ما زال الاقتصاد الروسي بعيدًا على ما يبدو عن استعادة استقراره في ظل تأثره المباشر بأسعار النفط، فضلاً عن العقوبات الأميركية والأوروبية ضد روسيا، وتمديدها من حين لآخر. وبعد استقراره نسبيًا خلال نهاية الصيف مطلع خريف العام الحالي عند مؤشرات تراوحت وسطيًا بين 55 - 60 روبلا للدولار، عاد الروبل الروسي ليسجل من جديد هبوطًا حادًا خلال الأسبوع الماضي، ليتجاوز اليوم عتبة 71 روبلا مقابل الدولار الأميركي. وقد أقر أليكسي أوليوكايف، وزير التنمية الاقتصادية الروسي بأن «الوضع الاقتصادي تدهور بعض الشيء للأسف». بينما أعرب أنطون سيلوانوف وزير المالية الروسي عن اعتقاده أنه لا مفر من إدخال تعديلات على الميزانية الروسية لعام 2016 مع ربيع العام المقبل، مشددًا على أهمية توفر سيناريوهات إضافية في جعبة الحكومية الروسية، وأن سيناريوهات الميزانية انطلاقًا من سعر 50 و40 دولارا لبرميل النفط قد لا تكون كافية، في إشارة منه إلى التوقعات باستمرار انخفاض أسعار الذهب الأسود إلى ما دون 35 دولارا للبرميل.
في غضون ذلك، نشرت الوكالة الفيدرالية الروسية للإحصائيات نتائج دراسة حالة الاقتصاد الروسي عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) والتي أظهرت تراجعًا في كل مؤشرات الاقتصاد الوطني، حيث ارتفع عدد العاطلين عن العمل خلال شهر نوفمبر ليصل إلى 4.4 مليون شخص، أي أن نسبة البطالة في روسيا بلغت 5.8 في المائة في أوساط المواطنين الناشطين اقتصاديًا. كما تراجع حجم الدخل الحقيقي للمواطنين بنسبة 5.4 في المائة، مقارنة مع الدخل خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وبلغ متوسط مستوى الدخل قرابة 30 ألف روبل روسي شهريًا، أي أدنى بنسبة 6.6 في المائة من الدخل الحقيقي للمواطن منذ عام.
من جانب آخر، أظهرت دراسات الوكالة الفيدرالية الروسية للإحصائيات زيادة قيمة الرواتب الشهرية المتأخر تسديدها في شهر نوفمبر، ما يعني تراكم ديون على الشركات الروسية بقيمة 3.9 مليار روبل. وتشير الوكالة الفيدرالية للإحصائيات إلى أن تأخر بعض الشركات والمؤسسات في تسديد مديونية المعاشات الشهرية يعود إلى عدم توفر سيولة ذاتية لدى هذه الشركات، هذا في الوقت الذي بلغت معه قيمة القروض المتأخر تسديدها من جانب الشركات الروسية مبلغًا قدره 2.4 تريليون روبل.
على خلفية هذه الأوضاع تواصل الاستثمارات في رأس المال الروسي الثابت تراجعها، وحسب تقييم مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتوقعات قريبة الأجل فإن ظاهرة تراجع النشاط الاستثماري مرتبطة بشكل مباشر بالهبوط الجديد للعملة الوطنية الروسية، والتي نجم عنها تراجع في تصدير السيارات والمعدات. فضلا عن ذلك، فإن تراجع النشاط الاستثماري يعود إلى انخفاض النشاط في مجال البناء، لا سيما في المشاريع الجديدة.
في ظل هذه الظروف المعقدة، ومع توقعات باستمرار تراجع أسعار النفط وما ستخلفه من نتائج سلبية على قيمة العملة الوطنية الروسية والاقتصاد الروسي ككل، تواصل الحكومة الروسية دراسة الاحتمالات المتاحة لتغطية العجز في ميزانية عام 2016. ومن بين الاقتراحات المتداولة بقوة الإعلان عن خصخصة 19.5 في المائة من أسهم شركة «روس نفط»، إذ تعلق وزار المالية الروسية آمالها بالحصول على مبلغ 500 - 550 مليار روبل من هذه العملية لتغطية العجز في الميزانية. وحسب قول الوزير سيلوانوف سيُسمح للمستثمرين الأجانب اقتناء أسهم «روس نفط» التي سيتم طرحها للخصخصة.
موسكو ستبيع حصة في «روس نفط» مع اشتداد أزمتها المالية
مستويات المعيشة تواصل تراجعها والروبل انهياره
موسكو ستبيع حصة في «روس نفط» مع اشتداد أزمتها المالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة