في بلغراد.. وزير خارجية تركيا لم يعتذر لنظيره الروسي عن إسقاط الطائرة

بوتين: الله عاقب القيادة التركية بأن سلبها العقل.. وإردوغان يرد: لستم مجبرين على مساعدة نظام فقد شرعيته

عاملان في متجر أدوات كهربائية في موسكو يحملان أمس جهاز تلفزيون يبدو على شاشته الرئيس الروسي بوتين (إ.ب.أ)
عاملان في متجر أدوات كهربائية في موسكو يحملان أمس جهاز تلفزيون يبدو على شاشته الرئيس الروسي بوتين (إ.ب.أ)
TT

في بلغراد.. وزير خارجية تركيا لم يعتذر لنظيره الروسي عن إسقاط الطائرة

عاملان في متجر أدوات كهربائية في موسكو يحملان أمس جهاز تلفزيون يبدو على شاشته الرئيس الروسي بوتين (إ.ب.أ)
عاملان في متجر أدوات كهربائية في موسكو يحملان أمس جهاز تلفزيون يبدو على شاشته الرئيس الروسي بوتين (إ.ب.أ)

بعد سلسلة من الانتقادات اللاذعة في حق تركيا وقيادتها السياسية على مدى الأيام القليلة الماضية، التقى سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسية مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو على هامش أعمال مجلس وزراء خارجية بلدان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الذي عقد، أمس، في بلغراد.
وقال لافروف حول لقائه مع نظيره التركي، والذي استمر قرابة 40 دقيقة، إن «الاجتماع لم يكشف عن جديد. فالوزير التركي أعاد ما سبق أن قاله رئيس الدولة التركية ورئيس الحكومة، ونحن أكدنا على تقديرنا لذلك العمل الإجرامي»، في إشارة إلى إسقاط الطائرة الروسية، مضيفا أن الرئيس بوتين تناول هذه القضية في معرض خطابه السنوي إلى الأمة، أمس.
وانتهى لقاء وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف وتركيا مولود جاويش أوغلو، من دون أي تغيير في مواقف الطرفين من الأزمة التي تضرب العلاقات بين البلدين منذ إسقاط حادثة إسقاط الطائرة الروسية، إلا أن مصادر في الخارجية الروسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء الذي يعد الأول من نوعه بين مسؤولي البلدين منذ اندلاع الأزمة، يمكن أن يؤسس لحوار ثنائي يعيد ما انقطع في العلاقة بين البلدين، معتبرة أن هذه العلاقات «لا بد من أن تعود إلى طبيعتها». وأشارت المصادر إلى أن وزير الخارجية التركي أبدى أمام نظيره الروسي أسفه للحادثة، لكنه لم يعتذر عنها، مشيرة إلى أن الموقف التركي كان واضحا في مقاربة الملف، مشددا على أن تركيا لم تعرف هوية الهدف الذي أسقطته إلا من خلال وسائل الإعلام الروسية.
وأشارت المصادر إلى أن الجانب الروسي أثار موضوع الحدود السورية – التركية، وضرورة إغلاقها، موضحة أن الجانب التركي كان واضحا لجهة التأكيد على أن ثمة قرارا تركيا بهذا الشأن منذ زمن بعيد، وأن تركيا تقوم بكل ما في وسعها في هذا المجال، غير أن المساحة الشاسعة لهذه الحدود تجعل الأمر صعبا، ولا يمكن ضمان عدم حصول خروقات. كما أشارت إلى أن الوزير التركي أبدى أمام نظيره الروسي «قلقا كبيرا حيال ما تقوم به السلطات التركية بحق المواطنين الأتراك في روسيا».
وأعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال لقائه نظيره الروسي، عن أمله في تخلي روسيا عن اتهاماتها التي وجهتها لبلاده دون تقديم أدلة ملموسة، وإعادة النظر في قراراتها المتسرعة، قائلاً: «لم نتخذ حتى الآن أي قرار ضد روسيا، وسننتظر بصبر تحسن علاقاتنا الثنائية، وعلينا معرفة أن الوضع الراهن للعلاقات لن يستمر مدى الحياة».
وأضاف جاويش أوغلو أن الجانبين «لا يرغبان في تصعيد التوتر، ويريدان تحسين العلاقات من خلال حل الخلافات، وأنا واثق أن العقل السليم سينتصر، وستعود علاقاتنا كما كانت سابقا، بعد انقضاء مرحلة العواطف».
إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، ردًا على اتهامات روسيا حول شراء تركيا النفط من «داعش» بعدم الإصغاء لما سماه بـ«أكاذيب ماكينة الدعاية السوفياتية»، وقال إن «الروس يريدون الدخول في حرب في الأراضي التي لا تمت لهم بصلة مباشرة، وشن الحرب على دول الجوار بمنطق التوسع، وتشغيل ماكينة الدعاية. لذا يجب ألا نكون آذانًا صاغية لأكاذيب ماكينة الدعاية السوفياتية».
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس المبررات التي تقدمها موسكو حيال تدخلها العسكري في سوريا، والتي تدّعي أنها تلبي دعوة النظام السوري، بقوله: {إنكم لستم مُجبرين على مساعدة نظام فقد شرعيته، وقتل 380 ألفًا من أبناء شعبه، على روسيا أن تعي هذا الأمر جيدًا، وقد أعلمت السيد بوتين بذلك مرارًا».
وردًا على الاتهامات الروسية حول شراء تركيا النفط من تنظيم داعش، قال إردوغان إن الادعاءات الروسية في هذا الصّدد تتنافى مع القيم الأخلاقية، وخصوصًا الاتهامات التي طالت أسرته، وأضاف موضحا: «إن الزج بأسرتي في هذا الموضوع أمر غير أخلاقي، لا سيما أن القنوات الإيرانية فعلت الشيء نفسه من قبل. وكنت قد تباحثت مع الرئيس الإيراني بهذا الشأن، وقلت له إنكم تقعون في خطأ كبير، وإذا استمر الأمر على هذا المنوال، فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة، وستدفعون ثمنًا باهظًا، وبعد عشرة أيام مسحوا هذه الادعاءات من مواقعهم»، مشيرا إلى أن «أنظمة الكذب والافتراء والتقية تقف وراء هذه الادعاءات». كما أشار الرئيس التركي في هذا السياق، إلى قيام رجل الأعمال السوري جورج حسواني، الذي يحمل الجنسية الروسية، بتجارة النفط المهرب (من «داعش»)، مشيرًا إلى وجود أدلة تثبت صحة ذلك لدى وزارة الخزانة الأميركية.
وكان بوتين قد وجه الكثير من الانتقادات اللاذعة إلى تركيا أمس، وقال: «إن الله عاقب القيادة التركية بأن سلبها العقل والوعي»، مؤكدا «استحالة نسيان الخيانة التي اعتبرها عارا لا يغتفر، وليعلم ذلك من أقدم على طعننا في ظهورنا، وحاول تبرير فعلته والتستر على جرائم الإرهابيين». كما اتهم الرئيس بوتين القيادة التركية بعقد صفقات نفط مع الإرهابيين بقوله: «إننا نعرف جيدا من أن أولئك في تركيا يملأون جيوبهم ويساعدون الإرهابيين في الحصول على عائدات النفط المسروق في سوريا. ونحن نتذكر أن تركيا كانت الملجأ والملاذ للإرهابيين من شمال القوقاز في مطلع القرن الحالي».
كما وصف بوتين أمس حادث إسقاط تركيا للطائرة الروسية بأنه «جريمة حرب»، وقال إن تركيا ستواجه المزيد من العقوبات، بعد أن حظرت موسكو بالفعل بعض الواردات الغذائية التركية في إطار حزمة من العقوبات الانتقامية، موضحا أن تلك العقوبات لن تكون الأخيرة.
وبلهجة غاضبة، أضاف بوتين أمام البرلمانيين والحكومة وحكام مناطق روسيا في خطاب الاتحاد السنوي أمس: «إذا اعتقد أي شخص أن ارتكاب جريمة الحرب النكراء هذه، وقتل أبنائنا سيمر ببعض الإجراءات التي تتعلق بالطماطم، أو فرض بعض القيود على الإنشاءات وقطاعات أخرى فإنه مخطئ تماما»، وشدد على أن «تركيا ستندم كثيرا على إسقاط الطائرة الروسية«، مؤكدا أنه لن ينسى «أبدا» تلك الواقعة. وبعد دقائق من خطابه أعلن وزير الطاقة الروسي وقف مشروع لإنشاء خط أنابيب للغاز، وهو المشروع الذي كان يفترض أن يمد تركيا على الأمد الطويل بالغاز. كما أعلنت موسكو سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد أنقرة تشمل قطاعي السياحة والزراعة.
من جهته، قال جاويش أوغلو أمام مؤتمر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إنه «ينبغي عدم الخلط بين حادث 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ومعركتنا ضد عدونا المشترك (داعش) والإرهاب، وينبغي ألا يساء استغلاله لأهداف سياسية»، فيما ذكرت محطة «تي آر تي» التلفزيونية التركية، أمس، أن وزير الخارجية التركي أكد أن «توقُّع حل جميع المشكلات مع روسيا في اجتماع واحد أمر غير واقعي، لكن من المهم إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة».
وأضاف وزير الخارجية التركي أن بلاده قدمت تعازيها إلى روسيا في مقتل أحد الطيارين عندما أسقطت مقاتلات تركية طائرة حربية فوق الحدود السورية، وهو ما سبب أزمة خطيرة بين البلدين، وقال للصحافيين: «لقد عبّرنا عن حزننا وقدمنا تعازينا في مقتل الطيار الروسي».



روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
TT

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

أعلنت روسيا، اليوم الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتي بوكروفسك وكوراخوفي الاستراتيجيتين.

وأوضحت وزارة الدفاع في إحاطتها اليومية أن قواتها «حررت» بلدة فيسيلي غاي جنوب كوراخوفي، وبلدة بوشكين جنوب بوكروفسك في منطقة دونيتسك، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسرَّعت موسكو من وتيرة توغلها في هذه المناطق التي تُستهدف بهجمات منذ أشهر عدة. وسيطرت على مساحة من الأراضي الأوكرانية في نوفمبر (تشرين الثاني) أكبر من المساحات التي استولت عليها في كل شهر منذ مارس (آذار) 2022، على ما أظهر تسجيل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات من معهد دراسات الحرب ومقره في الولايات المتحدة.

وأشار تجمع القوات الأوكرانية في خورتيتسيا، الأحد، إلى «مواجهات مضنية» متواصلة في محيط مدينة كوراخوفي وداخلها، فضلاً عن مدينة تشاسيف يار شمالاً الواقعة على تلة، والتي تتعرض لهجوم.

وقال التجمع عبر «تلغرام»: «الوضع معقد ويتغير باستمرار. قواتنا تنظم صفوفها راهناً لتحسين وضعها التكتيكي».