سهولة اقتناء الأسلحة.. إشكالية تهيمن على حملة الانتخابات الرئاسية في أميركا

بعد تزايد حوادث قتل المواطنين.. واكتشاف 5 آلاف قطعة سلاح في منزل واحد

الإقبال الكثيف على حمل السلاح يثير قضية سياسية تهيمن على الانتخابات الرئاسية في أميركا(أ.ف.ب)
الإقبال الكثيف على حمل السلاح يثير قضية سياسية تهيمن على الانتخابات الرئاسية في أميركا(أ.ف.ب)
TT

سهولة اقتناء الأسلحة.. إشكالية تهيمن على حملة الانتخابات الرئاسية في أميركا

الإقبال الكثيف على حمل السلاح يثير قضية سياسية تهيمن على الانتخابات الرئاسية في أميركا(أ.ف.ب)
الإقبال الكثيف على حمل السلاح يثير قضية سياسية تهيمن على الانتخابات الرئاسية في أميركا(أ.ف.ب)

فتحت قضية المواطن الأميركي برنت نيكلسون ملفات شائكة أججت حوارا ساخنا بين المواطنين، أصبح مع مرور الوقت يزداد احتداما وإثارة للتساؤلات خلال حملة الانتخابات الرئاسية في أميركا.. إنها قضية حق الأميركيين الدستوري في حمل السلاح، وهو حق لا يضع قيودا على عدد الأسلحة التي يمكن أن يملكها أي مواطن.
وحالة عدم اليقين التي تحيط بكيفية حصول نيكلسون على 5000 قطعة سلاح، وما كان يفعله بها قبل اكتشاف أمره، ألقت الضوء على الخلاف الذي يكتنف مبيعات الأسلحة الخاصة وتسجيلها، وما ينبغي للحكومة أن تعرفه عن أصحاب الأسلحة وكيفية انتقالها من شخص لآخر.
وبرزت قصة نيكلسون للأضواء في 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أوقف أحد الضباط نيكلسون في منطقة يونيون بولاية نورث كارولاينا لتجاوزه إشارة مرور، وعندما اقترب من العربة لاحظ الضابط فوهات بنادق تظهر من وراء المقعد، وبالبحث تبين وجود 20 بندقية وتسع مسدسات، وما يقرب من 200 من أقراص هيدروكودون المسكنة، وكانت معظم الأسلحة مسروقة. وقد ألقي القبض على نيكلسون بتهمة حيازة أسلحة مسروقة والاتجار في المخدرات، ومخالفات تتعلق بالسيارة. لكن حين خطا محققو الشرطة بصعوبة وسط أجزاء السيارات المتهالكة، والإطارات المهملة، والمعدات الصدئة المتكومة في فناء منزل نيكلسون، لم يكن يدور بخلدهم أنهم سيجدون ذلك المخزون المروع الكامن خلف باب المنزل الهادئ.
فبالداخل كان السلاح متناثرا في كل مكان.. بنادق وذخائر متكومة في غرفة المعيشة، والردهات وحجرات النوم.. مسدسات متناثرة على المناضد والمسطحات. وحين فتحوا الباب على مرأب السيارات كان المزيد من الأسلحة متناثرا تحت أقدامهم.
وبعد اعتقاله قال جاي بروكس، قائد شرطة منطقة تشسترفيلد: «لقد تغير تماما مفهومنا لتعبير حمل السلاح. فبعد ستة أسابيع من الاكتشاف لا يزال الضباط يحصون ويصنفون الأسلحة التي تبين أن الكثير منها مسروق، ويتوقع أن يقترب العدد النهائي من 5000 قطعة سلاح.. أنا لا أعرف إن كان قد حدث من قبل أي اكتشاف بمثل هذا الحجم».
ومباشرة بعد خروج هذه القصة للعلن، بدأت تدور تساؤلات حول كيفية اختزان شخص واحد لمثل هذا الكم الكبير من الأسلحة، في وقت يتسلط فيه الضوء مجددا على مدى سهولة الحصول على أسلحة نارية داخل الولايات المتحدة، في أعقاب سلسلة من جرائم القتل الجماعي.
ورغم أن المكتب الأميركي للكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات لا يحصي عدد ما يضبطه من أسلحة، فإن أحد المتحدثين باسمه رجح أن يكون المخزون الذي اكتشف لدى نيكلسون من أكبر ما تم اكتشافه على الإطلاق. أما عن متى ولماذا شرع نيكلسون في جمع مثل هذه الترسانة فلا يزال ذلك في طي المجهول، إذ يحاول المحققون معرفة إن كان مجرد شخص مولع بجمع السلاح، أم أنه كان صماما في «أنبوب من الصلب»، يتيح تدفق الأسلحة النارية غير المشروعة من الجنوب إلى نيوجيرسي، ونيويورك، وولايات أخرى في الشمال.
ونيكلسون مسجون حاليا لاتهامه بعدد من الجرائم المتعلقة بحيازة مسروقات، وتواجه زوجته شارون نيكلسون اتهامات مماثلة، وإن كان أفرج عنها بكفالة. وقد رفضت التطرق إلى تفاصيل القضية، لكنها أكدت خلال مقابلة سريعة أن زوجها كان يشتري أسلحته بشكل قانوني.
وتصدرت قضايا حمل السلاح وتسخيرها في قتل المواطنين الأبرياء حملة الانتخابات الرئاسية في أميركا، خاصة أنها تزامنت مع سلسلة من حوادث القتل الجماعي، كان آخرها إطلاق زوجين مسلحين بكثافة النار في حفل إداري في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا يوم الأربعاء الماضي، وقتلهما 14 شخصا. وقد جاء الهجوم بعد مقتل ثلاثة يوم الجمعة الماضي في مستشفى في كولورادو، ومقتل عشرة في الأول من أكتوبر الماضي في كلية في ولاية أوريغون، مما دفع هيلاري كلينتون، التي تسعى لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي لها في انتخابات الرئاسة، إلى تجديد مطالبتها «بوقف عنف الأسلحة الآن»، وذلك من خلال فرض قيود جديدة على شراء الأسلحة النارية.
وعلى النقيض من موقف هيلاري، يؤكد أبرز مرشحين على قائمة الحزب الجمهوري، وهما دونالد ترامب وبن كارسون، أن خير رد على العنف هو تمكين المواطنين من إحباط مثل هذه الهجمات من خلال تسهيل، وليس تصعيب، شراء السلاح وحمله.
أما الرئيس الأميركي أوباما فقد دعا إلى إصدار قوانين مشددة بشأن حيازة السلاح، في أول تعليق له على حادث إطلاق النار الجماعي في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.