هل تحل الهند محل الصين في قيادة النمو الاقتصادي العالمي؟

اقتصادها يخالف المنعطف الهبوطي لمختلف دول العالم

هل تحل الهند محل الصين في قيادة النمو الاقتصادي العالمي؟
TT

هل تحل الهند محل الصين في قيادة النمو الاقتصادي العالمي؟

هل تحل الهند محل الصين في قيادة النمو الاقتصادي العالمي؟

في نهاية سنة صعبة للاقتصاد العالمي، وبخاصة الأسواق الناشئة، تبرز الهند باعتبارها قائدا للنمو في العالم النامي والمتقدم. فعلى عكس العديد من البلدان النامية والناشئة، ليست الهند رهينة لانحسار وتدفق الاقتصاد الصيني، باعتبارها مستوردا صافيا للسلع، والهند هي أحد المستفيدين من انخفاض أسعار المعادن والطاقة اليوم.
ويبدو أن الاقتصاد الهندي سيخالف المنعطف الهبوطي الذي أوشكت معظم الاقتصادات المتقدمة والناشئة على الوقوع به، مُتجها نحو قيادة النمو العالمي. فالصين، الاقتصاد الذي ظل يسجل معدلات نمو تفوق الـ10 في المائة على مدى سنوات، بدأت تُعاني من التباطؤ الاقتصادي.. والولايات المتحدة الأميركية، التي تُمثل نحو ربع الاقتصاد العالمي، تُجاهد الآن من أجل إنعاش اقتصادها، فيما تواصل دول أوروبا جهودها من أجل الحفاظ على عقدها دون أن تنفرط حباته وسط تعرض دولها لمزيد من أزمات المديونية.
وقال لورانس سامرز، الخبير الاقتصادي البارز والأستاذ في جامعة هارفارد، إن الهند لديها القدرة على النمو بنسبة 9 في المائة لمدة عشر سنوات و8 في المائة في السنوات اللاحقة إذا اتبعت الحكومة تدابير إصلاحية جريئة، مُضيفا: «أعتقد أن الهند يمكن أن تفعل الكثير لتعزيز التصنيع.. لكنني لا أعتقد أنه من المعقول أن نقول إن الهند يجب أن تتبع نموذج النمو في كوريا الجنوبية القائم على التصدير، فالهند لديها إمكانات مختلفة ويجب التركيز أكثر على قطاع الخدمات». وشدد سامرز أيضا على ضرورة اتخاذ الحكومة الهندية للقرارات بشكل أسرع مما هو معمول به في الهند.
وقال «سامرز»، يوم الجمعة الماضي، خلال جلسة في قمة «هندوستان تايمز» القيادية: «باستثناء الهند، يبدو أن الاقتصادات الناشئة الكبرى بدأت تفقد زخمها.. وأعتقد أن الهند إذا عظمت إمكاناتها فيمكنها أن تنمو بنسبة 9 في المائة لمدة عشر سنوات، و8 في المائة لمدة عشر سنوات بعد ذلك، و7.5 في المائة لمدة عشر سنوات بعد ذلك».
وجمعت القمة الـ13 لـ«هندوستان تايمز للقيادة» قادة الفكر من البلاد حول العالم لمناقشة إمكانية أن تكون الهند نقطة مضيئة في العالم خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون الهند أسرع الاقتصادات نموا في العالم على مدى السنوات الـ5 المقبلة، حيث نما الاقتصاد الهندي بنسبة 7.4 في المائة خلال يوليو (تموز) - سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، أكثر من معدل النمو في الصين، ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، البالغ 6.9 في المائة، وذلك في دلالة على أن المستثمرين بدأوا ينظرون إلى الهند كجزيرة للنمو العالمي المُرتقب.
وأكدت وكالة «فيتش» العالمية تصنيف الهند عند الدرجة الاستثمارية «BBB» مع نظرة مستقبلية مستقرة، قائلة إن توقعات النمو في الأجل المتوسط قوية، وأن الهياكل الاقتصادية مستقرة بما في ذلك البيئة التجارية والمالية. وقالت «فيتش» أيضا إن انخفاض عبء الدين الحكومي، وتحسين بيئة الأعمال من خلال الإصلاحات والنمو العالي والاستثمارات والسيطرة على التضخم، يُدعم التقييم الإيجابي لاقتصاد الهند.
وغالبا ما يشير التصنيف السيادي والنظرة المستقبلية للبلد إلى المعايير الأساسية من جانب المستثمرين الأجانب والهيئات العالمية لقياس مناخ الاستثمار فيه. وتوقعت «فيتش»، في تقرير صدر الاثنين الماضي، تسارع الناتج المحلي الإجمالي للهند إلى 7.5 في المائة في العام المالي الحالي، وكذلك إلى 8 في المائة في 2016 – 2017، بدعم من تعزيز الإنفاق الحكومي والنفقات الرأسمالية والتنفيذ التدريجي لبرنامج الإصلاح الهيكلي على نطاق واسع.
كذلك تتوقع أكاديمية «ديساي ميغناد» للاقتصاد، ومقرها لندن، أن حجم اقتصاد الهند سيتضاعف إلى 4 - 5 تريليونات دولار في فترة قصيرة جدا. ويبلغ حجم الاقتصاد الهندي في الوقت الحاضر نحو تريليوني دولار.
وقالت ديساي، في طرحها خلال المعرض العقاري الدولي (IREX)، المُقام في الولايات المتحدة الأميركية: «تخيل أن النمو المحقق في الهند، والبالغ حتى الآن نحو 7 في المائة، سيتضاعف كل 10 سنوات.. فإذا كان ينمو بنسبة 10 في المائة، بالتالي سيكون النمو بشكل أسرع. وذلك هو ما يقود الاقتصاد إلى تسجيل نحو 4 - 5 تريليونات دولار في وقت قصير جدا».
وأصبح واضحا أن الهنود يستثمرون المال ويشترون العقارات في جميع أنحاء العالم، كذلك يأتي إليها الأجانب من جميع أنحاء العالم للعمل بها وكذلك لامتلاك العقارات، الأمر الذي يُبرهن على أن العالم يفكر في الهند بإيجابية مع ثقة كبيرة. فحتى وقت قريب في عام 1991 عندما بدأ مانموهان سينغ (رئيس الوزراء السابق) سياسة التحرير الاقتصادي، كان الخطر الذي يسيطر على الحكومة هو تدفق الأجانب إلى الهند، أما الآن فأصبحت الحكومة تتخذ من التدابير الاستثمارية ما يجذب الأجنبي لتوظيف مدخراته في هذا الاقتصاد.
والهند واحد من بين بلدين فقط من البلدان الآسيوية، تُشاركها إندونيسيا، التي تبدو على استعداد كبير لرفع أسعار الفائدة الأميركية المُزمع القيام بها من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وذلك من خلال إعلان البنك المركزي الهندي استعداده لاستخدام احتياطياته الأجنبية للسيطرة على أي تقلبات في قيمة الروبية.
وقال راغورام راجان، محافظ البنك المركزي الهندي، مرارا وتكرارا، إن الخطر من تخلي بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع سعر الفائدة أكبر من خطر رفع أسعار الفائدة. وحذر راجان، بعد اجتماع مجلس السياسة النقدية في بداية ديسمبر الحالي، من أن فائض الأموال المتوقع نزوحه عن أميركا، في حالة بقاء أسعار الفائدة قريبة من الصفر، يسبب اضطرابا كبيرا في الأسواق المالية.
وفي مقابلة مع «مورنينغ بوست»، ومقرها هونغ كونغ، قال راجان «إن التباطؤ الصيني هو مصدر قلق للعالم كله، وهناك انخفاض في الطلب على بعض صادراتنا إلى الصين. لكن بشكل غير مباشر أيضا فإن العديد من الدول أصبحت لا تصدر للصين بقدر ما كانت تفعل في الماضي، مما جعلها تبحث عن مستورد آخر. وأضاف راجان: «لكن الهند، كونها مستورد السلع، فقد ساعد تباطؤ الطلب في الصين على جعل السلع فيها أرخص مما كانت عليه، لذلك لم يكن التأثير سيئا كما كان يمكن أن يكون».
وكان ارون جيتلي، وزير المالية الهندي، قال في مؤتمر في جامعة كولومبيا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن الهند «لن تتأثر» بسبب التباطؤ الصيني لأنها ليست جزءا من سلسلة التوريد الصينية.. والهند قد تصبح «العمود الصلب» للاقتصاد العالمي في الوقت الذي يتعرض فيه ثاني أكبر اقتصادات العالم للتباطؤ.
