«الأطفال المفخخون».. سلاح جديد يستخدمه «داعش» في الأنبار

التنظيم المتطرف يحاول اقتحام حديثة بانتحاريين يقودون عشرات العربات المفخخة

عناصر في الجيش ومقاتلون من أبناء العشائر يساعدون مدنيين في الانتقال من مناطق يسيطر عليها {داعش} إلى مناطق محررة في الرمادي أول من أمس (رويترز)
عناصر في الجيش ومقاتلون من أبناء العشائر يساعدون مدنيين في الانتقال من مناطق يسيطر عليها {داعش} إلى مناطق محررة في الرمادي أول من أمس (رويترز)
TT

«الأطفال المفخخون».. سلاح جديد يستخدمه «داعش» في الأنبار

عناصر في الجيش ومقاتلون من أبناء العشائر يساعدون مدنيين في الانتقال من مناطق يسيطر عليها {داعش} إلى مناطق محررة في الرمادي أول من أمس (رويترز)
عناصر في الجيش ومقاتلون من أبناء العشائر يساعدون مدنيين في الانتقال من مناطق يسيطر عليها {داعش} إلى مناطق محررة في الرمادي أول من أمس (رويترز)

كثف تنظيم داعش من هجماته الانتحارية ضد قوات الأمن العراقية في مناطق مختلفة من مدن محافظة الأنبار غرب العراق، بما في ذلك استخدام أطفال مفخخين تسبب بعضها في إلحاق خسائر بشرية في صفوف قوات الأمن العراقي.
وبينما تزداد خسائر «داعش» في مدينة الرمادي وفقدانه بشكل يومي للعشرات من مسلحيه في المدينة المحررة، فإن التنظيم المتطرف بدأ بتفجير المباني التي كان قد فخخها سابقًا وتفجير عشرات الأنفاق التي حفرها مسلحوه تحت منازل المواطنين. كما أكد مسؤولون محليون في الأنبار أن التنظيم المتطرف قام بتفخيخ الأطفال والنساء في بعض الأحياء السكنية من المدينة من أجل تفجيرهم على القوات الأمنية حال وصولها إلى تحرير تلك المناطق.
وقال قائمّقام مدينة الرمادي إبراهيم العوسج في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش الإرهابي قام بتفخيخ كل شيء في مدينة الرمادي خلال عمليات دخول قواتنا الأمنية لتحرير المدينة وتسبب في دمار هائل وصل إلى ما نسبته أكثر من 80 في المائة في البنى التحتية للمدنية والأحياء السكنية وكل مفاصل الحياة الأخرى من خلال عمليات التفجير». وأضاف العوسج: «إن التنظيم الإرهابي قام بشن عمليات قذرة وإجرامية يندى لها جبين الإنسانية، فبعد أن ارتكب بحق الأبرياء المدنيين كثيرا من المجازر الوحشية، قام مؤخرًا بعمل إجرامي جديد من خلال تفخيخ الأطفال والنساء وتفجيرهم عن بُعد بَعد وصول القوات الأمنية لإنقاذهم من سطوة المسلحين، وكانت إحدى تلك الجرائم البشعة حدثت قبل أيام، إذ انفجرت بمنطقة الجمعية وسط مدينة الرمادي فتاة صغيرة قام بتفخيخ جسدها التنظيم الإجرامي، وكانت الطفلة مصابة، وحين حاول أحد الضباط الإسراع بالوصول إليها ومساعدتها انفجرت تلك الطفلة البريئة وتوفيت على الفور هي والضابط الغيور».
وفي سياق متصل، قال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش الإرهابي قام مؤخرًا بشن سلسلة من الهجمات الانتحارية عبر إرسال أكثر من 76 عجلة مفخخة يقودها انتحاريون استهدفت مواقع مختلفة لقطعاتنا الأمنية، محاولين فك الحصار الخانق على عناصر التنظيم التي ما زالت في جيوب هنا وهناك، وكذلك من أجل التغطية على خسائرهم الفادحة التي تكبدوها في معارك تحرير الرمادي والانكسار الكبير في صفوف التنظيم والهروب الجماعي لمسلحيه الأجانب الذين ألقت القوات الأمنية على معظمهم أثناء محاولتهم الفرار من المدينة».
وأضاف العيساوي: «خلال اليومين الماضيين شن (داعش) أكثر من 17 هجومًا بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون، وتركزت تلك الهجمات في مناطق الطراح والبوعيثة والبوريشة والحميرة وسدة سامراء والصقلاوية وبروانة». وقال العيساوي «إن التنظيم الإجرامي لديه العشرات بل المئات من الانتحاريين وأغلبهم من جنسيات عربية وأجنبية ولا يحتاج إلى تفخيخ الأطفال والنساء في مدينة الرمادي»، مشيرا إلى أن «تناقل أخبار بشأن تفخيخ المدنيين سيؤثر سلبًا على عمليات إنقاذ أرواح الآلاف من السكان المحاصرين في الرمادي وباقي مدن الأنبار».
وأكد العيساوي أن «هناك عزما واضحا من قبل قواتنا الأمنية وتفانيا كبيرا في إجلاء المدنيين من أماكن الصراع مع التنظيم الإجرامي، وتم بالفعل إجلاء مئات العائلات، التي كانت محاصرة لأشهر في المعارك إلى مخيمات النازحين في المناطق الآمنة».
وأشار العيساوي إلى «استمرار تقدم القوات الأمنية ومقاتلي العشائر في معارك التحرير بالرمادي»، مؤكدا وصول القوات إلى مناطق شرق المدينة وتحرير مناطق الجمعية والثيبة ومستشفى المدينة وإحياء الضباط وشارع عشرين، وأنه لم يعد أمام القوات الأمنية سوى منطقتين فقط لتحريرهما وهما منطقة الصوفية وحي الملعب.
من جانبه، أعلن قائمقام قضاء حديثة غرب الأنبار، مبروك حميد، عن خطورة الوضع في القضاء وناحية بروانة، مناشدا الحكومة المركزية بالتدخل العاجل. وقال حميد إن «الوضع في قضاء حديثة وناحية بروانة خطر جدا، وهناك أرتال كبيرة من مسلحي تنظيم داعش وصلت إلى الناحية والقضاء بهدف مهاجمتهما». وأضاف قائمقام قضاء حديثة أن «هذه الأرتال تتضمن العشرات من السيارات المفخخة، لذا أناشد الحكومة المركزية بالتدخل العاجل لإنقاذ القضاء والناحية ومنع سقوطهما بيد (داعش)».
لكن الناطق باسم مجلس الأنبار عيد عمّاش استبعد سقوط حديثة بيد تنظيم داعش، مبينًا أن معارك الدفاع عن حديثة وبروانة ما زالت مستمرة وبدعم جوي من الطيران العراقي والتحالف الدولي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «قضاء حديثة بعيد المنال لتنظيم داعش الإرهابي، وإن القوات الأمنية والعشائر نجحت في التصدي لعدة هجمات كبيرة بالمفخخات والأحاديات ومنعت دخولهم إلى المدينة». وأضاف عمّاش: «إن المعارك ما زالت مستمرة للدفاع عن حديثة وبراونة وبدعم جوي من قبل طيران الجيش العراقي والتحالف الدولي، وهناك العشرات من المسلحين وقعوا قتلى بنيران قواتنا الأمنية، كما أسفرت المعارك عن تكبيد العدو خسائر بالأسلحة والآليات والمعدات في صفوف التنظيم الإرهابي».
إلى ذلك، قال الشيخ عبد الله عطا الله، أمين عام تجمع «أحرار الفرات» الذي يضم مقاتلي عشائر سنية، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية: «تصدينا لأكبر هجوم يشنه تنظيم داعش على مدينة حديثة، وقدمنا 25 شهيدا على مدار الهجوم الذي تواصل خلال الساعات الـ72 الماضية». لكن القائمقام والشيخ عطا الله أكدا أن «البلدة محاصرة وتحريرها سيجري في غضون الساعات القليلة المقبلة».
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تقديم دعم للقوات العراقية التي تدافع عن حديثة. وقال الكولونيل ستيف وارن في مؤتمر صحافي: «كانت هناك عدة هجمات من قبل تنظيم داعش على بلدة حديثة، ولم ينجح أي منها بفضل الدعم الجوي القوي». وأكد وارن مقتل 100 مسلح من قبل التحالف وعدد أكبر من قبل القوات العراقية، التي قال إنها صمدت أمام الهجوم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.