برعاية روسية.. «البعث» يرتب أوراقه سرًا بين بغداد ودمشق ليعود للواجهة

قيادي بعثي لـ {الشرق الأوسط}: ضباط سابقون انسحبوا من «داعش» ومستعدون لمحاربة التنظيم

برعاية روسية.. «البعث» يرتب أوراقه سرًا بين بغداد ودمشق ليعود للواجهة
TT

برعاية روسية.. «البعث» يرتب أوراقه سرًا بين بغداد ودمشق ليعود للواجهة

برعاية روسية.. «البعث» يرتب أوراقه سرًا بين بغداد ودمشق ليعود للواجهة

أكد قيادي في حزب البعث العراقي أن «جهودا ومباحثات حثيثة تجرى من أجل توحيد الصفوف بين القيادة القطرية للحزب في العراق، وقيادة الحزب في سوريا، لإعادة الحزب إلى الواجهة السياسية وأخذ دوره في الأحداث»، مشيرا إلى أن «قيادات وأعضاء في حزب البعث العراقي كانوا يناصرون ويدعمون تنظيم داعش قد انسحبوا من التنظيم، كما انسحب العديد من ضباط الجيش العراقي، وأن هناك اتفاقات تجرى لاستضافتهم في دمشق».
وقال القيادي البعثي العراقي، الذي رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف في بغداد، إن «قيادة الحزب، جناح عزة الدوري، أجرت مباحثات مع قيادة حزب البعث السوري، الذي يتزعمه الرئيس السوري بشار الأسد، وبرعاية روسية، من أجل وحدة الحزب، للإعلان عن حزب واحد يحتفظ باسمه (حزب البعث العربي الاشتراكي)، وبقيادتين قطريتين، عراقية وسورية»، مشيرا إلى أن «المباحثات لم تتطرق حاليا لمن ستؤول إليه القيادة القومية (القيادة العليا) للحزب».
وأضاف القيادي البعثي العراقي أن «المباحثات تتم بصورة سرية للغاية، وتحت رعاية روسية، من أجل دعم الرئيس السوري بشار الأسد من جهة، والتهيئة لمصالحة وطنية عراقية، بحيث يتم تقبل البعثيين في العملية السياسية العراقية بعد أن يتم إلغاء قانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث)، والسماح للحزب بالإعلان عن نفسه بعد تنفيذ قانون الأحزاب في العراق، ونحن ندرس هذه الاختيارات من أجل إعادة العراق وسوريا إلى محيطهما العربي».
وعما إذا كان سيتم ترشيح الدوري زعيما لحزب البعث بعد مصالحته ووحدته مع البعث السوري، قال القيادي البعثي العراقي: «إن الرفيق عزة الدوري يعاني من مشاكل صحية، ولا نعتقد أنه سيرشح نفسه لهذا المنصب، كما أننا نبحث عودة جناح محمد يونس الأحمد، عضو قيادة قطر العراق الذي انشق عن الدوري بعد 2003، إلى صفوف الحزب من أجل توحيد جهودنا، ولنكون قوة ضاغطة لتحرير العراق من أي تدخل خارجي».
وحول موقف إيران في هذه العملية، أوضح أن «إيران بعيدة عن أجواء المباحثات، ولا نعتقد أن الروس أخذوا رأي إيران في الموضوع، فالمشاكل الداخلية في إيران تمنع طهران من التشعب في تدخلاتها في العراق»، منبها إلى أن «موقفنا معروف من طهران وتدخلاتها في الشأن الداخلي العراقي، إذ إننا نرفض هذا التدخل، وأي تدخل خارجي، خاصة إذا لم يكن عربيا مخلصا للعراق والعراقيين، أما الروس فإنهم يلعبون هنا دورا محدودا يتعلق بتهيئة الأجواء والاتصالات بين الأطراف للتحاور دون أن يكون لهم تأثير في سير المباحثات». وفي رده على طبيعة العلاقات بين طهران ودمشق والموقف من هذه العلاقات، قال: «إن لسوريا سياساتها الخاصة بها، ولنا سياساتنا التي تهم العراق أولا وأخيرا، ونحن لا نتدخل في الشأن الداخلي السوري، بل إن تحالف حزب البعث في العراق وسوريا هو تحالف سياسي وليس حكوميا، لأننا لسنا حكومة بل حزب سياسي جماهيري».
وأوضح أن «المباحثات جرت في دمشق وفي مناطق معينة من العراق وبصورة سرية تامة، كما جرت بعض اللقاءات غير الرسمية والمحدودة في قطر والأردن ولبنان، كما أن هناك شخصيات سياسية عراقية غير مشاركة في الحكومة شاركت وعلى علم بمسار النقاشات التي تحرز تقدما على الرغم من بطئها»، منوها بأن «واشنطن على علم بهذه المباحثات، ونحن نعرف أنها تتابع خطواتها من خلال سفير إحدى دول المعسكر الاشتراكي السابق الذي التقى أحد المشاركين في المباحثات، وقد سربنا لهم بعض المعلومات المعروفة أصلا من قبل الأميركان، ونعتقد أنهم ليسوا قلقين من هذه الخطوة، على الأقل حتى الآن».
وقال إن «توجهات حزب البعث ليست كما كانت في السابق، بل نحن اليوم منفتحون على الآخرين من أجل إنقاذ العراق من الانزلاق أكثر في الهاوية، ونخشى عليه من التقسيم الذي تخطط له بعض القوى السياسية العراقية ودول خارجية، ونتفاوض مع الجميع إلا مع من قادوا البلد إلى هذا المصير، ونعني الحكومة العراقية ومن شاركوا فيها»، مشيرا إلى أن «هناك قواعد واسعة داخل العراق تؤيدنا، وهناك تنظيمات سرية واسعة للحزب خاصة بين الشباب وطلبة الجامعات الذين صدموا بما جرى ويجري في البلد من تهميش وقتل وفساد وتدخلات خارجية».
وعن موقفهم من تنظيم داعش، قال القيادي البعثي العراقي، إن «موقفنا معاد تماما لهذا التنظيم الإرهابي، ونعترف بأن هناك ضباطا سابقين في الجيش العراقي كان بعضهم محسوبين علينا قد انضموا بشكل أو بآخر إلى تنظيم داعش، لكنهم اليوم عادوا إلى صفوف الحزب، وأن غالبية ضباط الجيش العراقي السابق الذين عانوا من تهميش الحكومة العراقية وملاحقتهم وتصفية العديد منهم قد انسحبوا من (داعش) وهم على أهبة الاستعداد لمقاتلة هذا التنظيم الذي قتل الآلاف من العراقيين الأبرياء».
وعبر عن طموحات حزبه قائلا: «نحن نطمح ونعمل من أجل استعادة دورنا في الحياة السياسية في العراق وبطريقة سلمية، وخوض الانتخابات التشريعية بعد إلغاء قانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.