تهمة التقاعس

بعد يومين من إعلان المرجعية الشيعية العليا في النجف أنها سمعت كثيرا خلال الأشهر الخمسة الماضية عن مكافحة الفساد ومحاربته من قِبل الجهات المسؤولة في الحكومة العراقية، لكنها لم تلمس شيئًا على أرض الواقع، دافع كل من رئيسي الوزراء حيدر العبادي، والقضاء الأعلى مدحت المحمود، عن نفسيهما.
في حين تعهد العبادي بأن يكون العام الحالي (2016) عام مكافحة الفساد، فإن القاضي المحمود أعلن، في مؤتمر صحافي مشترك مع عدد من كبار القضاة، عن اتخاذ القضاء إجراءات في كثير من الملفات المهمة.
وقال المحمود، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مبنى السلطة القضائية أمس، إن «مجموع الموقوفين في عموم العراق خلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين بلغ 23 ألفًا و316 موقوفًا»، مبينًا أنه «لم يتبق منهم نهاية نوفمبر سوى 8 آلاف و681 موقوفًا». وأضاف المحمود أن «من بين قرارات مجلس القضاء اليوم متابعة ملف الاسترداد بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والداخلية، لاسترداد المحكومين والمتهمين الهاربين خارج العراق، لا سيما في قضايا النزاهة والإرهاب».
من جهته، أعلن قاضي محكمة غسل الأموال، إياد محسن ضمد، خلال المؤتمر الصحافي ذاته «اتخاذ إجراءات قانونية بحق 250 مصرفا وشركة تحويل مالي غير مجازة، والقبض على 57 متهما وعصابة لترويج وتزييف العملة وإحالتهم إلى المحاكم». وأضاف ضمد أن «بعض المتهمين اعترفوا بأن عملية التزييف تجري في إحدى دول الجوار»، مشيرا إلى أنه «يُجرى التحقيق مع 18 شركة تحويل مالي متهمة بتمويل الإرهاب في المناطق الساخنة».
إلى ذلك، فجر أحد أعضاء هيئة «النزاهة البرلمانية» قنبلة في وجه العبادي، وذلك باتهامه بأخذ خمسة ملايين دولار أميركي أيام كان وزيرا للاتصالات في الحكومة التي شكلها الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، وقت مجلس الحكم عام 2003. وقال عضو اللجنة عن الكتل الكردستانية، عادل نوري، أمس، إن «العبادي الذي يتساءل أين ذهبت أموال العراق هو نفسه متهم من قبل المستشار الأميركي أيام مجلس الحكم بأخذ خمسة ملايين دولار، وإلى الآن لم تحسم القضية». وأضاف نوري مخاطبا العبادي: «كنت الرجل الثاني بعد نوري المالكي في حزب الدعوة، والغريب والمستغرب بعد كل هذا أنك ظهرت على الفضائيات وتساءلت أين ذهبت أموال العراق، وأنا أسأل هل فعلاً لا تعلم أين ذهبت أموال العراق؟ وهل لا تعلم من أخذ أموال العراق؟». وتابع: «إذا أخبرت بمن أخذ أموال العراق هل ستتخذ بحقه كل الإجراءات القانونية اللازمة؟»، متسائلاً أيضًا: «أين وصلت نتيجة ملف سقوط الموصل؟ وملف البنك المركزي؟ وسقوط الأنبار؟ وضحايا سبايكر؟ ومئات الملفات الأخرى».
إلى ذلك، أوضح الأستاذ في الحوزة العلمية المقرب من المرجعية الشيعية، حيدر الغرابي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما عبرت عنه المرجعية الدينية بشأن عدم وجود إصلاح حقيقي على أرض الواقع إنما هو تأكيد لقناعات سابقة بهذا الخصوص عندما كررت المرجعية وخلال خطب الجمعة الدعوة إلى ضرب الفاسدين بيد من حديد، والتأكيد باستمرار على الثوابت نفسها، وهو ما يدل دلالة حقيقية على أنه ليست هناك إصلاحات»، مشيرًا إلى أن «المرجعية كانت قد دعمت العبادي وكذلك المظاهرات التي أيدتها المرجعية هي الأخرى أعلنت تأييدها للعبادي، لكن ما تحقق لا ينسجم مع تأييد المرجعية، وكذلك المظاهرات التي بقيت تراهن على موقف المرجعية الحاسم من الفساد والفاسدين».
وبشأن الإجراءات التي أعلنت السلطة القضائية اتخاذها مؤخرا، قال المستشار القانوني أحمد العبادي إنه «مهما اتخذ القضاء من إجراءات، لا سيما أنه جزء من مسؤولياته الإجرائية أصلا، فإن الكرة على صعيد مكافحة الفساد تبقى في ملعب العبادي»، مشيرا إلى أن «الإجراءات المتخذة الآن على كل الأصعدة ومن قبل كل السلطات في الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية ليست كافية سواء بالقياس إلى حجم الفساد أو الضغط الجماهيري وضغط المرجعية الدينية». وأضاف العبادي أن «مطالبة القضاء بالتحرك على هذه القضية أو تلك تبقى مرهونة بمن يتقدم لتحريكها قضائيًا، لأن القضاء لا يتحرك من تلقاء نفسه، وهو ما يعني وجود جهات رقابية وحكومية هي التي تحرك القضايا، لكي يأخذ القضاء مجراه، وبالتالي فإن الأمر يبقى مرهونا بمدى تحرك الجهات التنفيذية في هذا المجال».
وحول الاتهامات الموجهة إلى القضاء بين كونه مسيسا أو فاسدا، قال المستشار القانوني إن «القضاء يعاني من كلا الأمرين، فهناك في بعض مفاصله من هو فاسد، وهناك إجراءات قضائية يجري تسييسها، وهو ما يؤثر على التقدم باتجاه حسم كثير من الملفات التي تحوم حولها الشكوك والشبهات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.