في الوقت الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة الأميركية واحدا من أكبر اقتصادات العالم، إلا أنها ما زالت تحاول التغلب على تحديات الإخفاق في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008. ويرى خبراء أنه على الرغم من ضعف النمو خلال الربع الثالث من العام الحالي، فإن الفرص ما زالت متاحة لعودة الاقتصاد الأميركي إلى وضعه القوي، خاصة مع توقعات بارتفاع سعر الفائدة خلال اجتماع الفيدرالي الأميركي في وقت لاحق هذا الشهر.
ويأتي ذلك الترقب متزامنا مع زيادة معدل التوظيف في أميركا بوتيرة سريعة بنهاية الشهر الماضي، وأضاف الاقتصاد الأميركي 211 ألف وظيفة في نوفمبر الماضي، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء والعمل، مع استقرار معدل البطالة عند أدنى مستوى له منذ 7 سنوات ونصف بنسبة 5 في المائة.
وشهدت قطاعات البناء والخدمات الغذائية وقطاعات البيع بالتجزئة انتعاشا في معدلات التوظيف، وتراجعت قطاعات الصناعة التحويلية بما يقرب من ألف وظيفة والتعدين الذي فقد 11 ألف وظيفة، ويرى محللون أن بيانات التوظيف ستدعم ارتفاع سعر الفائدة، بعد ثبات الأخير لما يقرب من 10 أعوام.
كما ارتفع متوسط الأجور بالساعة بنسبة 2.3 في المائة في نوفمبر الماضي، مقارنة بنفس الفترة من عام 2014، ليرتفع 4 سنتات عن أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ويستقر عند 25.25 دولار.
وقالت جانيت يلين، رئيسة البنك الفيدرالي الأميركي، في اجتماع مع الكونغرس أول من أمس، إن الاقتصاد الأميركي وصل إلى نقطة تحول بحيث يمكنه التعامل مع ارتفاع أسعار الفائدة، مضيفة أن رفع أسعار الفائدة سوف يظهر إلى أي مدى وصل تعافي الاقتصاد الأميركي من آثار الأزمة العالمية.
وقد اهتم البنك المركزي الأميركي بمراقبة سوق العمل ومعدلات التضخم لتحين الوقت لتحديد زيادة أسعار الفائدة، فعلى الرغم من ثقة المستثمرين في رفع أسعار الفائدة في الاجتماع المقرر للفيدرالي يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يرى محللون أن بيانات التوظيف كانت إيذانا بتأهيل الأسواق للقرار.
وبحسب هارم بندولز، كبير الاقتصاديين في شركة «أوني كرديت» للأبحاث الاقتصادية، في تصريح له، فإن «الرسالة باتت واضحة من سوق العمل إلى الاحتياطي الفيدرالي.. فينبغي إزالة الشكوك النهائية حول رفع سعر الفائدة».
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أشارات يلين إلى أنها مستعدة لرفع سعر الفائدة في اجتماع السياسات النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وقالت إن رفع سعر الفائدة «خيار رئيسي»، إلا أن تباطؤ النمو العالمي والسياسات النقدية المتباينة بين الولايات المتحدة ودول أخرى ترجئ الاندفاع نحو القرار.
وفي الوقت ذاته أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة قصيرة الأجل قريبة من الصفر منذ عام 2006، ويرى خبراء أن معدل 100 ألف وظيفة جديدة في الشهر كافية للحفاظ على سوق العمل كوسيلة لدعم النمو الاقتصادي ورفع الأجور، التي كانت في معظمها راكدة منذ الأزمة المالية العالمية.
وبحسب خوان بيريز، المحلل الاقتصادي في مؤسسة «تيمبوس الاستشارية»، فإن التغير في الاقتصاد الأميركي إيجابي ويدعم التوقعات السابقة، مضيفًا في تصريح إعلامي أن الأكثر أهمية من قراءة التغير الاقتصادي هو الوضوح الإيجابي في سوق العمل، لأنه تخطى 200 ألف وظيفة الشهر الماضي و298 ألف وظيفة الشهر قبل الماضي.
وفى استطلاع أجرته «رويترز» أول من أمس بين البنوك المتعاملة مع الفيدرالي الأميركي مباشرة، توقع أغلب المدراء التنفيذيين أن يتم التدرج في تشديد السياسة النقدية بدءا من عام 2016، وذلك بعد رفع سعر الفائدة في الاجتماع المقبل. وفي الوقت ذاته، أوضحت وزارة التجارة الأسبوع الماضي نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام الحالي بنسبة 2.1 في المائة. كما أظهرت بيانات القطاع الصناعي ارتفاع الطلبيات الجديدة بنسبة 1.5 في المائة خلال أكتوبر الماضي، وذلك عقب شهرين من الانخفاض. ويرى محلل الاقتصاد الأميركي روبرت كافسيتش أن الطلب المحلي ما زال قويًا، وهو ما سيعطي أريحية للبنك الفيدرالي للانتقال للخطوة التالية.
وبدوره، يوضح ديفيد بليتزر، رئيس لجنة المؤشر داو جونز، أن الطلب على المنازل والمساكن يظهر قوة في الولايات المتحدة بأكثر من ضعف معدل التضخم، مما سيعزز من وضع الاقتصاد الأميركي.
وفي غضون ذلك، قفزت الأسهم الأميركية أكثر من اثنين في المائة بنهاية جلسات الأسبوع الماضي مدعومة بمؤشرات التوظيف، فأنهى مؤشر داو جونز الصناعي تداولاته مرتفعًا بنسبة 12.2 في المائة، ليغلق عند 17847.63 نقطة، كما صعد مؤشر ستاندر آند بورز الأوسع نطاقًا ليصل إلى 2091.69 نقطة بنسبة 2.05 في المائة، وارتفع مؤشر ناسداك المجمع بنسبة 2.08 في المائة محققًا 5142.27 نقطة.
«مؤشرات التوظيف» تحسم قرار {الفيدرالي} الأميركي برفع الفائدة
تسجيل 211 ألف وظيفة في نوفمبر الماضي
«مؤشرات التوظيف» تحسم قرار {الفيدرالي} الأميركي برفع الفائدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة