لم يعد أمام القوات الأمنية العراقية التي تخوض معارك شرسة لتحرير مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم داعش، سوى سبعة أحياء سكنية في وسط المدينة لتحرير كامل المدينة، وذلك بعد أن شهدت المنطقة عمليات اختطاف للنساء والأطفال لتكون القوات العراقية أمام المحك لتحرير الأنبار بعد الوعود الكثيرة التي أطلقت خلال الفترات الماضية.
وتتقدم القوات العراقية المسلحة بمختلف صنوفها وبمشاركة مقاتلي عشائر الأنبار وبإسناد جوي من قبل طائرات التحالف الدولي وطيران سلاح الجو العراقي، من المحاور الأربعة للمدينة باتجاه المربع الحكومي الذي يضم مبنى محافظة الأنبار، وفي هذه الأثناء تضاربت التصريحات حول عمليات اختطاف طالت المدنيين النازحين من مدينتي الفلوجة والرمادي كانوا قد فروا من مناطق سيطرة تنظيم داعش في المدينتين إلى بغداد والمحافظات الجنوبية وأكد مسؤولون ونواب في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار اختطاف ما يقرب من 1200 مدني بينهم نساء. مشيرين إلى أن فقدان أثر هؤلاء عند نقطة تفتيش الرزازة، فيما لم تسجل قوات الجيش أي حالة اختطاف حسب المتحدث باسم قيادة العمليات.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار طه عبد الغني إن «نحو 1200 مدني من أهالي الأنبار اختفوا في سيطرة الرزازة 50 كلم جنوب مدينة الفلوجة والقريبة من عامرية الفلوجة، بعد أن أصبح هذا المنفذ الملجأ الوحيد للعائلات الفارة من مدن هيت والرطبة والقائم فضلا عن الرمادي والفلوجة التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي، للتوجه إلى مخيمات النازحين في مدينة الحبانية ومدن الفرات الأوسط والجنوب بعد إغلاق المنافذ الأخرى وأهمهما منفذ بزيبز».
وأضاف عبد الغني «أن عمليات الخطف بدأت منذ انطلاق العمليات العسكرية منذ شهرين وتصاعدت بشكل تدريجي، وأن العائلات النازحة اتخذت طريقا محاذيا لمحافظة كربلاء بعد أن تعذر عليهم التوجه إلى منفذ بزيبز، وفي هذا الطريق توجد سيطرة وحيدة تابعة لأحد الفصائل المسلحة ضمن الحشد الشعبي، حيث تم عزل العائلات ثم يؤخذ الشباب إلى مكان غير معلوم، وقبل أسبوع من الآن وحسب معلومات تلقاها مجلس المحافظة تم اختطاف 3 نساء عند السيطرة ذاتها».
وأشار عبد الغني إلى أن «مجلس محافظة الأنبار يمتلك قاعدة معلومات كاملة عن العائلات التي هربت من الرمادي وغرب الأنبار إلى المناطق الآمنة»، مبديا استعداده لتزويد السلطات الحكومية بها ليتبين أن المختطفين ليسوا من المطلوبين.
وأكد عبد الغني أن «ما يحدث في سيطرة الرزازة أمر في غاية الخطورة وتسبب بانعدام ثقة المواطن بالحكومة التي تلقي منذ أسابيع منشورات تحثهم على الخروج واللجوء إلى قطعات الجيش».
من جهتهِ قال عضو البرلمان العراقي النائب محمد الكربولي «إن أعداد المختطفين من أبناء الأنبار يتراوح بين 1200 و1300. وهم جميعا يختفون عند سيطرة الرزازة التي تسيطر عليها ميليشيات مسلحة وأصبحت معروفة باسمهم لأنهم الوحيدون هناك، حيث يستخدمون اللابتوبات لتدقيق الأسماء».
وأضاف الكربولي «أن عددا كبيرا من العائلات بينهم نساء دخلت إلى السيطرة ولم تظهر بعد ذلك رغم أنهم قد مروا قبلها بسيطرات تابعة للجيش وتم تدقيق أسمائهم بالكامل وسمحت لهم القوات الحكومية بالمرور والتوجه إلى منفذ الرزازة، إننا وعددا من نواب الأنبار أصبحنا نشعر بالحرج أمام تساؤلات ومطالب أقارب المخطوفين عن مصيرهم وأين آلت بهم الأمور».
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول «لم نتأكد من صحة تلك الأخبار المتداولة عن خطف المدنيين في الأنبار ولم نسجل أي حالة خطف».
وأضاف رسول «أدعو المسؤولين في الأنبار لتقديم ما لديهم من وثائق وأدلة عن تلك الحالات ليتم التحقيق فيها».
من جانب آخر قدر رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت حجم الأضرار التي لحقت بالمحافظة بعد احتلالها من قبل تنظيم داعش والعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الأمنية والحشد الشعبي ورجال العشائر لتحرير مدنها بـ47 مليار دولار بحسب التقييمات الأولية التي قامت بها الدوائر المختصة في المجلس.
وقال كرحوت «إن حجم الدمار الذي ألحقه تنظيم داعش الإرهابي بالبنى التحتية والمؤسسات الرسمية ومنازل المدنيين في المحافظة، ومن ثم العمليات العسكرية التي جرت لتطهير المحافظة من براثن هذا التنظيم الإرهابي خلفت أضرارًا تقدر بـ47 مليار دولار لحد الآن».