ويبدو واضحا أن الهند بدأت تسحب البساط من الصين، التي عُرفت على مدى السنوات الماضية بالمعجزة الاقتصادية. وقالت السكرتير الثاني في سفارة الصين في الهند لي رونغ رونغ، إن الهند قد تُصبح سوقا كبيرة محتملة للصين، وهناك مدى واسع من التعاون الاقتصادي بين البلدين. وأضافت رونغ، بينما كانت تُلقي خطابا في مؤتمر تعزيز التعاون التجاري بين الصين والهند: «في عام 2013 كانت الصين أكبر شريك تجاري للهند. ولأن النمو في الهند هو الأسرع في العالم هذا العام، فهناك إمكانات ضخمة للتعاون بين الصين والهند».
بلغ حجم التبادل التجاري بين شنغهاي والهند في عام 2014 نحو 130 مليون دولار في مجالات البتروكيماويات ومعدات الأنابيب ومنتجات خام والآلات وقطع غيار المركبات، وغيرها.
ويقول الخبير المالي توم ستيفنسون إن التنمية الاقتصادية في الهند ظلت على مدى سنوات طويلة خلف الصين، مع إمكانات هائلة للحاق بالركب. وفي حين أن الصين تُعاني حاليا من تباطؤ النمو وسط مرورها بمرحلة انتقالية صعبة من اقتصاد قائم على الصادرات والاستثمار إلى اقتصاد يقوده ويغذيه الاستهلاك المحلي، فإن النمو في الهند محتمل أن يبقى في الارتفاع.
وتوقع بنك «غولدمان ساكس» مؤخرا أن ينمو اقتصاد الهند بمعدل 9 في المائة بين عامي 2016 و2020، في حال استمرت الحكومة الهندية في تحقيق تقدم في الإصلاحات الهيكلية لسوق العمالة والبنية التحتية والتعليم.
ويُضيف ستيفنسون، في مقالته لصحيفة «ديلي تلغراف»: «حتى مع افتراض، وربما يكون واقعيا، أن قدرة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على خفض الروتين مقيدة بمزيد من البيروقراطية والمصالح الخاصة، فمن المتوقع أن يستقر النمو عند 8 في المائة، في حين أن النمو في الصين من المتوقع أن يتباطأ إلى 5 في المائة أو أقل بحلول نهاية تلك الفترة».
وكما كان الحال مع الصين قبل 15 سنة أو نحو ذلك، فإن الأرقام الحالية توضح أن الاستثمارات الهندية بدأت تلتقط أنفاسها، وقفز مستخدمو الهاتف الجوال من ثلاثة ملايين إلى 950 مليون نسمة بين عامي 2000 و2014. وارتفع استخدام الإنترنت بزيادة 50 مليونا في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، ويتجه لنحو 670 مليونا بحلول عام 2020.
وفي ما يتعلق بسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فقد أحرز مودي تقدما واضحا. فقبل عشر سنوات كان يستغرق الأمر 85 يوما لبدء الشركة، والآن يمكن القيام بذلك في 30 يوما فقط. وخلال العام الماضي تم إنشاء 180 مليون حساب مصرفي جديد، ونحو 800 خدمة حكومية يُمكن إجراؤها اليوم في الهند من خلال شبكة الإنترنت.
في المقابل، يستمر نشاط الصناعات التحويلية في الصين في طريقه إلى الانخفاض، مع تراجع مؤشر مديري المشتريات (PMI) إلى 49.6 في نوفمبر (تشرين الثاني). وكذلك سقط مؤشر ماركت للتصنيع إلى 48.6. ويشمل مؤشر ماركت الشركات الصغيرة، مما يعكس تباطؤ الاقتصاد بشكل واسع.
ويظل اقتصاد الهند راسخا أمام التباطؤ الصيني، وتوقعات رفع الفائدة الأميركية، نظرا لوجود احتياطي مرتفع من النقد الأجنبي يبلغ 354 مليار دولار وتدفق عال من الاستثمارات طويلة الأجل وكذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي تُدعمها الحكومة الحالية من خلال زيادة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.
*الوحدة الاقتصادية
لـ «الشرق الأوسط»



الفائض التجاري الصيني يتجاوز تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الفائض التجاري الصيني يتجاوز تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

تجاوزت صادرات الصين التوقعات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتجاوز الفائض التجاري خلال أحد عشر شهراً من العام تريليون دولار لأول مرة، مدفوعا بارتفاع الشحنات إلى الأسواق غير الأميركية، مع تعميق الشركات المصنعة لعلاقاتها التجارية مع بقية العالم في ضوء الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

وكثف ثاني أكبر اقتصاد في العالم جهوده لتنويع أسواق صادراته منذ فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام الماضي، ساعياً إلى علاقات تجارية أوثق مع جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي، ومستفيداً من الحضور العالمي للشركات الصينية لإنشاء مراكز إنتاج جديدة للوصول إلى الأسواق منخفضة الرسوم الجمركية.

وأظهرت بيانات الجمارك يوم الاثنين نمو صادرات الصين بنسبة 5.9 في المائة على أساس سنوي، متجاوزةً بذلك انكماشاً بنسبة 1.1 في المائة في الشهر السابق، ومتجاوزةً توقعات استطلاع أجرته «رويترز» بنسبة 3.8 في المائة. وزادت الواردات بنسبة 1.9 في المائة، مقارنةً بارتفاع بنسبة 1.0 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وكان الاقتصاديون يتوقعون زيادة بنسبة 3.0 في المائة.

وقال زيتشون هوانغ، الخبير الاقتصادي الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»: «لم تُسهم تخفيضات الرسوم الجمركية المتفق عليها بموجب الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في زيادة الشحنات إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، لكن نمو الصادرات الإجمالي انتعش مع ذلك». وأضاف: «نتوقع أن تحافظ صادرات الصين على مرونتها، مع استمرار البلاد في اكتساب حصة سوقية عالمية العام المقبل». وتابع هوانغ: «يبدو أن دور إعادة توجيه التجارة في تعويض أثر الرسوم الجمركية الأميركية لا يزال يتزايد». ويبلغ متوسط التعريفة الجمركية الأميركية على البضائع الصينية 47.5 في المائة، وهو ما يتجاوز بكثير عتبة الـ40 في المائة التي يقول الاقتصاديون إنها تُضعف هوامش ربح المصدرين الصينيين.

تُظهر البيانات أن الشحنات الصينية إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 29 في المائة في نوفمبر على أساس سنوي، على الرغم من أن الشهر بدأ بأخبار تفيد بأن الولايات المتحدة والصين قد اتفقتا على خفض بعض تعريفاتهما الجمركية ومجموعة من الإجراءات الأخرى بعد اجتماع ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية في 30 أكتوبر.

ونمت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة سنوية بلغت 14.8 في المائة الشهر الماضي، بينما ارتفعت الشحنات إلى أستراليا بنسبة 35.8 في المائة، واستوردت اقتصادات جنوب شرق آسيا سريعة النمو سلعاً أكثر بنسبة 8.2 في المائة خلال الفترة نفسها.

وأدى ذلك إلى زيادة الفائض التجاري للصين إلى 111.68 مليار دولار في نوفمبر، وهو أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران)، من 90.07 مليار دولار مسجلة في الشهر السابق، وأعلى من التوقعات البالغة 100.2 مليار دولار. وتجاوز الفائض التجاري خلال أحد عشر شهراً من العام تريليون دولار لأول مرة.

وصرح دان وانغ، مدير قسم الصين في مجموعة «أوراسيا»: «يبدو أن الآلات الإلكترونية وأشباه الموصلات عاملان أساسيان. هناك نقص في الرقائق الإلكترونية منخفضة الجودة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، واستوردت الشركات الصينية التي تتجه نحو العالمية جميع أنواع الآلات والمدخلات الأخرى من الصين».

• اهتمام بدعم السوق المحلية

وارتفع اليوان الصيني يوم الاثنين، على خلفية بيانات الصادرات التي جاءت أقوى من المتوقع، مع ترقب المستثمرين أيضاً لإشارات السياسة من اجتماعات نهاية العام الرئيسية.

وتعهد المكتب السياسي، وهو أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب الشيوعي الحاكم، يوم الاثنين باتخاذ خطوات لتوسيع الطلب المحلي، وهو تحول يرى المحللون أنه حاسم لفصل الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 19 تريليون دولار عن الاعتماد على الصادرات. من المتوقع أيضاً أن يجتمع كبار المسؤولين في المؤتمر الاقتصادي المركزي السنوي للعمل خلال الأيام المقبلة لتحديد الأهداف الرئيسية وتحديد أولويات السياسات للعام المقبل.

ويقدر الاقتصاديون أن تراجع الوصول إلى السوق الأميركية منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد أدى إلى انخفاض نمو الصادرات الصينية بنحو نقطتين مئويتين، أي ما يعادل نحو 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار التراجع غير المتوقع في أكتوبر، بعد ارتفاع بنسبة 8.3 في المائة في الشهر السابق، إلى أن استراتيجية المصدرين الصينيين المتمثلة في تحميل الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة مسبقاً للتغلب على رسوم ترمب الجمركية قد استنفدت فائدتها.

وعلى الرغم من أن أصحاب المصانع الصينية أفادوا بتحسن في طلبات التصدير الجديدة في نوفمبر، فإنها لا تزال في حالة انكماش؛ ما يؤكد استمرار حالة عدم اليقين لدى الشركات المصنعة في ظل كفاحها لتعويض الطلب في غياب المشترين الأميركيين.

وأظهر مسح رسمي يتتبع نشاط المصانع الأوسع أن القطاع انكمش للشهر الثامن على التوالي.

• قفزات نوعية

من جهة أخرى، ارتفعت صادرات الصين من المعادن النادرة بنسبة 26.5 في المائة على أساس شهري في نوفمبر، وهو أول شهر كامل بعد اتفاق شي وترمب على تسريع شحن هذه المعادن الأساسية من أكبر منتج في العالم.

كما أن واردات فول الصويا الصينية على وشك تحقيق أفضل أداء سنوي لها على الإطلاق، حيث عزز المشترون الصينيون، الذين تجنبوا المشتريات الأميركية معظم هذا العام، مشترياتهم من المزارعين الأميركيين، بالإضافة إلى مشتريات كبيرة من أميركا اللاتينية.

وبشكل عام، لا يزال الطلب المحلي الصيني ضعيفاً بسبب الركود العقاري المطول. وتجلى هذا الضعف في انخفاض واردات النحاس الخام، وهو مادة أساسية في البناء والتصنيع.وعلق لين سونغ، كبير الاقتصاديين في بنك «آي إن جي»، قائلاً: «تتجه الصين نحو ترسيخ الطلب المحلي بصفته محركاً رئيسياً... وتحقيق النمو سيستغرق وقتاً، ولكن من الضروري أن تنتقل الصين إلى المرحلة التالية من تنميتها الاقتصادية».


شنابل من «المركزي الأوروبي»: رفع الفائدة محتمل... لكن ليس قريباً

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

شنابل من «المركزي الأوروبي»: رفع الفائدة محتمل... لكن ليس قريباً

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قالت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي في البنك المركزي الأوروبي، إن الخطوة التالية المحتملة للبنك قد تكون رفع أسعار الفائدة وليس خفضها كما يتوقع البعض، لكنها أوضحت أن هذا الاحتمال غير وارد في المستقبل القريب.

كان البنك المركزي الأوروبي قد خفّض أسعار الفائدة بمجموع نقطتين مئويتين خلال العام حتى يونيو (حزيران)، قبل أن يُبقيها ثابتة منذ ذلك الحين، بينما يدرس ما إذا كانت الإجراءات المتخذة كافية أو أن هناك حاجة إلى المزيد لمنع التضخم من التراجع بشكل كبير، وفق «رويترز».

وقالت شنابل في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ» نُشرت يوم الاثنين: «تتوقع الأسواق والمشاركون في الاستطلاعات أن تكون الخطوة المقبلة لأسعار الفائدة رفعاً، وإن كان ذلك ليس قريباً». وأضافت: «أنا مرتاحة إلى حد ما لهذه التوقعات».

وأشارت شنابل إلى أن المخاطر المحيطة بالنمو والتضخم تميل إلى أن تأتي أعلى من توقعات البنك المركزي الأوروبي، ويرجع ذلك جزئياً إلى صمود الاقتصاد في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية بشكل أفضل من المتوقع. كما لفتت إلى أن تراجع التضخم الأساسي قد توقف في وقت يتعافى فيه الاقتصاد وتتوسع فيه السياسة المالية، وهو ما قد يهيئ الظروف لتسارع وتيرة ارتفاع الأسعار.


«المركزي» الهندي يقتحم سوق السندات في خطوة غير مسبوقة لمعالجة الاختلالات

موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)
موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)
TT

«المركزي» الهندي يقتحم سوق السندات في خطوة غير مسبوقة لمعالجة الاختلالات

موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)
موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)

شهدت أسواق الدين الهندية، يوم الاثنين، تحولاً لافتاً في موازين العرض والطلب، وذلك بعد إعلان البنك المركزي الهندي خطوة غير مسبوقة تقضي بضم السندات ذات الآجال الطويلة جداً (لأجل 25 عاماً) إلى برنامج مشترياته في السوق المفتوحة. ويُعد هذا القرار بمنزلة تدخل «تاريخي» يهدف إلى معالجة اختلالات السوق، مما دفع عوائد سندات الآجال الطويلة للانخفاض الفوري، في ظل ازدياد آمال المستثمرين بتحسن الطلب المستقبلي.

دعم حكومي لسندات الأجل الطويل

أعلن البنك المركزي الهندي نيته شراء سندات حكومية بقيمة تصل إلى 500 مليار روبية (نحو 5.55 مليار دولار)، بما في ذلك سندات تُستحق في عام 2050، وهو أطول أجل استحقاق يقوم البنك المركزي بضمّه على الإطلاق إلى مشترياته. ومن المتوقع أن يكرر البنك المركزي مشتريات مماثلة في 18 ديسمبر (كانون الأول)، مع ترجيح أن تتضمن الأخيرة أيضاً سندات ذات آجال طويلة جداً.

يأتي هذا التدخل لمعالجة اختلال التوازن بين العرض والطلب الذي واجهته سندات الآجال الطويلة (30 عاماً وما فوق) في الأشهر الماضية. ورغم أن الحكومة قلَّصت مزادات هذه الآجال في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى مارس (آذار)، فقد ظل الطلب ضعيفاً من صناديق التأمين والمعاشات، مما أدى إلى ارتفاع العوائد على سندات 30 عاماً وما فوق بنحو 25-30 نقطة أساس خلال عام 2025.

وقد أدى قرار البنك المركزي إلى انخفاض فوري في العوائد، حيث تراجعت عوائد سندات 30 عاماً (7.24 في المائة لاستحقاق 2055) و40 عاماً (6.90 في المائة لاستحقاق 2065) بنحو 3 نقاط أساس، الاثنين. ويؤكد الخبراء أن إدراج السندات ذات الأجل حتى 2050 يعكس جهود البنك المركزي لمعالجة نقص الطلب في هذه الشريحة، مشيرين إلى أن البنك المركزي أصبح مستعداً للتحرك ضد التقاليد القديمة فيما يتعلق بتوزيع مشترياته نحو الأجل الأطول من منحنى العائد.

بنك الهند يتجه لتمويل ذاتي

على صعيد آخر، أعلن بنك الهند خططه لجمع تمويل من سوق سندات الشركات. حيث يخطط البنك لجمع ما يصل إلى 25 مليار روبية (277.28 مليون دولار)، بما في ذلك خيار التوسع في حجم الإصدار بقيمة 15 مليار روبية، عبر إصدار سندات من الشريحة الثانية (Tier II) بأجل استحقاق 10 سنوات، ومتوافقة مع متطلبات «بازل 3». ومن المقرر أن تبدأ عملية طلب عروض سعر الكوبون والالتزام بالإصدار مؤقتاً في 10 ديسمبر، مع توفر خيار الاستدعاء للمستثمرين بعد خمس سنوات.