رغم أن مجلات السياحة تعتبرها مدينة الأضواء وناطحات السحاب والمعالم السياحية الجميلة، فإن نيويورك تعد أكثر مدن أميركا اكتظاظا بالمشردين، حيث تؤوي نحو 75 ألف مشرد، وهو عدد لم تشهد له كبرى المدن الأميركية مثيلا له منذ ثلاثينات القرن الماضي، ويشكل مشكلة عويصة تسبب إحراجا متزايدا لعمدتها بيل دي بلازيو المتهم بالتقليل من حجمها.
وفي حين تؤكد البلدية أنها تبذل جهودا وتتحدث عن خطة لبناء مساكن ومشاريع إضافية بقيمة مليار دولار على أربع سنوات، أوضح رئيسها أنها «معركة طويلة ليس من السهل أن ننتصر فيها»، رغم كل الجهود.
ويعيش في نيويورك 8.4 مليون شخص، ولكن المدينة تؤوي 14 في المائة من إجمالي المشردين في الولايات المتحدة، أي نحو 75300 شخص وفق دراسة حديثة لوزارة الإسكان والتنمية المدنية. وتتطور الأمور في المدينة بشكل معاكس لما يجري في باقي أنحاء البلاد، حيث تراجع عدد المشردين من 647 ألفا إلى 564 ألفا، وفق الدراسة نفسها.
ولكن بلدية نيويورك تقدر عدد المشردين، الذين يتم استقبالهم في مساكن أو فنادق مخصصة لهم في المدينة بنحو 59 ألفا فقط. وهي من واجبها، وفق القانون، أن تؤمن لهم مكانا ينامون فيه خلال الليل.
ويضاف إلى هؤلاء نحو ثلاثة آلاف وأربعة آلاف شخص، تقول البلدية إنهم ينامون في الشارع وعلى الأرصفة الجانبية، وفي الحدائق ومحطات الحافلات والمترو، ولذلك لا يكف سكان نيويورك عن الشكوى إزاء هذه الظاهرة. وفي هذا الصدد قال قائد شرطة المدينة بيل براتون الشهر الماضي، إن «الوضع ازداد تأزما بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين»، معتبرا أن دي بلازيو قلل من حجم المشكلة في البداية.
وتقول منظمة «ائتلاف المشردين»، إن «عدد المشردين في نيويورك بلغ في السنوات الأخيرة أعلى مستوى له منذ الكساد الكبير الذي شهدته المدينة في ثلاثينات القرن الماضي»، مضيفا أن بين المشردين الذين تم إيواؤهم في نيويورك في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بلغ نحو 23 ألف طفل، و22 ألف بالغ ضمن عائلات، و3600 امرأة بمفردهن و10 آلاف رجل بمفردهم. وخلال عشر سنوات زاد عدد المشردين بنسبة 86 في المائة.
وتثير ظروف العائلات المشردة الكثير من القلق. ففي تقرير صدر في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال المدقق المالي في مدينة نيويورك سكوت سترينغر في تقرير رسمي شديد اللهجة: «لقد نام أكثر من 23 ألف طفل في مدينتنا في ظروف سيئة جدا الليلة الماضية، كثير منهم بين جدران مقشرة الطلاء، وبعضهم عانى من البرد القارس لأن النوافذ مكسورة، وآخرون تشاركوا المكان مع القوارض».
وأضاف سترينغر، وهو موظف مستقل منتخب يراقب عمل الخدمات البلدية، أن هناك فقط 14 موظفا يشرفون على 12500 عائلة مشردة في مراكز الإيواء. فيما قال رئيس البلدية، إن «الكثير من المشردين لا ترونهم خلال النهار لأنهم يعملون، وعددا كبيرا من الأطفال يذهب إلى المدرسة»، لكنه أقر بأن أعدادا كبيرة منهم يلازمون الشوارع نهارا لأنه يطلب منهم مغادرة مراكز الإيواء نهارا، والعودة إليها في الليل فقط، مضيفا أن تزايد أعداد المشردين عائد لأسباب اقتصادية، بسبب عدم قدرتهم على دفع إيجار المسكن في مدينة تتزايد فيها الفروقات الاجتماعية.. «وليس بسبب الإدمان أو مشكلات نفسية أو ذهنية».
وحول هذه الإشكالية العويصة يقول ائتلاف المشردين، إن العدد الفعلي للمشردين الذين ينامون في العراء أكبر من التقديرات بكثير، لأن هذه الأعداد تحتسب مرة في السنة، وخلال الليل في آخر أيام شهر يناير (كانون الثاني). ويضاف إلى هؤلاء، المتسولون، وغالبيتهم من الشباب، وليسوا بالضرورة مشردين، وهم يجلسون على الأرصفة يطلبون الصدقات من المارة، ولا سيما بالقرب من محطات الحافلات والقطار.
وفي هذا الصدد قال دي بلازيو إن مشكلة المشردين لا تقتصر على نيويورك فقط.. «إنها معركة طويلة..إنه تحدٍ كبير في كل أنحاء البلاد. ولم تتوصل أي مدينة إلى حل لهذه المشكلة بعد»، مشيرا إلى أن سان فرانسيسكو ولوس أنجليس «تواجهان نسبيا مشكلة أكبر مع المشردين».
ووفق وزارة الإسكان، يعيش في لوس أنجليس نحو 41 ألف مشرد، تليها سياتل بعشرة آلاف، وسان دييغو بـ8700، وتأتي سان فرنسيسكو ثامنة بين الدول الكبرى بنحو 6700 مشرد، بعد لاس فيغاس التي تؤوي نحو 7500، وواشنطن بنحو 7300، وشيكاغو بنحو 6800 متشرد.
نيويورك أكثر مدن أميركا اكتظاظًا بالمشردين
تؤوي أزيد من 70 ألف شخص من دون مأوى.. بينهم نحو 23 ألف طفل
نيويورك أكثر مدن أميركا اكتظاظًا بالمشردين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة