«القوات اللبنانية» تلوح بفك تحالفها مع «المستقبل» إذا انتخب رئيس «المردة»

مبادرة الحريري لانتخاب فرنجية رئيسًا للجمهورية تنتظر استكمال التفاهمات السياسية

رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التقى وزير الزراعة أكرم شهيب (يسار) في دارته في بنشعي بشمال لبنان أمس (رويترز)
رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التقى وزير الزراعة أكرم شهيب (يسار) في دارته في بنشعي بشمال لبنان أمس (رويترز)
TT

«القوات اللبنانية» تلوح بفك تحالفها مع «المستقبل» إذا انتخب رئيس «المردة»

رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التقى وزير الزراعة أكرم شهيب (يسار) في دارته في بنشعي بشمال لبنان أمس (رويترز)
رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التقى وزير الزراعة أكرم شهيب (يسار) في دارته في بنشعي بشمال لبنان أمس (رويترز)

بعد أكثر من أسبوعين على لقاء رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في العاصمة الفرنسية باريس، والحديث عن مبادرة يعدّها الحريري تفضي إلى ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية وإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ سنة ونصف السنة، تنتظر مبادرة رئيس «تيار المستقبل» الحصول على أوسع تأييد مسيحي ووطني لها، كي تبصر النور. إلا أن موقف حزب «القوات اللبنانية» الذي جاء على لسان النائب أنطوان زهرا، كان مفاجئًا، فهو شدد على «التمسك بـ(14) وبالاعتدال السني وبالتحالف مع سعد الحريري كرمز لهذا الاعتدال»، مؤكدا أنه «إذا انتخب فرنجية رئيسا، فسنعيد النظر بأهداف هذا التحالف».
وبانتظار بيان طبيعة التحفظات التي تبديها بعض مكونات فريق «14»، خصوصًا المسيحية منها، على ترشيح فرنجية، باعتباره أحد صقور فريق «الثامن»، فإن الفريق الأخير لم يحسم خياراته من هذا الطرح سلبًا أو إيجابا، باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أبدى أسفه لإدخال ترشيح فرنجية في الإطار الطائفي، فيما بدا التيار الوطني الحر الذي يتزعمه النائب ميشال عون المرشّح الدائم للرئاسة، رافضًا بالمطلق لهذه المبادرة قبل ولادتها، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية جبران باسيل الذي أعلن رفضه ترشيح «من لا يمثل المسيحيين فعلاً»، غامزًا من قناة حليفه فرنجية، في حين كان القيادي ماريو عون أكثر وضوحًا، عندما دعا رئيس «المردة» إلى «الانسحاب من اللعبة التي تقسّم المسيحيين».
وأمام محاولة تقويض مبادرة زعيم «المستقبل» قبل أن تبصر النور، أعلن عضو كتلته النيابية النائب عمار حوري، أن مبادرة الحريري «لم تكتمل عناصرها، وعندما يحين موعد إعلانها تكون قد اكتملت». وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس الحريري «يسعى للحصول على أوسع تأييد وطني، ويحاول إيجاد تفاهمات وطنية عليها، فإذا لم تكتمل هذه التفاهمات، فلن يعلنها، لأن المطلوب إنجاح المبادرة لا إفشالها». وذكّر بأن الحريري «يعرض فكرة انتخاب رئيس للجمهورية ليس من فريقه»، مضيفًا: «إذا أردنا إنهاء الشغور فيجب أن نضحّي من أجل مصلحة البلد».
ولم ينف حوري وجود «نقاش مع الحلفاء في (14)، إلا أن هذا النقاش يحصل مع الحلفاء خارج الإعلام». وقال: «الرئيس الحريري يعمل على إنضاج مبادرة مع كل القوى السياسية للوصول إلى حل للأزمة القائمة، والنقاش السياسي مفتوح مع الجميع، فإذا كانوا لا يريدون إنهاء هذه الأزمة ويرفضون التجاوب مع طرحه، فلن يعلن المبادرة». وعمّا إذا كانت المبادرة تأتي ضمن سلّة متكاملة تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب، أجاب نائب «المستقبل»: «نحن نتحدث عن مبادئ وليس عن صفقة، وهذه المبادئ تتعلق بكيفية حماية البلد في ظل الحرائق المشتعلة في المحيط، وكما قال الرئيس الشهيد رفيق الحريري: (ليس المهم من يأتي ومن يذهب، المهم أن يبقى البلد)»، مشددًا على أن الحريري «لا يمكن أن يترك البلد يذهب إلى المجهول، بل سيعمل بكل ما أوتي من قوة على تحصينه وتحقيق الحدّ الأدنى من مقومات حمايته».
وذكّر حوري بأن «هناك مسؤولية وطنية كبرى علينا جميعًا في معالجة أمورنا الداخلية وإيجاد حد أدنى من الحصانة الوطنية التي تجنبنا آثار العواصف المحيطة بنا، وبداية هذا الجهد الإيجابي يجب أن تكون بملء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية». أما كلمة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع التي ألقاها في عشاء أقامه الحزب ليل أول من أمس، فجاءت أخف وطأة من كلام زهرا، فأعلن أن «حركة (14) هي من ثوابت تاريخ لبنان الحديث، لأنها تجسد عمليا فكر لبنان الذي تؤمن به أكثريتنا الساحقة».
وقال: «تأتي أحداث وتذهب.. يعيش ناس ويموت ناس، ولكن روح (14) باقية». وأضاف: «العمل السياسي بالنسبة إلينا يحمل هدفا هو إيصال المشروع السياسي الذي نحمله، فأي خطوة تخدم مشروعنا السياسي نسير بها، والعكس صحيح. وبالتالي، ورغم كل ما يطرح، لن نسير إلا بما نحن مقتنعون به وبشكل يخدم قضيتنا والمشروع الذي نؤمن به».
بدوره، أكد وزير الزراعة أكرم شهيب، خلال زيارته فرنجية في دارته في بنشعي (شمال لبنان)، أن «المبادرة أتت لتملأ الفراغ». وتمنى أن تكون «عيدية للبنانيين برئيس للجمهورية، وتعود إلى البلد الحياة السياسية والتشريعية والرقابية». وقال: «أعتقد أن سليمان بك (فرنجية) خامة وطنية أساسية، وهذا بيت كريم وبيت سياسي عريق، ونحن اللبنانيين نلتقي جميعا على حماية لبنان والمجتمع وصونه، وعلى حماية البيئة وإعادة تنشيط الاقتصاد في لبنان».
وأضاف شهيب: «هناك أمل كبير بوصول التسوية المطروحة إلى خواتيمها في أقرب وقت ممكن من خلال حكمة الحكماء في البلد، وإذا كان هناك من بعض الاعتراضات هنا أو هناك، فأعتقد أن التواصل يذلل كل شيء، والحوار أساسي في ظل تناغم عربي وإقليمي في هذه المبادرة، وإن شاء الله تكون خواتيمها سعيدة».
من جهته، قال القيادي في «التيار الوطني الحر» الوزير السابق ماريو عون: «صحيح أن زعيم تيار (المردة) النائب سليمان فرنجية هو من ضمن الزعماء الأربعة الذين تم الاتفاق على أنهم الأكثر تمثيلاً لدى المسيحيين، لكن في ما بعد تمّت تسمية رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون عن فريق (8)، ورئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع عن فريق (14)، وفرنجية ملتزم بهذا الموضوع». وأكد أنه «طالما لم يقل عون كلمته بعد، فلا أحد يترشح بوجهه».
وأكد القيادي في «التيار الوطني الحر» أن «الجنرال عون غير راضٍ عن ترشيح فرنجية، وهو يؤكد ألا مجال لانتخاب أي رئيس للجمهورية دون رضاه». وأمل في أن «يعي فرنجية خطورة ما يحصل ويخرج من عملية تهدف إلى تقسيم المسيحيين، خصوصًا أن المنطقة على أبواب استحقاقات كبيرة جدًا، وهذا ما يستوجب وجود لبنان القوي برئيسه القوي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».