لاجئ سوري تحول بين ليلة وضحاها من بائع أقلام إلى رجل أعمال

عبد الحليم العطار: أحزن عندما أنظر إلى الصورة سبب ثروتي ولذلك عمدت إلى إزالتها عن هاتفي الجوال

محلات العطار التي توجت صاحبها رجل أعمال بامتياز، عبد الحليم العطار يحزن عند مشاهدته هذه الصورة
محلات العطار التي توجت صاحبها رجل أعمال بامتياز، عبد الحليم العطار يحزن عند مشاهدته هذه الصورة
TT

لاجئ سوري تحول بين ليلة وضحاها من بائع أقلام إلى رجل أعمال

محلات العطار التي توجت صاحبها رجل أعمال بامتياز، عبد الحليم العطار يحزن عند مشاهدته هذه الصورة
محلات العطار التي توجت صاحبها رجل أعمال بامتياز، عبد الحليم العطار يحزن عند مشاهدته هذه الصورة

«ما زلت حتى الآن لا أستوعب الذي حصل معي، وكأنني أعيش حلما لا أريد أن أستفيق منه». بهذه الكلمات عبّر اللاجئ السوري الفلسطيني الأصل عبد الحليم العطّار، عن سعادته بتحولّه من بائع أقلام إلى رجل أعمال يملك مطعما ومخبزا.
فهذا البائع المتجوّل وبسبب صورة فوتوغرافية التقطت له من قبل أحد الناشطين ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أثناء ممارسته مهنته اليومية وهي بيع الأقلام في شارع الحمراء في بيروت، حاملا ابنته على ذراعيه، حالفه الحظ ليصبح شاغل العالم بين ليلة وضحاها، بفضل مواطن نرويجي، هو غيسور سيمونارسون الذي شاهد الصورة فقرر وضعها على صفحتي «تويتر» و«فيسبوك»، تحت عنوان: «اشتروا الأقلام لمساعدة هذا اللاجئ السوري».
وفي حملة على الموقع الإلكتروني (انديغيغو)، استمرت في البداية لـ15 يوما متتالية، تمّ جمع مبلغ 15 ألف دولار، ولتصل حتى الشهر الفائت إلى مبلغ 180 ألف دولار.
ويقول عبد الحليم العطار الذي تواصل مع الناشط الاجتماعي النرويجي عبر اتصال أجراه معه بواسطة «السكايب»: «كل مساء وقبل أن أركن إلى النوم أدعو لهذا الشخص بالتوفيق، فقد أحدث في حياتي تغييرا جذريا لن أنسى فضله ما حييت».
ولكن هل كان عبد الحليم العطّار يعلم بالتقاط هذه الصورة له؟ وهل حمل ابنته الصغيرة لاستعطاف الناس وحثّهم على شراء الأقلام منه؟ يردّ بحماس: «أولا لم أكن أدري بهذه الصورة بتاتا، فقد لحق بي أحدهم في شهر أغسطس (آب) الماضي وأنا أمارس عملي اليومي، فاستوقفته وسألته لماذا يلحق بي طوال الوقت، فأجابني بأنني شاغل الدنيا والعالم، من خلال صورة فوتوغرافية منشورة لي على مواقع التواصل الاجتماعي. وفتح هاتفه المحمول وأراني إياها فتفاجأت». وقال لي: «مبروك لقد أصبحت اليوم رجلا ثريا بعد أن تمّ جمع التبرّعات لك من أوروبا وأميركا والسعودية بفضل هذه الصورة».
وهذا الشاب الذي نزل شوارع بيروت باحثا عن بائع الأقلام، ينتسب لفريق «ملهم» التطوعي الإنساني الذي يتابع احتياجات اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان عن قرب. هذه الجمعية أخذت على عاتقها إيجاده وإيصال المبلغ المالي له.
ويتابع عبد الحليم قصّته مع الثراء المفاجئ ليقول: «لقد اكتشفت أنه تم جمع مبلغ يوازي 180 ألف دولار، وأنه سيتم تسليمه لي فور إتمام الإجراءات المطلوبة». وأكمل: «بالطبع لم أحمل ابنتي ريم لأستعطف الناس، كلّ ما في الأمر أنني لم أكن أملك مكانا أتركها فيه. فأنا ووالدتها انفصلنا منذ عدة سنوات، فأين أتركها إلى حين انتهائي من عملي؟ هذا الواقع اضطرني إلى أن أحملها على ذراعي طيلة وقت العمل». ثم يتابع ليقول: «أحزن عندما أشاهد هذه الصورة اليوم عندما كنت أمارس بيع الأقلام وابنتي على كتفي، ولذلك عمدت إلى إزالتها عن هاتفي الجوال، فأنا لا أريد أن أرى هذا المشهد وتظهر فيه ابنتي نائمة فهو يحطّم قلبي».
لدى اللاجئ السوري الذي وصل لبنان منذ نحو الأربع سنوات هاربا من الحرب في بلده سوريا ولد آخر (عبد الإله)، وعمره تسع سنوات. لم يكن يرافقه أثناء دوام عمله الذي كان يبدأ في الثانية بعد الظهر لينتهي في السابعة مساء. فهو وكما ذكر لنا أكبر من ريم ويستطيع تركه لوحده. «اليوم يعيش ولدي في أجواء طبيعية وفي بيت محترم، أصبحا يذهبان إلى المدرسة ويتمتعان بالحياة كغيرهما من الأولاد».
قبل أن يحظى عبد الحليم بهذه الحملة غير المتوقّعة بالنسبة له، كان يعيش في غرفة متواضعة في منطقة الجناح، يبلغ إيجارها 300 دولار في الشهر. «هي غرفة أقل من متواضعة ولكنها كانت السقف الوحيد الذي في استطاعتي تأمينه لأولادي في ظلّ الميزانية التي كنت أملكها يومها».
كان يبيع أقلام الحبر الجاف فتعود إليه بمبلغ مقبول يساوي نحو الـ20 دولارا في اليوم الواحد وأحيانا أكثر. «لقد كان زبائني من تلامذة المدارس وطلاب الجامعات، فيشترون كل ثلاثة أقلام بسعر 1000 ليرة. ولمست من أهل لبنان التشجيع، فكانوا يشترون هذه الأقلام ولو أنهم ليسوا بحاجة إليها». يقول عبد الحليم ويتابع قائلا: «في سوريا كنت أعمل في مصنع للشوكولا، وعندما أتيت بيروت لم أجد أمامي سوى هذا العمل لأمارسه، كونه يسمح لي باصطحاب ابنتي الصغيرة معي دون أن ألقى الملامة من صاحب العمل».
اليوم يعيش عبد الحليم العطّار في منزل يتألّف من ثلاث غرف في منطقة الجناح أيضا. «هو منزل جميل وأنا سعيد كوني انتقلت من الغرفة السيئة الأوضاع التي سكنتها لأربع سنوات ماضية. اشتريت جهاز تلفزيون وحاسوبا آليا لأولادي، وزوّدت المنزل بغسالة أوتوماتيكية بعدما كنت أغسل الثياب على يديّ». يصمت لبرهة وهو يروي لنا تفاصيل حياته الحالية ويقول: «لا أصدق أنني صرت ميسورا اليوم، وصار لدي ثلاثة محلات: مخبز ومطعم شاورما وجلسة للزبائن بقربه في منطقة الطريق الجديدة (غرب بيروت). الجميع يلقي علي التحية باحترام، بعدما كان بعضهم في الماضي يتنكرون لي... فالمال يجعل صاحبه شخصا محترما من قبل الناس، مع أن الصحة وسلامة ولدي هما الأهم بنظري».
لم يعد يقف اليوم عبد الحليم العطار في شارع كليمنصو أو قرب بناية السارولا في شارع الحمرا ليبيع الأقلام. إذ صار رجل أعمال ولديه 14 موظفا جميعهم من اللاجئين السوريين. «أول ما قمت به إثر تسلمي المبلغ الأول من هذه الحملة وقدره 70 ألف دولار، توزيع 20 ألف دولار منه لبعض اللاجئين السوريين ولأهلي في سوريا. فعندما يرزقك ربّ العالمين، عليك أن تفكّر بمساعدة غيرك من المحتاجين. وهذا ما سأقوم به أيضا عند تسلم القسم الثاني من المبلغ الموعود به قريبا وقدره 85000 دولار، حينها سأوزع 35 ألف دولار منها للمحتاجين وسأتصرف في الباقي لأؤمن على حياة أولادي».
ويفاخر عبد الحليم بشخصيته التي بقيت كما هي رغم حصوله على كل هذا المال. ويقول في سياق حديثه لنا: «ما زلت كما أنا لم أتغير. أحب الناس وأساعد المحتاج، لم تغرّني الأموال ولم تحوّلني إلى رجل قاس. أعامل الموظفين لدي وكأنهم إخوة لي، فالمال وسيلة تسهّل العيش ليس أكثر». هكذا يصف عبد الحليم العطّار حياته اليوم، أما حلمه الأكبر فهو العودة إلى أرضه سوريا وأن يعمّها السلام.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.