لجنة مناهضة التعذيب تطالب الأردن بحظره بشكل مطلق في تشريعاته

دعت لإلغاء محكمة أمن الدولة.. وآلية مستقلة للشكاوى وقانون حماية ضد العنف الأسري

لجنة مناهضة التعذيب تطالب الأردن بحظره بشكل مطلق في تشريعاته
TT

لجنة مناهضة التعذيب تطالب الأردن بحظره بشكل مطلق في تشريعاته

لجنة مناهضة التعذيب تطالب الأردن بحظره بشكل مطلق في تشريعاته

رحبت مؤسسات المجتمع المدني في الأردن، بالملاحظات الختامية على التقرير الدوري الثالث للأردن في لجنة مناهضة التعذيب. وطالبت المؤسسات الحكومة الأردنية بالالتزام الجدي بتطبيق الملاحظات والتوصيات، والأخذ بها لتحسين بيئة حقوق الإنسان. ودعت الحكومة الأردنية إلى ضرورة مصادقة الأردن على البرتوكول الاختياري الملحق بمناهضة التعذيب، وإجراء حوارات وطنية حول إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب، وحثها على الانضمام إلى اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري.
واقترح التحالف المدني الأردني لمناهضة التعذيب، إنشاء آلية تنسيقية لتنفيذ الملاحظات والتوصيات التي وضعتها لجنة مناهضة التعذيب، لترسيخ مفهوم التشاركية التي يدعو لها مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وكانت لجنة مناهضة التعذيب، قد رحبت في ملاحظاتها الختامية، بالتدابير الإيجابية التي اتخذها الأردن، ومنها قانون الأحداث، وقانون استقلال القضاء، والمحكمة الدستورية، وزيادة العقوبات على جرائم العنف الجسدي والعنف الجنسي، والتعديلات الدستورية التي تحظر التعذيب، وإنشاء سجل وطني لحالات التعذيب، واستضافتها لأكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري.
وأشارت لجنة مناهضة التعذيب في ملاحظاتها الختامية، إلى أنها لا تزال تشعر بالقلق، بشأن تعريف التعذيب في المادة 208 من قانون العقوبات، الذي لا يتوافق والتعريف الوارد في اتفاقية التعذيب، حيث لا يزال القانون يعتبر جريمة التعذيب جنحة، وعقوباتها لا تتناسب مع جسامة الفعل، داعية الحكومة الأردنية إلى تبني مفهوم التعذيب الوارد بالاتفاقية.
وشددت اللجنة على ضرورة التزام الأردن الحظر المطلق للتعذيب في تشريعاته، وأن يكفل بأن أي أوامر صادرة عن جهة عليا، أو ضابط أعلى رتبة، لا يجوز الاحتجاج بها كمبرر للتعذيب. وطالبت اللجنة الحكومة الأردنية بإلغاء سياساتها بعدم السماح للاجئين الفلسطينيين الفارين من الصراع في سوريا باللجوء إلى الأردن، والامتناع عن ترحيلهم، وضمان الإجراءات الوقائية ضد الإبعاد القسري.
وكررت اللجنة توصياتها بوضع نهاية للسحب التعسفي للأرقام الوطنية للأردنيين من أصول فلسطينية.
وفي الضمانات القانونية أعربت اللجنة عن أسفها لغياب نص واضح وصريح عن حق وإمكانية الوصول إلى محامٍ عند التوقيف. وجددت مطالبتها التأكيد على توصية سابقة، بإلغاء ممارسة الحجز الإداري، وخصوصا للنساء القاصرات ضحايا العنف، والعمال المهاجرين الذين فروا من سوء معاملة أصحاب العمل. وأكدت اللجنة في ملاحظاتها على ضرورة ضمان التحقيق الفوري والنزيه لجميع حالات، وادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، وضرورة محاكمة وإدانة الجناة والفاعلين.
وطالبت بضرورة الاستمرار بتركيب وصيانة تسجيلات الفيديو لجميع عمليات الاستجواب، والقيام بتركيب كاميرات في جميع مناطق ومرافق الاحتجاز.
وأعربت اللجنة عن جزعها إزاء حالات الوفاة لنزلاء أثناء الاحتجاز في عام 2015، وتحديدًا وفاة كل من إبراهيم الخضري، وعمر النصر، وعبد الله الزعبي، وسلطان الخطاطبة، مطالبة الدولة بالتعجيل في التحقيقات في جميع حالات الوفاة أثناء الاحتجاز.
وتوقفت اللجنة عند الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون، وأعربت عن قلقها من البلاغات والتقارير عن الاستخدام المفرط لقوات الشرطة في تفرقة المتظاهرين، وعلى وجه الخصوص الصحافيين والتي تبلغ درجة سوء المعاملة والتعذيب.
وطالبت الحكومة الأردنية بإجراء تحقيقات سريعة ونزيهة وشاملة وفعالة، بخصوص جميع مزاعم استخدام القوة المفرطة، ومن ضمنها التعذيب وسوء المعاملة من الموظفين المكلفين إنفاذ القانون، ومقاضاة كل الأشخاص المشكوك بتورطهم.
ودعت الملاحظات إلى إلغاء محكمة أمن الدولة، ونقل السلطة القضائية من أفراد مديرية الأمن العام إلى المحاكم المدنية بعد استمرار القلق من ثبات أنظمة المحاكم ومن ضمنها محكمة الشرطة وأمن الدولة.
وركزت اللجنة على أهمية تكثيف الجهود لمكافحة كل أنواع العنف ضد المرأة، والانتهاء من إصدار قانون الحماية ضد العنف الأسري، والإلغاء الفوري لأي أحكام تخفف أو تبرئ الجناة في قانون العقوبات بخصوص الاغتصاب وقضايا الشرف وإنهاء الإفلات من العقاب.
وكان التحالف المدني لمناهضة التعذيب قد شُكل من كل من: الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، ومركز أرض العون القانوني، ومركز حماية وحرية الصحافيين، ومعهد العناية لصحة الأسرة وتمكين للدعم والمساندة، ومركز بداية جديدة لحقوق الإنسان، وأكاديمية التغيير للدراسات الديمقراطية والتنموية ومركز الشرق والغرب، ومركز صوت القانون، ومؤسسة المحامين العرب.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.