لا تتعجب إذا مررت أمام النادي الثقافي «الطاهر الحداد» في مدينة تونس العتيقة ووجدت حركة الناس قد توقفت قليلا من أجل التقاط الأنفاس والابتعاد عن أجواء الحضارة الخانقة، والاستمتاع بحكايات قديمة تروي البطولات والانتصارات والصراع الأبدي بين الخير والشر، فأنت في أيام «مهرجان الخرافة» الذي يمتد أسبوعا كاملا.
ففي أجواء يغلب عليها الطابع الاحتفالي برجوع الحكاية الشفوية والابتعاد، ولو قليلا، عن مختلف الشاشات التي سيطرت على حياة مختلف الأجيال، تتواصل في النادي الثقافي «الطاهر الحداد» الدورة الثامنة لـ«مهرجان الخرافة». ويهدف هذا المهرجان إلى إحياء جانب من تراث تونس الشفوي والرجوع بالذاكرة الجماعية إلى الغرام بالخرافة والحكاية الشعبية المشبعة بالخيال، وعرضها بأبسط الوسائل وبأقل المؤثرات الركحية من إضاءة وهندسة صوت وغيرها من توظيف للمسرح.
وانطلقت هذه التظاهرة، التي باتت تجذب إليها انتباه مختلف الشرائح الاجتماعية من الأطفال والشباب والشيوخ كذلك، بعرض تنشيطي للدمى العملاقة، وعرض خرافة «شلارة وبلارة» للحكواتي التونسي العروسي الزبيدي، وذلك يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لتتواصل حتى 26 من الشهر نفسه.
وعن سر إعجاب المستمعين والمشاهدين على حد السواء بالخرافة واستمتاعهم بملاطفاتها، قال الحكواتي العروسي الزبيدي إن «الحكاية الشعبية بمثابة المداعبة اللطيفة لمتابعيها، فهي تمرر لهم قيم الأجداد، وتستنبطن ثمّ تفكّك معظم رموز الحياة، وتجيب عن التساؤلات الحياتية، وتلك هي غايتها القصوى» على حد تعبيره.
ويتضمن المهرجان عددا من العروض المتنوعة في فن الحكواتي، وورشات للألعاب الدرامية والتعبير الجسماني والحكاية، ومعرضا للدمي والعرائس والمتممات الحركية. وخلت هذه الدورة من المشاركة الأجنبية لأول مرة لأسباب مادية وأمنية كذلك.
وخلال أيام المهرجان، عرضت عدة خرافات من بينها »حكايات ناس زمان» لخالد شنان و»حكاية البيبان» لبشير المناعي، و»حكايات شيخ «لعبد المنعم شويات وهو عرض مخصص لفاقدي السمع حيث يعتمد على لغة الإشارات فحسب.
وعن هذا المهرجان يؤكد الحكواتي التونسي بشير المناعي أن «الخرافة ما زالت تحتفظ بمكانتها في هذا العصر، وهي قادرة على إعادة تشكيل ملامحها وعناصرها بما تحمله من حكمة إنسانية تراكمت عبر العصور، وهي اليوم تعد من أهم المحامل التي تمرر للطفل، وللإنسان عموما، ما تحمله في طياتها من قيم ومبادئ تهيئ الفرد نفسيا واجتماعيا للاندماج الاجتماعي».
ويضيف المناعي أن «الخرافة تحكي عن الموت والحب والكراهية، وعن الغيرة والصراعات بين الإخوة.. عن فترة المراهقة والمرحلة الانتقالية من الطفولة إلى عالم الكبار.. عن الخير والشر، وكلها معان إنسانية يمكن تمريرها إلى الأجيال المقبلة بطرق مختلفة».
«مهرجان الخرافة» يمتع التونسيين بحكايات شعبية قديمة
يروي البطولات والانتصارات والصراع الأبدي بين الخير والشر

جانب من «مهرجان الخرافة» في تونس
«مهرجان الخرافة» يمتع التونسيين بحكايات شعبية قديمة

جانب من «مهرجان الخرافة» في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة