بوتين: العملية العسكرية في سوريا لحماية مصالح روسيا

وزير الدفاع الروسي قال إن 70 % من أراضي سوريا تحت سيطرة «داعش»

بوتين: العملية العسكرية في سوريا لحماية مصالح روسيا
TT

بوتين: العملية العسكرية في سوريا لحماية مصالح روسيا

بوتين: العملية العسكرية في سوريا لحماية مصالح روسيا

في اجتماعه السنوي الموسع وبمشاركة أعضاء مجلس الأمن القومي وقيادات البرلمان بمجلسيه، طرح الرئيس فلاديمير بوتين أهم الأنشطة والمهام للمناطق العسكرية ووحدات وتشكيلات القوات المسلحة إلى جانب تحديد المهام الأساسية للبنية العسكرية والاتجاهات الرئيسية للأنشطة العسكرية لوزارة الدفاع في العام المقبل.
وقال بوتين في ذلك الاجتماع، الذي عقده في المركز الوطني لإدارة الدفاع في موسكو، وحضره أيضا قادة المناطق العسكرية ووحدات وتشكيلات القوات المسلحة الروسية، إن «السبب الرئيسي للعملية العسكرية الروسية في سوريا يتعلق بما ظهر من أخطار وتهديدات مباشرة يشكلها تنظيم داعش ضد روسيا، وليس إلى اعتبارات أخرى».
ورغم أن الرئيس بوتين سبق وأشار إلى أن العملية العسكرية الراهنة تعتبر فرصة سانحة لاختبار الأسلحة الجديدة، ومنها صواريخ «كاليبر» البعيدة المدى، التي كانت أطلقتها أربع من السفن الحربية الروسية في جنوب غربي بحر قزوين، وكذلك الغواصة «روستوف على الدون» من موقعها في شرق البحر المتوسط المرتبطة بالمصالح الجيوسياسية أو الرغبة في اختبار أسلحة جديدة، فإنه عاد ليقول إن «تنظيم داعش الإرهابي يشكل خطرا مباشرا على أمن روسيا، وإن عملياتنا في سوريا لا تمليها أي مصالح جيوسياسية غامضة ومجردة، أو الرغبة في إجراء تدريبات وتجارب على منظومات أسلحة حديثة، رغم أهمية هذه الاعتبارات، بل إن الشيء الأهم في كل ذلك هو درء الخطر الذي يهدد روسيا بالذات».
وفي هذا الصدد أعرب الرئيس الروسي عن تقديره لما حققه العسكريون الروس أثناء محاربتهم للإرهاب في سوريا، قائلا إن «استخدام القوات الجوية والبحرية لأحدث أسلحة دقيقة التصويب كفل تكبيد الإرهابيين أفدح الأضرار التي لحقت ببنيتهم التحتية؛ مما أدى إلى تغيير الوضع في سوريا تغييرا نوعيا». ولأول مرة أيضا كشف بوتين «عن مشاركة ما يزيد عن خمسة آلاف شخص من (الجيش السوري الحر) في المعارك التي تخوضها القوات الحكومية السورية ضد مواقع الإرهابيين في محافظات حمص وحماة وحلب والرقة. ونحن ندعمهم من الجو، كما ندعم الجيش السوري ونقدم لهم المساعدة في السلاح والذخائر».
إلا أن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين قال أمس الجمعة، إن روسيا تقدم أسلحة «للسلطات الشرعية» في سوريا، في إشارة إلى تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إمدادات أسلحة للجيش السوري الحر.
وقال بيسكوف للصحافيين: «تقدم روسيا أسلحة للسلطات الشرعية في الجمهورية العربية السورية».
وبينما أكد على ضرورة التصدي لأية قوى تهدد العسكريين الروس في سوريا، حذر الرئيس الروسي كل من يفكر في التحرش بالقوات الروسية واستفزازها، مشيرا إلى أن بلاده «اتخذت ما يلزم من إجراءات إضافية لحماية العسكريين الروس والقاعدة الجوية في سوريا، التي تم تعزيزها بأسراب جديدة من الطائرات ووسائل الدفاع الجوي».
وفي إشارة إلى حادث إسقاط القاذفة «سو - 24» في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي قال إنها أصيبت بطعنة في الظهر من جانب قوات المقاتلات التركية، كشف بوتين عن أن القاذفات الروسية التي تقوم بقصف مواقع التنظيمات الإرهابية ترافقها المقاتلات. كما عاد الرئيس الروسي ليشدد مجددا على ضرورة «تدمير فوري لأي هدف يهدد القوات الروسية أو بنيتنا الأساسية الأرضية»، إلى جانب دعوته إلى «تطوير التعاون مع الدول التي ترى لها مصلحة في دحر الإرهابيين».
ومن جانبه، كشف سيرغي شويغو وزير الدفاع الروسي عن أن 70 في المائة من أراضي سوريا تحت سيطرة «داعش»، بينما أعلن عن أن مجموعة القوات الجوية الروسية العاملة في سوريا نفذت منذ بدء عملياتها هناك نحو 4 آلاف طلعة ودمرت 8 آلاف هدف تابع لـ«داعش».
أما مجموعة القوات الجوية الروسية العاملة في سوريا، فقد نفذت منذ بدء عملياتها هناك في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، نحو 4 آلاف طلعة ودمرت 8 آلاف من الأهداف التابعة لـ«داعش». وأضاف أن القوات المسلحة الروسية نقلت جوا وبحرا ما مجموعه 214 ألف طن من مختلف الشحنات الضرورية لتأمين عمليات مجموعتها في سوريا. كما أشار إلى الدور الكبير الذي لعبته الطائرات الروسية بدون طيار عند إجراء العمليات الحربية في سوريا، بينما كشف عن أن القوات المسلحة الروسية تملك 1720 طائرة من هذا النوع حاليا.
وقالت المصادر العسكرية الروسية في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «تاس»، إن «وزارة الدفاع الروسية استخدمت أيضا خلال العمليات في سوريا القاذفات الاستراتيجية من طرازي (تو - 160) و(تو - 95 إم أس). وشاركت فيها أيضا بعض السفن من الأسطول الروسي في بحر قزوين التي أطلقت صواريخ مجنحة من حوض هذا المسطح المائي على مواقع تابعة لـ(داعش) في سوريا. كما تم إطلاق صواريخ بالستية من طراز (كاليبر) عليها من غواصة روسية موجودة بحوض البحر الأبيض المتوسط».
وكانت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم الخارجية الروسية كشفت عن قلق بلادها من تنامي نشاط «داعش» في أفغانستان، وقالت إن موسكو سبق وحذرت من أن التركيز على منطقة الشرق الأوسط يسمح بتنامي نشاط الإرهابيين في أفغانستان. ونقلت وكالة «تاس» عن زاخاروفا دعوتها إلى «جدية التعامل مع احتمالات تدفق الإرهابيين من أفغانستان إلى منطقة آسيا الوسطى وإلى اتخاذ إجراءات دولية جديدة لمكافحة الإرهاب على خلفية تفاقم الوضع في أفغانستان، خاصة في إطار منظمة شنغهاي للتعاون التي تمثل كل دول المنطقة تقريبا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.