في وقت لا تزال الشوارع في العاصمة البلجيكية تشهد وجودًا أمنيًا مكثفًا تحسبا لأي مخاطر إرهابية، تعود الأنشطة الترفيهية والتجمعات إلى بروكسل من خلال انطلاق فعاليات مهرجان أفلام السينما الأورومتوسطية.
وبحسب ما أعلنت اللجنة المشرفة على تنظيم المهرجان، فإنه في هذه الأوقات العصيبة إلى حد ما، جاء مهرجان السينما الأورومتوسطية في بروكسل خلال الفترة من 4 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت عنوان «نافذة على العالم». واختير موضوع الهجرة ليشكل موضوعًا أساسيًا في فعاليات المهرجان، سواء من خلال الأفلام المعروضة، أو المعارض الفنية التي تعرض رسومات للمهاجرين على سواحل دول المغرب العربي تحت عنوان «مهاجرون على حدود أوروبا». وتأتي فعاليات المهرجان في وقت تتزايد فيه مخاوف الأوروبيين من تداعيات أزمة الهجرة واللجوء، التي تشهدها القارة العجوز حاليًا.
ويعرض المهرجان 70 فيلما ما بين الوثائقي والروائي الطويل والأفلام القصيرة. ومن خلال هذه الأفلام، يمكن اكتشاف التنوع في سينما المتوسط من خلال عروضها حول الظروف التي تواجهها دول المتوسط. ومن المقرر أن ستتنافس الأفلام العربية من جنوب المتوسط، وخصوصًا من شمال أفريقيا مع الأفلام الأوروبية في المسابقة الرسمية، لحصد جوائز المهرجان في الأفلام الروائية والوثائقية.
ومن بين الأفلام الروائية المعروضة في المسابقة الرسمية، فيلم «أول ما فتحت عيني» للمخرجة التونسية ليلى بوزيد، الذي سبق أن شارك في مهرجانات عالمية، وحصد تكريمات منها جائزة مهرجان قرطاج. كما سيتم عرض فيلم «مدام كوراج» للجزائري مرزاق علوش، إلى جانب أفلام من كوسوفو، وألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا. أما في فئة الأفلام القصيرة، فهناك أفلام من تركيا واليونان وتونس وفرنسا. كما ستشهد دورة المهرجان خلال العام الحالي، وهي الدورة الـ15 تركيزا واهتماما بالسينما التركية.
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، قال رئيس المهرجان فيليب بروك إنه «رغم الأحداث والمخاوف التي عشناها الفترة الأخيرة، فإن المهرجان يحمل رسالة ترسخ التعايش السلمي على الرغم من الاختلافات الثقافية». وأضاف بروك مستطردا: «اخترنا موضوع الهجرة الذي اهتمت به السينما على ضفتي المتوسط خلال الفترة الأخيرة في أعقاب تزايد أعداد المهاجرين بسبب النزاع الدائر في سوريا».
وكان موضوع الهجرة موجودًا أيضًا في معرض للصور تحت عنوان «مهاجرون على حدود أوروبا»، إذ جرى عرض رسومات للمهاجرين على سواحل المغرب العربي. واختير الفيلم الإيطالي «البحر المتوسط» الذي يتناول المعاناة والمخاطرة حتى الوصول إلى سواحل أوروبا ليكون فيلم افتتاح المهرجان. وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال إسماعيل السعيدي مخرج بلجيكي من أصول مغاربية إن «هذا المهرجان يمثل فرصة لعرض أفلام من العالم العربي حول القضايا المختلفة التي يعانون منها». وأضاف بقوله: «وتساهم في تغيير الصورة النمطية عما يحدث في الجانب الآخر من المتوسط وتعريف الجمهور الأوروبي بثقافة الطرف الآخر».
وأكد السعيدي على أنه لكونهم سينمائيين تكمن لديهم مسؤولية في ذلك، معتبر أن «الأفلام نافذة يستطيع الآخر أن يتعرف منها على ما يحدث في بلد أو منطقة ما».
ويشهد المهرجان عروضًا فنية وموسيقية إلى جانب معرض للكتب والمنتجات التقليدية من شمال أفريقيا ومأكولات ومشروبات عربية، وفي ظل إقبال جماهيري ملحوظ.
يُذكر أنه في دورة العام الماضي، حصل فيلم «وهران» للمخرج ليث سالم، وهو إنتاج فرنسي جزائري، على الجائزة الكبرى لمهرجان سينما الأورومتوسطي، كما حصل فيلم «شلاط تونس» للمخرجة كوثر بن هنيه مناصفة مع فيلم المخرج التركي حسين كاراباي وهو إنتاج تركي ألماني فرنسي مشترك تحت عنوان «تعالي إلى صوتي»، على جائزة لجنة التحكيم الخاصة. كما حصل الفيلم التركي على جائزة النقاد، وحصل الفيلم الإسباني كارمينا على إشادة خاصة من لجنة التحكيم. وذهبت جائزة السينما الأوروبية للفيلم الصربي «البرابرة» للمخرج إيفان ايكيش، أما الفيلم المغربي البلجيكي، «وداعًا كارمن»، للمخرج محمد أمين بنعمراوي فقد حصل على جائزة الجمهور.
وشهد المهرجان عرض 60 فيلمًا منها 11 فيلمًا في المسابقة الرسمية، والباقي في بانوراما المهرجان. وجاءت الأفلام من دول عربية وأوروبية من ضفتي المتوسط ومنها المغرب وتونس والجزائر ومصر وفلسطين وسلوفينيا وفرنسا وصربيا وبلجيكا واليونان والبوسنة وتركيا وإسرائيل وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.
بروكسل تتحدى «الإرهاب» بمهرجان يروي معاناة اللاجئين
أفلام وموسيقى لتعريف الأوروبيين بثقافة الطرف الآخر وسط تشديدات أمنية
بروكسل تتحدى «الإرهاب» بمهرجان يروي معاناة اللاجئين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة