اتهام عسكريين بجنوب السودان بتجنيد الأطفال في الحرب

تأجيل مؤتمر استثنائي للحزب الحاكم في جوبا بشكل مفاجئ

اتهام عسكريين بجنوب السودان  بتجنيد الأطفال في الحرب
TT

اتهام عسكريين بجنوب السودان بتجنيد الأطفال في الحرب

اتهام عسكريين بجنوب السودان  بتجنيد الأطفال في الحرب

قالت منظمة (هيومان رايتس ووتش) إن مسؤولين من القادة العسكريين في جنوب السودان تورطوا في تجنيد الأطفال خلال الحرب الأهلية الدائرة في البلاد رغم توقيع اتفاق السلام ووقف إطلاق النار بين الحكومة، برئاسة سلفا كير ميارديت، والمعارضة المسلحة بزعامة رياك مشار، حيث تواجه الاتفاقية خروقات من الطرفين، في وقت أعلن فيه حزب الحركة الشعبية الحاكم عن تأجيل مفاجئ لمؤتمره الاستثنائي الذي كان ينوي عقده أمس، وحدد الأسبوع الأول من الشهر القادم موعدًا جديدًا لانعقاده، وسط خلافات بين قادة الحزب مجددًا، وتخوفات من أن تعيد تلك الخلافات الحرب مجددًا.
وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها، الذي صدر أمس بعنوان «نحن يمكن أن نموت أيضًا: تجنيد واستخدام الأطفال في جنوب السودان»، إن 15 من القادة العسكريين المتحاربين يقفون وراء تجنيد الأطفال لكل من الجيش الشعبي (جيش الشعب لتحرير السودان)، وقوات الحركة الشعبية في المعارضة (حركة تحرير شعب السودان)، ومن القادة ماثيو بولجانق من الطرف الجيش الحكومي، وضمت القائمة جونسون أولونج، وجيمس كوانق شول، بيتر قاديت، وماكال كول.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن التقرير يستند إلى مقابلات مع 101 من الجنود الأطفال، الذين انضموا إلى القتال، سواء كانوا مجبرين على ذلك أم أرادوا حماية أنفسهم ومجتمعاتهم، وقالت: إن هؤلاء الأطفال عاشوا عدة أشهر من دون غذاء كاف، وألقي بهم في معارك مرعبة أصيبوا خلالها، ورأوا أصدقاءهم يسقطون قتلى في المعارك، وبحسب المنظمة فإن هؤلاء الأطفال أعربوا عن بالغ أسفهم لإضاعة وقتهم في المعارك بدل قضائه داخل المدارس.
وقال مدير قسم أفريقيا في المنظمة دانيال بيكيل «لقد عمد القادة إلى تجنيد الأطفال بوحشية، واستخدامهم في القتال في تجاهل تام لسلامتهم وللقانون في جنوب السودان»، داعيًا السلطات في جوبا إلى وقف عمليات التجنيد واسعة النطاق، واستخدام الأطفال في هذا الصراع.
وكانت وكالة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) قد قدرت في تقارير سابقة ما بين 15 إلى 16 ألف طفل، ربما استخدمتهم القوات والجماعات المسلحة في الصراع، فيما تقول (هيومان رايتس ووتش) إن حكومة جنوب السودان حققت تقدمًا في إنهاء استخدام الجنود الأطفال منذ بدء النزاع المسلح مع المعارضة.
من جهة أخرى، ألغى رئيس جنوب السودان، رئيس حزب الحركة الشعبية الحاكم، مؤتمرًا استثنائيًا للحزب كان يفترض عقده أمس
في جوبا بشكل مفاجئ، وقرر عقده في السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل، وقال المتحدث الرئاسي اتيني ويك اتيني إن الاجتماع تم تأجيله لأسباب فنية تتعلق بالأجندة والوثائق التي يفترض أن تقدم في المؤتمر، ومن ضمنها مناقشة دستور الحزب، لكن مصادر أخرى تحدثت لـ«الشرق الأوسط» قالت: إن هناك خلافات حادة حول الأجندة، وحضور أعضاء في المكتب السياسي من مجموعة المعتقلين السابقين، الذين يفترض أن يحضروا الاجتماع ضمن اتفاق أروشا (تنزانيا).
ولم يتم التأكيد حول مشاركة فصيل المعارضة المسلحة، بزعامة نائب الرئيس السابق رياك مشار في هذا المؤتمر، لا سيما أن وفد مقدمته لم يصل جوبا بعد لخلافات حول حجم الوفد، حيث تعترض حكومة سلفا كير على عدد أفراد الوفد 560 عضوًا، وتصر الحكومة أن يقتصر على 30 فردا.
وكان يفترض أن يتم تشكيل الحكومة الانتقالية خلال هذا الشهر، ولكن تواجه اتفاقية السلام عثرات كبيرة قد تؤدي إلى انهيارها، وفقا لتخوفات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.