14 قتيلا و132 جريحا بتفجيرات تهز مدينة حمص

لم تتبنَّ فصائل المعارضة السورية في الفترات السابقة أي تفجير في المدينة

سكان حي الزهراء في مدينة حمص يتجمعون حول سيارات الإطفاء التي هرعت إلى مكان تفجير سيارتين أمس في منطقة ذات أغلبية علوية (أ.ف.ب)
سكان حي الزهراء في مدينة حمص يتجمعون حول سيارات الإطفاء التي هرعت إلى مكان تفجير سيارتين أمس في منطقة ذات أغلبية علوية (أ.ف.ب)
TT

14 قتيلا و132 جريحا بتفجيرات تهز مدينة حمص

سكان حي الزهراء في مدينة حمص يتجمعون حول سيارات الإطفاء التي هرعت إلى مكان تفجير سيارتين أمس في منطقة ذات أغلبية علوية (أ.ف.ب)
سكان حي الزهراء في مدينة حمص يتجمعون حول سيارات الإطفاء التي هرعت إلى مكان تفجير سيارتين أمس في منطقة ذات أغلبية علوية (أ.ف.ب)

قتل 14 شخصا وجرح 132 آخرون أمس الاثنين جراء تفجيرات متزامنة هزت حي الزهراء ذا الغالبية العلوية في مدينة حمص في وسط سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي، في وقت شككت المعارضة بطبيعة التفجيرات التي تقع في حي تسكنه أغلبية علوية، ويضم عددًا كبيرًا من المسلحين الذين ينتمون إلى (الدفاع الوطني)، تحيط به إجراءات أمنية.
وتضاربت المعلومات حول عدد التفجيرات وأسبابها وحصيلة القتلى، إذ تحدث التلفزيون عن «تفجير سيارتين مفخختين وحزام ناسف في محيط الساحة الرئيسية»، فيما أشار محافظ حمص طلال البرازي لوكالة الصحافة الفرنسية إلى «تفجير سيارة مفخخة أعقبها إقدام انتحاري على تفجير نفسه بحزام ناسف»، ما أسفر عن «ستة (شهداء) و37 إصابة» نقلت إلى المشافي، بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 32 شخصا قتلوا وأصيب 90 آخرون في انفجارين بمدينة حمص السورية أمس الاثنين. وذكر المرصد أن الانفجارين وقعا «جراء تفجير رجل لنفسه بحزام ناسف وتفجير آلية مفخخة على الأقل في حي الزهراء» بوسط المدينة.
وبث التلفزيون مشاهد من الحي تظهر دمارا كبيرا في المباني والمحال التجارية، وسيارات إطفاء تعمل على إخماد النيران التي اندلعت من سيارات محترقة بالكامل، في حين كان مسعفون ينقلون الضحايا إلى سيارات الإسعاف. ودان مجلس الوزراء السوري «التفجيرين الإرهابيين» في حي الزهراء، وفق وكالة سانا.
وشهد حي الزهراء في 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تفجيرا بسيارة مفخخة أسفر عن مقتل 16 شخصا وإصابة 54 آخرين. وتعرضت أحياء عدة في مدينة حمص لتفجيرات في وقت سابق تبنت بعضها جبهة النصرة (ذراع القاعدة في سوريا)، كان أعنفها التفجير الذي استهدف مدرسة في مايو (أيار) 2014 أسفر عن مقتل نحو مائة شخص أغلبهم من الطلاب.
وبات النظام السوري يسيطر على مدينة حمص بشكل شبه كامل بعد بدء تنفيذ اتفاق خرج بموجبه في بداية الشهر نحو 300 مقاتل معارض من حي الوعر، آخر مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في المدينة، ويتوقع استكماله في الأيام المقبلة. وتسيطر قوات النظام منذ بداية مايو 2014 على مجمل المدينة باستثناء حي الوعر.
من جهته أعرب عضو الائتلاف الوطني السوري عبد الإله فهد، عن حيرة المعارضة السورية من استهداف حي الزهراء في مدينة حمص بشكل متكرر بالتفجيرات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الحي الذي تسكنه أغلبية علوية، ويضم عددًا كبيرًا من المسلحين الذين ينتمون إلى الدفاع الوطني «تحيط به إجراءات أمنية مشددة، فكيف يمكن اختراقها بهذه السهولة؟».
وقال: «مرة بعد مرة، تساورنا الشكوك بأن التفجيرات تتم من داخله، لأن التفجيرات في المرحلة الماضية، كانت تتزامن مع أي اتفاق يقرب إبرامه بشأن حي الوعر، وهذه المرة جاء بعد أيام قليلة على إبرام اتفاق حي الوعر»، مشيرًا إلى أنه «على الرغم من أننا لا نمتلك معلومات دقيقة، فإننا نعتقد أنه تصعيد من قبل أهل الحي ضد أي هدنة أو وقف إطلاق النار مع حي الوعر».
وفيما لم تعلن أي من الفصائل السورية المعارضة المعتدلة عن تبنيها لتفجيرات في حي الزهراء، أو أي تفجيرات أخرى تستهدف مناطق نفوذ القوات النظامية، في الفترة الماضية، أعلنت «جبهة النصرة» الصيف الماضي، استهداف الحي بتفجير. وقال فهد الذي يتحدر من مدينة حمص: «فصائل الثورة لم تتبنَّ بتاتًا أي تفجير في حمص، ولا يمكن أن تقوم بذلك. هناك أحياء مختلطة بين السنة والعلويين في المدينة، والعلاقة بينهم منذ عشرات السنين منضبطة وجيدة، ونحن حريصون منذ بداية الثورة أن لا ينفذ أي انتقام على خلفيات طائفية، كي لا يتحول الصراع إلى طائفي رغم التجويع والحصار الذي يعاني منه سكان الأحياء المعارضة»، مشيرًا إلى أن «الأزمة ستنتهي، ولا نريد للجرح أن يبقى عشرات السنوات، ومن هذا المنطلق كان الإصرار على إبقاء الصراع بإطاره السياسي، ومنع الانتقام».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.