بعد سنوات من التقشف الاقتصادي.. خطة لإعادة البريق لآثار إيطاليا

ضخ المال في 241 مشروعًا أثريًا.. منها ترميم القصور التاريخية مثل قصر «فينيتزيا» في روما

نافورة «تريفي» الشهيرة وسط روما أعيد افتتاحها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أعمال الترميم استغرقت 16 شهرا (أ.ف.ب)
نافورة «تريفي» الشهيرة وسط روما أعيد افتتاحها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أعمال الترميم استغرقت 16 شهرا (أ.ف.ب)
TT

بعد سنوات من التقشف الاقتصادي.. خطة لإعادة البريق لآثار إيطاليا

نافورة «تريفي» الشهيرة وسط روما أعيد افتتاحها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أعمال الترميم استغرقت 16 شهرا (أ.ف.ب)
نافورة «تريفي» الشهيرة وسط روما أعيد افتتاحها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أعمال الترميم استغرقت 16 شهرا (أ.ف.ب)

«عادت الثقافة إلى مكان الصدارة في السياسة الوطنية»، بهذه الكلمات أعلن وزير الثقافة الإيطالي داريو فرانشيني عن خطة لدعم الآثار الإيطالية على مدى الثلاث أعوام المقبلة وتخصيص مبلغ 300 مليون يورو لذلك. وحسب ما ذكر الوزير أول من أمس فإن الوزارة ستبادر بضخ المال في 241 مشروعا أثريا، منها ترميم القصور التاريخية مثل قصر «فينيتزيا» في روما وترميم أسوار مدينة سيينا ودعائم مدينة البندقية إلى جانب العناية بالمتاحف والمكتبات وصالات الفنون في جميع أنحاء إيطاليا. وقالت الوزارة إن المواقع الثقافية ستزود أيضًا بأجهزة إنذار ومراقبة تلفزيونية، مضيفة أن الإنفاق بهذا البند سيصل إلى 50 مليون يورو.
وتأتي الزيادة المرتقبة بعد أعوام من التقشف الاقتصادي، حيث خفضت الحكومات المتتالية منذ 2007 الدعم للمشاريع الثقافية والأثرية، وذلك في أعقاب الأزمة المالية. ولكن ذلك التوقف أثر بالقطع في آثار عريقة مثل معبد «فينوس» بمدينة بومبيي التاريخية الذي انهار بفعل الأمطار في 2014، وهو ما دعا منظمة اليونيسكو للتهديد برفع المعبد من قائمة التراث العالمي، وهو ما عكس إحساس لدى كثيرين في المؤسسات الدولية المعنية بأن إيطاليا التي تمر بضائقة اقتصادية قد تخلت عن تراثها الأثري الشهير. ويبدو أن ذلك الوضع سيتغير الآن مع ضخ الملايين في مجال الآثار. وحسب ما ذكر موقع «ذا لوكال» الإيطالي فإن الميزانية الجديدة ستخصص مبلغ 13 مليون يورو لتجديد قصر «دوموس أوريا» (البيت الذهبي) في وسط روما. القصر الذي يقع على هضبة تطل الكولوسيوم (المدرج الروماني)، يعود إلى الفترة التالية لحريق روما في عام 64 قبل الميلاد في عهد الإمبراطور نيرون، وقد بنى نيرون القصر بعد أن أتى الحريق على مساكن الطبقة الحاكمة. البيت الذهبي والذي سمي بذلك لكونه يضم 300 غرفة مجملة جدرانها بأوراق مذهبة وأحجار شبه كريمة والعاج، إضافة إلى الرسومات الجدارية الملونة. وإلى جانب «دوموس أوريا» ستحظى أسوار مدينة سيينا التي تعود للقرون الوسطى بنصيبها من الكعكة حيث خصص مبلغ يتجاوز مليوني يورو لترميمها. أما فينيسيا العائمة فستحصل ضمن الخطة الجديدة على ستة مليون يورو لإتمام لمشروعات متنوعة.
وإلى جانب الملايين التي خصصتها الحكومة في ميزانيتها الجديدة لقطاع الآثار، فقد منح الاتحاد الأوروبي 41 مليون يورو لترميم وصيانة مدينة بومبيي وحدها.
وحيث إن إيطاليا تمتلك مجموعة ضخمة من المواقع الأثرية والتاريخية (49 موقعا مسجلا على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي وأكثر من 5000 متحف)، فإن أفواج السياح لا تكاد تتوقف عن زيارة أهم المعالم السياحية في مدنها وقراها، ورغم أن ذلك يعد أمرا مفرحا لكنه أيضًا حمل بعض الأضرار التي تستلزم إنفاق مزيد من الأموال لترميم وصيانة تلك المواقع.
ولمواجهة تلك الأضرار وجد جياني اليمانو عمدة روما حلا عمليا قريبا يتمثل في دعوة الشركات الإيطالية الكبرى للمشاركة في نفقات ترميم وصيانة تلك المواقع، الصفقة فيها أيضًا ما حمس الشركات للموافقة.
واستجابة لدعوته التي تعد خبطة دعائية ممتازة للشركات الإيطالية بادر أساطين المال في البلاد للمساعدة، فقد قام دييغو ديلا فالي مالك شركة «تودز» للمنتجات الجلدية الشهيرة بالتبرع بمبلغ 25 مليون يورو لإجراء الترميمات المطلوبة على الكولوسيوم. وبدأت الأعمال في هذا الأثر العالمي في سبتمبر (أيلول) عام 2013 وفي عام 2014 تم الانتهاء من المرحلة الأولى من عمليات الترميم. وجذبت دعوة العمدة شركات أخرى مثل «ديزل» و«فندي» التي تقدمت بعروض لترميم أماكن أثرية وتاريخية معينة في صفقة تبدو رابحة لكل الأطراف.
وبدت نتائج ذلك الإقبال في الظهور بعد أن أعيد افتتاح نافورة «تريفي» الشهيرة، إحدى أجمل التحف من فن الباروك، في وسط روما في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن استغرقت أعمال الترميم 16 شهرا بحضور بييترو باكاري رئيس شركة «فندي» للأزياء التي مولت عمليات الترميم بحضور المدير الفني لـ«فندي» كارل لاغرفيلد.
ورغم أن هناك كثيرا من الأصوات المعترضة على دخول الشركات الخاصة على مضمار صيانة الآثار، بما في ذلك من حصول تلك الشركات على امتيازات إعلانية والحق في استخدام تلك الأماكن الأثرية في الدعاية لها، (وكمثال فإن شركة «تودز» طبقا للاتفاق حصلت على حق استخدام شعار المدرج الروماني الذي بني بين عامي 70 و72 بعد الميلاد تحت حكم الإمبراطور فيسباسيان على حملاتها الإعلانية لمدة 15 عاما وأن تضع شعارها على تذاكر الدخول حيث يصل عدد زوار المدرج الروماني يصل إلى ستة ملايين زائر في العام)، فإن الواقع أثبت أن قدرة الحكومة الإيطالية محدودة على الوفاء بكل النفقات المطلوبة. واقترح البعض أن يقوم أفراد الجمهور بالتبرع لتلك المشاريع، ضاربين المثل بما تقوم به المتاحف الكبرى في بريطانيا التي تخصص صندوقا خاصا لتقبل التبرعات. وفي إطار نفس الفكرة بالاستفادة من دعم الجمهور أشارت تقارير إخبارية محلية إلى التأثير الذي حققه دعم الجمهور في الاعتناء بمواقع جذب السياح مثل ترميم «بيت القنطور» في بومبيي.
كشف النقاب عن خطة الاستثمار بعد وقت قصير من إقرار حكومة رئيس الوزراء ماتيو رينتسي ميزانية 2016 التي زاد فيها الإنفاق بمجال الثقافة. والاعتناء بالتراث الفني والمعماري الذي يرجع لآلاف السنين مشكلة مزمنة في إيطاليا، إذ تركت كثير من المواقع في حالة هشة بسبب خفض الإنفاق العام وسوء الإدارة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.