نقل «درونات» من إثيوبيا إلى مناطق أخرى

مزيد من الطائرات من دون طيار لمواجهة «داعش» في العراق وسوريا وطالبان في أفغانستان

طائرة «درون» أميركية على مدرج مطار قندهار  في طريقها لدك مخابئ طالبان عام 2009 (واشنطن بوست)
طائرة «درون» أميركية على مدرج مطار قندهار في طريقها لدك مخابئ طالبان عام 2009 (واشنطن بوست)
TT

نقل «درونات» من إثيوبيا إلى مناطق أخرى

طائرة «درون» أميركية على مدرج مطار قندهار  في طريقها لدك مخابئ طالبان عام 2009 (واشنطن بوست)
طائرة «درون» أميركية على مدرج مطار قندهار في طريقها لدك مخابئ طالبان عام 2009 (واشنطن بوست)

في مواجهة حروب متزايدة ضد المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا، أعلن البنتاغون حاجته إلى مزيد من طائرات «درون» (من دون طيار)، ورصد مكافآت كبيرة لطياري «درون» حتى لا يتركوا وظائفهم. في الوقت نفسه، أكد البنتاغون أخبارا سابقة بأنه أغلق قاعدة «درون» في إثيوبيا كانت تركز على مواجهة منظمة الشباب في الصومال، مع توقع نقلها إلى الكاميرون لتركز على مواجهة منظمة «بوكو حرام». بالإضافة إلى توظيف مزيد من «درون» لمواجهة تنظيم داعش في العراق وسوريا، ولمواجهة طالبان في أفغانستان، و«داعش» و«القاعدة» في اليمن.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس على لسان مسؤولين عسكريين، أن البنتاغون «يعاني بسبب زيادة في الطلب على الطائرات من دون طيار من القادة العسكريين الذين يقاتلون (داعش) وجماعات متشددة أخرى». وأكد المسؤولون خبر وقف تحليق طائرات «درون» من قاعدة عسكرية أميركية صغيرة في أربا مينش، في جنوب إثيوبيا. وكانت القاعدة مركزا رئيسيا، منذ عام 2011، لمواجهة منظمة الشباب في الصومال.
ومن دون تقديم تفاصيل أو أسباب، قال أنتوني فالفو، متحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم): «توصلنا (مع حكومة إثيوبيا) إلى قرار لا يتطلب وجودنا في أربا مينش في هذا الوقت». وقالت كاثرين ديوب، متحدثة باسم السفارة الأميركية في إثيوبيا: «يجب أن نعرف أن وجودنا في أربا مينش لم يكن دائمًا».
لكن، قال مسؤولون إن إغلاق القاعدة كان مفاجأة. وذلك لأنه، قبل أشهر قليلة، وقع البنتاغون عقدا مدته ثلاثة أعوام، وقيمته سبعة ملايين دولار مع شركة إثيوبية لتوفير السكن والمكاتب لنحو مائة وثلاثين شخصا كانوا يديرون القاعدة.
وبينما رفض مسؤولون تحديد مكان نقل الطائرات، نوهوا بأنها ستذهب إلى مناطق مواجهة المنظمات الإرهابية، مع وجود نقص في هذا النوع من الطائرات، وفي طياريها. وقالت «واشنطن بوست» إن البنتاغون بدأ حملة لإغراء هؤلاء الطيارين ألا يتركوا وظائفهم. وتعهد بتقديم إغراءات تصل إلى مائة وخمس وعشرين ألف دولار لكل طيار لا يترك وظيفته. وبدأ البنتاغون، أيضًا، حملة للتعاقد مع شركات خاصة للمساعدة في هذا المجال.
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال الرئيس باراك أوباما إنه سيرسل 300 جندي أميركي إلى الكاميرون، لإقامة قاعدة لطائرات «درون»، ومساعدة القوات المحلية لمواجهة منظمة «بوكو حرام» التي تنتشر في نيجيريا، المجاورة للكاميرون. وإن ذلك سيكون بالإضافة إلى قاعدتين في أفريقيا: واحدة في النيجر، والثانية في مالي، لمواجهة المتشددين الصحراويين والمحليين. وأيضًا، المتطرفين العنيفين في ليبيا.
في ذلك الوقت نفسه، قال أوباما، بعد أن كان تعهد بتخفيض القوات الأميركية في أفغانستان إلى عشرة آلاف جندي، إنه يدرس إمكانية زيادة العدد، وذلك لمواجهة نمو متزايد لمتشددي طالبان، وظهور متطرفي تنظيم القاعدة مرة أخرى.
وقال مسؤولون إن «البنتاغون بدأ التعويض عن نقص طائرات (درون) بتخفيض عملياتها في الصومال واليمن. وأيضًا، بنقل عمليات الصومال واليمن إلى القاعدة العسكرية الأميركية في جيبوتي».
من جهته، قال بيتر فام، خبير الشؤون الأفريقية في مركز «أتلانتيك كاونسل» (المجلس الأطلسي) في واشنطن أمس، إن قاعدة جيبوتي تقلل من آثار إغلاق قاعدة إثيوبيا. وإن بعض طائرات قاعدة إثيوبيا يتوقع أن تشترك في الحرب ضد «داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى في سوريا والعراق.
وفي الشهر الماضي، قال موقع «توم ديسباتش»، التابع لمعهد «نيشن» في واشنطن، إنه، قبل إغلاق قاعدة إثيوبيا، بدأ البنتاغون استعمال الطائرات هناك لمواجهة الإرهابيين في العراق وسوريا.
في العام الماضي، قال قائد قوات «أفريكوم»، الجنرال ديفيد رودريغويز، لـ«الشرق الأوسط»: «قبل تشكيل (أفريكوم)، كانت توجد ثلاثة قيادات مقاتلة منفصلة تدير العلاقات مع الدول الأفريقية: القيادة الأميركية لأوروبا، والقيادة الأميركية الوسطى، والقيادة الأميركية لمنطقة المحيط الهادي. لكن، بسب تزايد الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لأفريقيا على الساحة الدولية، تأسست (أفريكوم). وأصبحت مسؤولة عن الأنشطة العسكرية الأميركية في جميع أنحاء القارة، عدا مصر التي تقع تحت مسؤولية القيادة الوسطى».
وأضاف: «خلال هذه السنوات، نجحنا في تعميق تعاوننا مع شركاء أفارقة، ومع شركاء أوروبيين. وأيضًا، مع الوكالات الحكومية الأميركية (الاستخباراتية)، وأيضًا، دعمنا استجابات الحكومة الأميركية للأزمات».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.