توافقت «جبهة النصرة» وروسيا على انتقاد مؤتمر الرياض الذي جمع للمرة الأولى منذ بدء الأزمة السورية مكونات من المعارضة السياسية والعسكرية، إذ وصفته الجبهة بـ«المؤامرة» بينما قالت موسكو إنه لا يمثل كامل المعارضة.
وفي حين لم يكن موقف موسكو مستغربا، فإن موقف أمير «النصرة» قد يؤدي إلى مواجهات عسكرية على الأرض بين مقاتليه من جهة وفصائل المعارضة التي وقّعت في معظمها على مقررات مؤتمر الرياض من جهة أخرى، لكن المستجدات الميدانية تبقى رهن تطبيق الاتفاق على الأرض. وهو ما أشار إليه مصدر في «الجبهة الشامية»، معتبرا أن الصورة ستتوضّح أكثر ميدانيا عندما ينتقل اتفاق الرياض إلى مرحلة التطبيق، وما أكد عليه رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن المتقاعد هشام جابر، بالقول: «قد تحصل مواجهات بين النصرة والفصائل الموقعة على اتفاق الرياض، لكن من المبكر القول إن الخلافات ستحصل على الأرض»، مشيرا في الوقت عينه إلى «احتمال العودة للحديث عن انفصال النصرة عن تنظيم القاعدة».
وفيما أشار المصدر في الجبهة الشامية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الفصائل جميعها ملتزمة بتحقيق أهداف الثورة وهي لن تعتدي على أي طرف إذا لم يعتد عليها، أكد المستشار القانوني في الجيش الحر، أسامة أبو زيد، أن كل الفصائل متوافقة على مقررات الرياض وتدعمها كما تبذل جهودا لإنجاحها. ووصف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ما أعلنه أبو محمد الجولاني، بـ«الاستعراض البعيد عن المنطق والواقع». وقال: «أكبر دليل على ذلك أنه في وقت رفض هدنة الغوطة الشرقية معلنا أنه سيفشلها، ها هو النظام قام أمس واستهدفها بقصف غير مسبوق بينما تقدم النظام في جبهة المرج حيث كانت السيطرة للنصرة».
من جهته، لم يستبعد جابر أن يكون الهدف من تصريح الجولاني هو تحسين الشروط، معتبرا أنه «عندما تبدأ المفاوضات فعليا على الطاولة وتنتقل فيما بعد لمرحلة الترجمة الميدانية، قد نرى مواجهات بين النصرة والفصائل، لكن ذلك سيكون مرتبطا أيضا بالقرارات الدولية المتعلقة بطبيعة العلاقة مع الجبهة الموضوعة اليوم على لائحة الإرهاب».
وربط جابر بين موقف «أحرار الشام» التي شاركت ووقعت بتحفظ على «اتفاق الرياض» وموقف «الجولاني»، موضحا: «أحرار الشام المعروفة أيضا بمعتقداتها المتطرفة وطالب البعض بوضعها على لائحة الإرهاب، تخطّت هذا الأمر وشاركت في مؤتمر الرياض، ليبقى الامتحان الأهم لها عند بدء تنفيذ الاتفاق، وهو الأمر الذي قد لا يكون بعيدا عن جبهة النصرة، وذلك من خلال إيجاد مخرج لفصل ارتباطها بتنظيم القاعدة. وذكّر جابر بما سبق أن أعلن قبل نحو ثمانية أشهر لجهة توجّه النصرة للانفصال عن «القاعدة»، واصفا إياه بـ«الأمر الصعب.. إنما غير مستحيل». مع العلم، أنّ معلومات كانت قد أشارت في شهر مارس (آذار) إلى أن قادة الجبهة في سوريا يدرسون قطع ارتباطهم بتنظيم القاعدة لتكوين كيان جديد. ورأى أبو زيد أنه ليس بإمكان النصرة الدخول في مواجهة مع كل مكونات الفصائل مجتمعة في نفس الوقت، مضيفا «نراعي فقط العنصر السوري، أي المقاتلين السوريين المقاتلين معها، وسبق لنا أن وجهنا دعوات للالتحاق بالمشروع السوري والابتعاد عن مشروع (القاعدة)».
وأشار إلى أن هناك بعض التنسيق بين الجبهة وجيش الفتح عبر غرفة عمليات مشتركة كانت قد بدأت في ريف إدلب وموجودة الآن في ريف حلب الجنوبي وحماه، وهو الأمر الذي سيخضع في المرحلة اللاحقة لطبيعة المستجدات والأحداث السياسية والعسكرية». ووفقا لأبو زيد، تملك جبهة النصرة الحضور الأكبر في ريف إدلب، إضافة إلى وجود لـ«أحرار الشام» و«فيلق الشام» وفصائل من الحر، بينما لا يزيد عدد مقاتليها في الغوطة الشرقية، عن المئات، مقابل القوة الكبيرة لـ«جيش الإسلام». كما أن لها وجودا محدودا في ريف دمشق الغربي حيث الحضور الأكبر لـ«أحرار الشام» و«أجناد الشام» وفصائل من «الجيش الحر» و«الجبهة الجنوبية»، والأمر نفسه في درعا حيث حضورها محدود وحيث الثقل الأكبر لـ«الجبهة الجنوبية» إضافة إلى «أحرار الشام» و«جيش الإسلام».
وكانت الرياض استضافت الأسبوع الماضي اجتماعا، ضم للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في سوريا مكونات سياسية معارضة وأخرى مسلحة، أبدى في ختامه المشاركون استعدادهم للدخول في مفاوضات مع النظام السوري.
وجاء اجتماع الرياض بعد اتفاق الدول الكبرى المعنية بالملف السوري في نوفمبر (تشرين الثاني) في فيينا على خطوات لإنهاء النزاع، تشمل تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول بداية يناير (كانون الثاني) المقبل.
رفض «النصرة» لـ«اتفاق الرياض» يدخلها في مواجهات مع فصائل المعارضة
خبير: ربما تهدف مواقف الجولاني إلى تحسين الشروط.. وانفصاله عن «القاعدة» ليس مستحيلاً
رفض «النصرة» لـ«اتفاق الرياض» يدخلها في مواجهات مع فصائل المعارضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة