قام مراسلو شبكات القنوات الإخبارية يوم الجمعة الماضي بعمل بث مباشر من داخل منزل مستأجَر خاص بمنفذي إطلاق النار بسان برناردينو (كاليفورنيا) هذا الأسبوع، عرضوا فيه تفاصيل دقيقة للحياة اليومية للعائلة.
وأظهرت تغطية قناة «إم إس إن بي سي» من داخل الشقة في منطقة ريدلاندز بولاية كاليفورنيا الصحافي كيري ساندرز، بينما يعبث بمحتويات خزانة ملابس بغرفة النوم ويقلب بعض الصور، منها صورة طفل.
وفي مقطع مصور، ظهر أندريا ميتشيل يقول: «دعنا نتأكد من عدم ظهور الطفل في الصورة»، بينما يعرض الصورة أمام الكاميرا، مضيفا: «دعنا نخفِ الطفل في الصورة. اقطع هذا الجزء».
وأثناء البث عرضت «إم إس إن بي سي» كذلك رخصة قيادة، وسرير أطفال صغيرًا وورقة ممزقة في سلة مهملات.
وتسببت التغطية الحية التي قامت بها الشبكات الإخبارية، تحديدًا تغطية «إم إس إن بي سي» لمتعلقات شخصية داخل المكان في صدمة للكثير من المشاهدين، منهم صحافيون، شاهدوا مراسلين ومصورين يعبثون بألبومات صور وبعض الوثائق.
وأبلغ صاحب المنزل المكون من طابقين، دولي ميلر، صحيفة «واشنطن بوست»، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» أفرج عن الشقة، وحينها قرر السماح لوسيلة إعلامية واحدة بالدخول وتفقد المكان (لم يحدد اسمها). بيد أنه فوجئ باقتحام آخرين للمكان، مضيفًا أنه سمح لصحيفة «واشنطن بوست» بدخول المنزل.
وأكد مسؤولو وزارة العدل أن العمل انتهى بموقع الجريمة وأصبح من حق صاحب البيت التصرف بالمكان كيفما شاء.
وخلال مؤتمر صحافي عقد يوم الجمعة الماضي، صرح ديفيد باوديك، مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي بمدينة لوس أنجليس، أنه «بمجرد إرجاع المكان لمالكه، فليس من اختصاصنا تحديد من يدخل المكان بعدها».
غير أن شبكتي «إم إس إن بي سي»، و«سي إن إن» دافعتا عن الطريقة التي بثا بها اللقطات.
وقالت شبكة «إم إس إن بي سي» إنه «على الرغم من أننا نكن أول فريق علم يدخل المنزل، فإن شبكتنا كانت أول من بث صورًا حية من الداخل»، مضيفًا أنهم لم يفعلوا ذلك إلا بعد الحصول على إذن بالدخول من المالك: «نعتذر عن إظهار صور فونغرافية وبطاقات شخصية من دون مراجعة».
ووجدت كذلك محطة «سي إن إن» بالمنزل الذي استأجره سيد رضوان فاروق وتشفين مالك، الزوجان الذي قالت السلطات إنهما ارتكبا حادث إطلاق النار الأربعاء الماضي.
وأفاد المتحدث باسم محطة «سي إن إن» أن في رسالة بالإيميل، إن «صاحب البيت سمح لهم بالدخول شأن أي وسيلة إعلامية أخرى»، مضيفًا: «اتخذنا قرارًا كهيئة تحرير بعدم إظهار أي أشياء قد تبدو حساسة أو شخصية عن قرب، مثل الصور الشخصية أو بطاقات الهوية».
وأفاد صاحب العقار أنه لم يرَ الزوجة «تشفين مالك» قبل استئجاره للبيت، وأنها كانت طبيعية، غير أنه أضاف أنه لا يعرف الكثير عن الزوجين، وأنهما كان لديهما مولود عندما انتقلا للمنزل.
وفى تصريح لـ«واشنطن بوست»، قالت كيلي ماكبرايد، معنية بأخلاقيات الإعلام ونائب رئيس معهد بونتير للصحافة، إن بثًا حيًا مثل الذي شاهدناه يوم الجمعة الماضي «يشبه النظر من خلال ثقب الباب، ولا يرتقي لمستوى الصحافة».
أضافت ماكبرايد: «حتى لو افترضنا أنهم حصلوا على تصريح بالوجود في هذا المكان، فمن حقهم فقط الدخول لجمع المعلومات، ويحتم واجبهم الأخلاقي توفير السياق المناسب لتلك المعلومات، لكن البث المباشر من شأنه أن يعيق كل ذلك. لو فكرنا مثلاً في الصحافي الذي وقف على عتبة تلك الشقة، فواجبه الأساسي أن يبلغ المشاهدين بالمعلومات الصحيحة التي تحقق منها، والتي وضعها في سياقها الصحيح.
* «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»