وأضاف كرحوت «لدينا نية جادة وصادقة من أجل العمل سويا على إعادة إعمار المحافظة عقب تحريرها وإعادة النازحين إلى منازلهم».
وكان المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي برت ميكاجيرك، قد أعلن أن العراق سيحصل على قرض بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لإعمار المناطق المحررة، مبينا أن 10 ملايين دولار منها ستخصص لإعمار مدن الأنبار.
ميدانيًا، أكد وزير الدفاع، خالد العبيدي، أن بشرى تحرير الرمادي ستعلن «خلال أيام»، وأن «النصر الكبير» فيها سيتوج بعودة النازحين إلى ديارهم، وفي حين بيّن أن الموصل ستشهد «المعركة الفصل»، جدد اعتبار «الخرق» التركي انتهاكًا لسيادة العراق ومبادئ القانون الدولي العام ولقواعد حسن الجوار، واعتبار أن حل «المشكل» ينحصر بسحب القوات التركية بنحو «كامل وفوري».
وقال العبيدي أثناء زيارة ميدانية إلى قاطع عمليات الأنبار وحول مدينة الرمادي، برفقة معاوني رئيس أركان الجيش للعمليات والميرة ومجموعة من كبار ضباط وزارة الدفاع والمسؤولين فيها إن «الجيش العراقي تجاوز المرحلة الصعبة وعاد اليوم مؤتزرًا بهمة شعبه ليقود معارك تعرضية واسعة ستفضي في النهاية إلى هزيمة الدواعش واندحارهم من أرض الوطن»، مشيرًا إلى أن «الموصل ستشهد المعركة الفصل ضد قوى الإرهاب والعدوان»، من دون تحديد الموعد.
وأضاف العبيدي «أن بشرى إعلان تحرير مدينة الرمادي ستعلن خلال أيام، وأن ما يجري الآن هو عمليات تطهير وتمشيط داخل المدينة بعد أن انهزم مسلحو التنظيم الإرهابي تاركين جثث قتلاهم وأسلحتهم على أرض المعركة».
وأشار العبيدي إلى أن «الانتصارات المتحققة في الرمادي جاءت بفعل التنسيق والجهود بين كل القوات ووحدة القيادة والسيطرة في إدارة العمليات، فضلاً عن عودة روح القتال لدى قطعات جيشنا، التي قادت معركة نموذجية أسهمت فيها جميع صنوف الجيش وأسلحته».
وأكد العبيدي، أن «النصر الكبير سيتوج بعودة النازحين إلى ديارهم بعد أن عاث بها الدواعش خرابًا»، مطالبًا الأجهزة الخدمية بضرورة «تقديم كافة الخدمات لأهل الأنبار بما يمكنهم من العودة السريعة لديارهم».
وشدد العبيدي بالقول إن «سيادة العراق خط أحمر، وأن معركة العراق هي معركة السيادة»، عادًا أن «الخرق التركي يشكل انتهاكًا لسيادة العراق ومبادئ القانون الدولي العام ولقواعد حسن الجوار، وأن حل المشكل ينحصر في سحب القوات التركية التي دخلت العراق من دون علم الحكومة أو التنسيق معها وبشكل كامل وفوري».
من جهة أخرى قال مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار إن «طيران الجيش استهدف سيارة تابعة لأحد قادة التنظيم يدعى دريد إبراهيم في منطقة البو ذياب شمالي الرمادي ما أسفر عن مقتله على الفور وإصابة اثنين من مرافقيه بجروح».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «أن الطيران الحربي للتحالف الدولي وبالتنسيق مع قيادة الفرقة السابعة بالجيش تمكن من قصف معمل تفخيخ تابع لتنظيم داعش في مدينة هيت غرب الرمادي، ما أسفر عن تدميره بالكامل وأسفر القصف عن مقتل 11 عنصرًا من تنظيم داعش».
إلى ذلك كشف قائد شرطة محافظة الأنبار، اللواء هادي رزيج، أن ما يقرب من 8 آلاف شخص من أهالي محافظة الأنبار متورطون بالانتماء والتعاون مع تنظيم داعش الإرهابي.
وقال رزيح إن «لدينا معلومات استخبارية تؤكد انتماء 8 آلاف شخص من أهالي مدن الأنبار مع تنظيم داعش، وإن نحو 2500 منهم صدرت بحقهم مذكرات قبض».
وأضاف رزيج «أن تنظيم داعش الإرهابي أصبح غير قادر على صد تقدم القوات البرية من الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر وتحركاتهم باتت مكشوفة لصقور الجو العراقية (في إشارة إلى الطيران الحربي) التي دمرت معاقلهم ونقاط تمركزهم في الرمادي».
ولفت رزيج إلى أن «الأيام القليلة القادمة ستشهد اقتحام مدينة الرمادي وتحريرها من داعش مع ضمان سلامة المدنيين الأبرياء في مواقع المواجهات والمعارك العنيفة».
اختطاف النساء يحرج القوات العراقية لتحرير الأنبار من «داعش»
الوزير العبيدي يبشر بـ«النصر الكبير».. وثقة السكان على المحك
اختطاف النساء يحرج القوات العراقية لتحرير الأنبار من «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة