البيت الأبيض: ترامب ليس أهلاً لرئاسة أميركا بسبب تصريحاته حول المسلمين

كاميرون اعتبر أن ما يقوله مثير للانقسام وخاطئ تماما

دونالد ترامب أبرز المرشحين الجمهوريين في السباق الرئاسي الأميركي يلقي خطابا انتخابيا في بلدة مونت بليستانت في كارولينا الجنوبية أمس (أ.ب)
دونالد ترامب أبرز المرشحين الجمهوريين في السباق الرئاسي الأميركي يلقي خطابا انتخابيا في بلدة مونت بليستانت في كارولينا الجنوبية أمس (أ.ب)
TT

البيت الأبيض: ترامب ليس أهلاً لرئاسة أميركا بسبب تصريحاته حول المسلمين

دونالد ترامب أبرز المرشحين الجمهوريين في السباق الرئاسي الأميركي يلقي خطابا انتخابيا في بلدة مونت بليستانت في كارولينا الجنوبية أمس (أ.ب)
دونالد ترامب أبرز المرشحين الجمهوريين في السباق الرئاسي الأميركي يلقي خطابا انتخابيا في بلدة مونت بليستانت في كارولينا الجنوبية أمس (أ.ب)

تحدى البيت الأبيض، أمس، الجمهوريين في نبذ المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح حزبهم للرئاسة، دونالد ترامب، قائلا إن اقتراحه فرض حظر على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة يجرده من أهلية أن يكون القائد العام للقوات المسلحة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، إن تصريحات ترامب لا تمنحه «أهلية شغل منصب الرئيس»، ووصفها بأنها «منحطة أخلاقيا».
وأثارت دعوة دونالد ترامب، ملياردير العقارات وأبرز المرشحين الجمهوريين في السباق الرئاسي الأميركي، إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، موجة تنديد واسعة في الولايات المتحدة وخارجها.
وأعلن ترامب في بيان نشر الاثنين أنه يريد إغلاق الحدود الأميركية أمام المسلمين «حتى نصبح قادرين على تحديد هذه المشكلة وفهمها». وأوضح بعد ساعات من ذلك وسط تهليل أنصاره في كارولاينا الجنوبية: «لدي أصدقاء مسلمون وهم أناس جيدون جدا، لكنهم يعرفون أن هناك مشكلة ولم يعد بإمكاننا التساهل إزاء ذلك». كما كرر دعوته أمس، مشددا على ضرورة «وقف كامل وكلي» لدخول المسلمين الولايات المتحدة. وفسر موقفه بأنه «لا يوجد عندنا أي خيار آخر. سيزيد الوضع سوءا، وسنشهد مزيدا من الهجمات المشابهة لتلك التي وقعت في سبتمبر (أيلول) عام 2001».
وبرر الملياردير ترامب موقفه بأن كثيرا من المسلمين يؤيدون الجهاد العنيف ضد الأميركيين أو يفضلون العيش وفق تعاليم الشريعة الإسلامية وليس الدستور الأميركي، مشيرا إلى استطلاع لمعهد هامشي يديره فرانك غافني الذي وصفه مركز «ساذرن بوفرتي لو» المناهض للعنصرية بأنه مؤسسة تناهض الإسلام. وجاءت تصريحاته المثيرة للجدل في أعقاب إطلاق زوجين مسلمين النار الأسبوع الماضي في حادثة قال مكتب التحقيقات الاتحادي إنها كان لها دوافع متطرفة. وشبه ترامب اقتراحه بتلك المقترحات التي نفذها الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت على أناس ينحدرون من أصول يابانية وألمانية وإيطالية أثناء الحرب العالمية الثانية.
وواجه ترامب انتقادات حادة حول تناقض مواقفه تجاه المسلمين، مشيرين إلى معاملاته التجارية مع رجال أعمال خليجيين، واستثماراته التي تقدّر بملايين الدولارات في دول عربية. ولفت تقرير لصحيفة «ديلي بيست» إلى تصريحاته حول أحد رجال الأعمال الخليجيين، ووصفه له بـ«الصديق الجيد» و«الرجل الجيد»، رغم أنه مسلم.
واستنكر مرشحون جمهوريون للانتخابات الرئاسية، وهيلاري كلينتون، المرشحة لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي، فضلا عن قادة منظمات إسلامية أميركية، تصريحات ترامب التي وُصفت بـ«العنصرية».
وقال إبراهيم هوبر، المتحدث باسم مجلس العلاقات الإسلامية الأميركي (كير)، أكبر مؤسسات الضغط المسلمة في الولايات المتحدة، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما قاله ترامب ليس إلا أقبح أنواع الكراهية. ليست الولايات المتحدة مكانا لهذا النوع من التصريحات.. هذه تصريحات تناقض كل ما تأسست عليه الولايات المتحدة». وأشاد هوبر بخطاب الرئيس باراك أوباما يوم الأحد، الذي دعا فيه إلى عدم التمييز ضد المسلمين، وعدم استغلال الهجمات الإرهابية في باريس وفي كاليفورنيا وغيرهما كسبب لما اعتبره «يعارض كل القيم الأميركية». وقال هوبر إن «كير» ومنظمات إسلامية أميركية أخرى كانت أرسلت خطابات إلى البيت الأبيض تدعو أوباما لمواجهة موجة «إسلاموفوبيا»، أو المعاداة للإسلام والمسلمين، التي اجتاحت الولايات المتحدة، خصوصا منذ هجمات 11 سبتمبر عام 2001، ثم زادت بعد هجمات باريس وكاليفورنيا الأخيرة.
من جهتهم، انتقد مرشحون جمهوريون للرئاسة تصريحات ترامب، بينما وصف جيب بوش، حاكم ولاية فلوريدا السابق، ترامب بأنه «مختل عقليا». أما ديك شيني، نائب الرئيس السابق جورج بوش الابن، فاعتبر دعوة ترامب «تناقض كل ما ندافع عنه، وكل ما نؤمن به». ورأى جون كاسيك، حاكم ولاية أوهايو، أن هذه التصريحات «مشينة، ومثيرة للتفرقة، وهي مثل بقية كل ما يتفوه به ترامب»، في حين حذّر ليندسي غراهام، السيناتور عضو الكونغرس من ولاية ساوث كارولاينا، من أن هذه الدعوة تحتوي على «خطر مؤكد».
من جانبه، انتقد البيت الأبيض تصريحات ترامب، وقال إنها «لا تعبر عن قيم الولايات المتحدة، ولا تعبر عن سياسات الولايات المتحدة». وأضاف جوش إرنست، الناطق باسم البيت الأبيض، أن ترامب «يسعى للاستفادة من الجوانب المظلمة في الوضع الحالي، ويسعى لاستغلال عواطف الناس لزيادة التأييد لحملته الانتخابية».
ولم تقتصر ردود الفعل على تصريحات ترامب المثيرة للجدل على السياسيين الأميركيين فحسب، بل اتخذت بعدا دوليا واسعا أمس. واستهجن المسلمون في باكستان وإندونيسيات اقتراح ترامب. ورفضت منظمتان دوليتان والأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة أيضًا تصريحات ترامب.
وقالت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه يرى أن اقتراح المرشح الجمهوري المحتمل في انتخابات الرئاسة الأميركية بفرض حظر على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة مثير للانقسام. وأضافت: «يرفض رئيس الوزراء رفضا تاما تصريحات دونالد ترامب، فهي مثيرة للانقسام، وغير مفيدة وخاطئة تماما».
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أن تصريحات ترامب «تنمي الكراهية». وقال في تغريدة: «إن السيد ترامب، مثل آخرين، ينمي الكراهية والخلط (بين الأمور): أن عدونا الوحيد هو (التطرف الإسلامي)». ويعد تدخل فالس في الجدل السياسي في بلد أجنبي أمرا نادر الحدوث، ويأتي في الوقت الذي قد يفوز فيه حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الأحد القادم بانتخابات المناطق في فرنسا.
أما ميليسا فليمينغ، المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فربطت بين تصريحات ترامب وأزمة اللاجئين السوريين، ورأت أن خطاب الحملة الانتخابية الأميركية يضر ببرنامج هام لإعادة توطين لاجئين سوريين ولاجئين آخرين في الولايات المتحدة بعد أن فروا من الحروب والاضطهاد. وقالت: «نحن قلقون من أن الخطاب المستخدم في الحملة الانتخابية يعرض للخطر برنامجا هاما جدا لإعادة التوطين يستهدف أناسا في وضع هش جدا، وهم ضحايا الحروب التي لا يستطيع العالم وقفها».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.